معركة أولي البأس

طوفان الأقصى

حظر داعمي فلسطين الكترونيًا: كيف يُكسر المُشغّل الأمريكي؟
16/10/2023

حظر داعمي فلسطين الكترونيًا: كيف يُكسر المُشغّل الأمريكي؟

لطيفة الحسيني

في تقييمها لتأثير مواقع التواصل الاجتماعي على صورة الكيان الصهيوني، وصفت صحيفة "هآرتس" نشاط هذه المنصّات بـ"ساحةٍ للمعركة الرقمية". العدوّ يُدرك أهمية هذا العالم الذي لم يعد افتراضيًا. صحيحٌ أن الدعم التقني الأمريكي اللامحدود يُشكّل رافعةً متقدّمة لتجميل صورة الصهاينة وجرائمهم في مختلف وسائل الإعلام الأجنبية والوكالات والصحف والمواقع العالمية، غير أن الاسرائيليين لا يكتفون بها، بل يعملون على ما هو أضخم لتأمين أكبر حجمٍ من الفعالية التي تصبّ في صالحهم.

الصهاينة يوظّفون المنصّات لصالحهم

جهدٌ هائلٌ يبذله مسؤولو الكيان بهدف كبح كلّ من يُهاجم العدو وإرهابه. بحسب "جيروساليم بوست"، وزير الاتصالات يوعاز هندل عمل عام 2021 على تشكيل لجنة تتولّى كبح جماح شركات التواصل الاجتماعي وجعلها مسؤولة عن المُحتوى الذي يظهر على منصّاتها. جيش العدو مشى على الخطّ نفسه، وقرّر وضع إعلان على موقعه الرسمي يستقطب فيه "نجوم الانترنت واليوتيوب" ومن لديه تأثير على مواقع التواصل الاجتماعي أو أي شخص يقف أمام الكاميرا طوال اليوم ولديه القدرة على كتابة وإنتاج مقاطع الفيديو للعمل لصالحه تحت عنوان خدمة الجيش.   

الحشْد على صفحات الناشطين يتوسّع أكثر مع تجنيد الصندوق القومي اليهودي مجموعة من 16 شابًا مؤثرًا على الإنترنت من الكيان الغاصب للترويج لمحتوى مؤيّد لـ"إسرائيل" يستهدف تأمين تعاطف أكبر معها.

في المقابل ومع بروز أكثر من تطبيق اجتماعي يحظى بمتابعة الملايين من حول العالم، يسعى الصهاينة الى زيادة الاهتمام بهذه المنصّات لتشملها الدعاية الاسرائيلية. تقول الباحثة اليهودية كسينيا سفيتلوفا إن الناشطين الفلسطينيين ينجحون في استغلال منصة "تيك توك" لدعم القضية الفلسطينية و"التحريض" ضدّ "تل أبيب". كذلك ترى المدوّنة الصهيونية في موقع "زمن إسرائيل" ديبورا دنان أن "الناشطين الإسرائيليين هم أفضل سلاح تمتلكه "تل أبيب" في حرب المعلومات".

نتنياهو التقى إيلون ماسك

أمام هذا الواقع، كان لا بدّ من تحرّك اسرائيلي على مستوى أرفع لزيادة التعاطف مع جرائم الصهاينة. وبالفعل، التقى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في أيلول الفائت في كاليفورنيا مالك موقع "إكس" ("تويتر" سابقًا) إيلون ماسك، طالبًا منه وضع حدّ لـ"معاداة السامية" عبر منصّته. بالطبع، تنسجم هذه الخطوة مع ما تعمل عليه شبكة هاغانا الإنترنت (Internet Haganah) الاسرائيلية التي ترصد كلّ محتوى عالمي يُدار ضدّ ما تعتبره "الجهاد الالكتروني" بوجه العدو. المنظّمة يديرها صهاينة وأمريكيون من أصول يهودية.

التقييد في "طوفان الأقصى"

بُعيد عملية "طوفان الأقصى"، برزت نتائج هذه الاجراءات بشكل واضح. منصّات الـ"فيسبوك" والـ"انستغرام" والـ"تيك توك" و"إكس" (تويتر) شنّت حربَ تقييد على كلّ المتحويات التي نُشرت من أجل التضامن ودعم القضية الفلسطينية، حجَبَت بعضها، أوقفت حسابات آلاف الناشطين المؤيّدين للمقاومة الفلسطينية، خفّضت حجم التفاعل مع المنشورات المُتعاطفة مع أهل غزة، مَنعت التداول بصور قادة الفصائل الفلسطينية وشعاراتها، كما حظرت استخدام المصطلحات الدالّة على الأزمة الإنسانية في القطاع والعدوان الصهيوني عليه.
 
وفق المعلومات المتوفّرة، حُذف أكثر من نصف مليون فيديو فقط على "تيك توك" عمل على نقل الصورة الحقيقية في فلسطين. بيان موقع "تيك توك" أوضح أن مركز القيادة لديه يجمع فريقه العالمي المؤلّف من 40000 موظّف لمراقبة المحتوى على التطبيق الذي يستخدمه مليار شخص شهريًا حول العالم.

حربٌ مع المشغّل الأمريكي

يقول الخبير في أمن المعلومات علي أبو الحسن لموقع "العهد" الإخباري إن "ما يحصل اليوم هو حرب عقول فعلية، والمعركة تُخاض مع مشغّل هذه الحرب أي الأمريكي".

يؤكد أبو الحسن أن "التحدّي اليوم لأصحاب الحسابات المؤيّدة لحركات المقاومة في المنطقة أن يستطيعوا التحايل على السياسات الموضوعة من قبل المُشرفين على منصّات التواصل الاجتماعي الأكثر استخدامًا وانتشارًا"، ويُضيف "هذه المواقع لديها طاقم بشري يضع قواعد للنشر ويعمل على تنفيذها، غير أن الأخطر في هذه الاجراءات المُقيِّدة هو الاعتماد على تقنيات الذكاء الصناعي في تحليل محتويات ومنشورات الـ"فيسبوك" و"انستغرام" و"تيك توك" و"تويتر"، فهذه الفرق البشرية تضع مجموعة كلمات على القائمة السوداء يُمنع استخدامها أو حتى استخدام مرادفاتها".

بحسب أبو الحسن، التضييق على المواقع الالكترونية التابعة لمحور المقاومة مستمرّ، وقد صودرت في مرّات كثيرة مجموعة أسماء لها. أمّا على صعيد شركة ميتا مالكة "فيسبوك" و"انستغرام" و"واتسآب"، فهي تعمل بأمر مباشر من وزارة الخزانة الأمريكية لذلك تنشط لإقفال الحسابات المُناهضة للإسرائيليين والأمريكيين، أو تجميدها لفترة محدّدة، أو حتى التحكّم بمضمونها.

أمّا على صعيد تطبيق "تيك توك" الصيني، فيشرح أبو الحسن أنه مُلزم بتنفيذ الشروط الأوروبية والأمريكية ليعمل وينتشر في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لذلك فَتَح خوادم له في تلك البلدان واستجابَ للمعايير التي تفرضها، مع العلم أن النُسخة المُستخدمة من "تيك توك" في الصين تختلف عمّا هي عليه في باقي الدول.

يلفت أبو الحسن الى أن "غوغل أيضًا وبريد الـ gmail أوقف أيضًا تطبيقات وحسابات خاصة بحركات المقاومة في أكثر من حالة، وليس مُستبعدًا أن يُعيد الإغلاق مرة أخرى".

ويُبيّن أبو الحسن أن "وسائل التواصل لن تتوقّف عند حظر الحسابات أو منع التعليق أو حذف المنشور أو إرسال تحذير بسبب خرق السياسات، فهي تلجأ الى موضوع Reach أو مَدَيات انتشار المنشور وحجم الجمهور الذي يصله، للحدّ منه كي لا يصل الى المُجتمعات الأوروبية والأمريكية وحول العالم ككلّ".

الاتحاد العربي للإنترنت والاتصالات قادر على منع التقييد

هل من سبيل يُحبط كلّ هذا المنع والحجب؟ يُجيب أبو الحسن "لم توضع الى الآن معايير أو شروط لعمل هذه المنصات في الدول العربية، ولا يبدو أن هناك أيّ جهد سيُبذل في القريب لهذه الغاية"، ويضيف "الاتحاد العربي للإنترنت والاتصالات قادرٌ على اتخاذ هذه الخطوة لو أراد فعلًا ذلك، يستطيع تهديد "فيسبوك" و"تيك توك" و"انستغرام" والاشتراط عليه بترك الحرية للمُستخدمين العرب ضمن نطاقهم للتعبير عن مواقفهم وإلّا تُغلق هذه التطبيقات في العالم العربي وكلّ الوسائل الأخرى".


كيف يتغلّب الناشطون على اجراءات التقييد والتضييق؟

وللتغلّب على المحاذير الموضوعة على المحتويات العربية الداعمة للقضية الفلسطينية ومعاناة أهل غزة، ينصح أبو الحسن الناشطين بالتالي:

* فصل الحروف في الكلمات الدالّة على فلسطين، ووضع أحرف أجنبية ضمن الكلمات العربية.
* التفاعل الإيجابي مع الحسابات والمنشورات الداعمة لفلسطين لتقويتها عبر المُشاركة والإعجاب والمُتابعة.
* عدم التفاعل مع الحسابات المُعادية أو مُتابعتها بالضغط على زرّ الـfollow كي لا نقوم بتقويتها.
* عدم استخدام الصور الواضحة التي تحتوي على السلاح والدماء والاستعاضة عنها بنشر رسومات أو رموز مُعبّرة.
* تنويع مواد النشر وليس الاقتصار على شكل واحد أو موضوع واحد.
* الحرص على النشر بمُختلف اللغات.
* تجنّب وضع أكثر من وسم أو هاشتاغ للمنشور.
* عدم اعتماد سياسة النسخ واللصق (Copy Paste)، بل اللجوء لتعديل الصياغة.
* عدم الإفراط في التفاعل مع المنشورات، وتوزيعها على فترات زمنية مُتباعدة.
* اللجوء الى نشر الصور والفيديوهات الإنسانية بعيدًا عن مقاطع المجازر.
 

مواقع التواصل الاجتماعي

إقرأ المزيد في: طوفان الأقصى