لبنان
جولة أمريكية استطلاعية في لبنان لم تحمل جديدًا.. وجلسة للحكومة الاثنين
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على الجولة الاستطلاعية التي قامت بها مساعدة وزير الخارجية الأميركية، بربارا ليف، والتي أجرت خلالها محادثات في بيروت، مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، والتي لم تحمل فيها أي فكرة أميركية جديدة مرتبطة بالملف الرئاسي.
إلى ذلك، يجتمع مجلس الوزراء يوم الاثنين، في جلسة مخصصة للبحث في زيادة على رواتب موظفي القطاعين العام والخاص، ومن المتوقع أن تنعقد الجلسة على وقع تحركات شعبية دعا إليها العسكريون المتقاعدون وقطاعات وظيفية عدة منهم الأساتذة.
"الأخبار": انتخاب فرنجية: التسوية أهم من الأصوات
قالت الصحيفة إن تحوّلات الإقليم المرتبطة بالاتفاق الإيراني – السعودي، تترافق مع حراك ديبلوماسي يتكثف يوماً بعد آخر، وحديث عن مبادرات لحل في اليمن وآخر في العراق وثالث في سوريا. أما بالنسبة إلى لبنان، فحجم التفاؤل بـ«حل سريع» يستوجِب بعض التروي.
درجت العادة أن يكون هذا البلد أولى حلبات التقاتُل في أزمنة الصراعات وأولى ساحات الانفراج في لحظات التسويات. في السنوات الأخيرة من الحرب الأهلية، أنتجَ الاتفاق السوري – السعودي - الأميركي اتفاق الطائف، وجاءت الـ «سين - سين» بعد اتفاق الدوحة. ومنذ اندلاع الحرب على سوريا حملَ لبنان مع سوريا قميصها الملطخ بالدم ومخاطر على مختلف المستويات، أدت في نهاية المطاف إلى حافة الانفجار. اليوم، مع عودة الهدوء إلى الساحة الإقليمية، وعلى بُعد حجر من التطبيع السوري - السعودي، ليس السؤال متى يصل قطار التسوية إلى محطة بيروت، بقدر ما صارَ السؤال عن شكل هذه التسوية. مهما يكُن من أمر، فإن إنهاء الشغور الرئاسي بات يحتّم توافقاً سياسياً لا مناص منه. هذا التوافق، يقرأه عديدون، كرافعة لأسهم وصول الوزير السابق سليمان فرنجية كرئيس حلّ بالتوازي مع التغيرات الإقليمية.
ليسَت الضوضاء الرئاسية جديدة على بنشعي، ولا على اسم فرنجية في بورصة الأسماء المرشحة لبلوغ قصر بعبدا. بدأ ذلك عام 2004، مع طرح الرئيس الراحل رفيق الحريري اسمه لقطع طريق التمديد على الرئيس إميل لحود، ثم عام 2015 عندما قرّر الرئيس سعد الحريري دعمَه بمباركة من رئيس مجلس النواب نبيه برّي ووليد جنبلاط والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. جعلَ ذلكَ من رئيس تيار «المردة» عضواً «طبيعياً» في نادي المرشّحين الدائمين والطبيعيين، وإن لم يخرج إلى الناس شاهراً ترشيحه. لكن «العبرة» تبقى في التوقيت، على ما تقول مصادر «المردة»، رداً على الأسئلة الملغومة عن إحجام الرجل حتى الآن عن فعل ذلك، والتي تقود إلى إجابات تدينه أو تقلّل من شأن حيثيته التمثيلية وأحقيته، أو القول إنه غير واثق من قدرة الفريق الذي يدعمه على خوض معركته حتى النهاية. حالياً «يعتبر فرنجية نفسه الأوفر حظاً لأن مواصفات التسوية مطابقة له أكثر من أي وقت مضى»، لذا «لن يكون انسحابه بالبساطة التي يتوقعها أي طرف، وهو يُعتبر مرشحاً طبيعياً استناداً إلى حيثيته المسيحية والوطنية، ومن البديهي أن يكون اسمه متداولاً في الكواليس المعنية بالشأن اللبناني».
يخوض فرنجية معركة وصوله إلى القصر الجمهوري بهدوء، مستنداً إلى لعبة الوقت، ومراهناً على المتغيرات الإقليمية التي «تصبّ لمصلحته»، والتي إذا ما سارت وفقَ الطريق المرسوم لها فإنها حتماً ستدفع خصومه إلى التراجع. لا علاقة للأمر بعدد الأصوات التي ستدعمه، ورهاناته غير مرتبطة بحسابات الورقة والقلم. رصيده السياسي الحالي في الكواليس الخارجية والداخلية يجعله متقدماً على منافسيه المعلنين وغير المعلنين. هذا ما تؤكده دردشات سفراء الدول على موائد الاجتماعات حيث صارَ النصِاب الدولي والإقليمي شبه مكتمل، في انتظار الصوت السعودي. المباركة الفرنسية متوافرة والفيتو الأميركي غائب، باعتراف من السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا التي أكدت قبلَ أيام في مأدبة عشاء أقامها على شرفها الرئيس تمام سلام «أننا سنكون سعداء بانتخاب رئيس للجمهورية، وبالتأكيد سنتعامل مع فرنجية في حال انتخب». مع ذلكَ، يتمسك رئيس المردة، وفقَ مقربين منه، بالتسوية الكاملة وبالإجماع عليه، فذلك من «موجبات الانتخاب»، لأن الأهم من وصوله هو «توافر ظروف إقليمية ودولية تسمح له بممارسة حكمه من دون ضغوط ولا كيديات، فيتحول عهده إلى عهد تنتيع لا عهد انفراجات».
على عكس خصومه الذين يستحضرون اجتهادات سياسية للقول إنها ستخرجه من السباق، يُنظر في بنشعي إلى التوافق في الإقليم كرافعة لحظوظ الرجل. يستند المقربون من فرنجية إلى معطيات، تبدأ في ما يدور في كواليس باريس التي هي «على تواصل دائم مع فرنجية عبر أفراد من خلية الإليزيه»، وقد طرح الفرنسيون فكرة المقايضة على السعوديين لإيصال فرنجية مقابل تولي السفير نواف سلام رئاسة الحكومة، لكن توقيت طرحهم لم يأت على هوى السعوديين الذين كانوا يرفضون «مبدأ النقاش في الملف اللبناني لا بأسماء بعينها، ما حالَ دون الوصول إلى النتيجة المطلوبة».
اليوم، بعد الاتفاق السعودي - الإيراني، تشتد التحريات في بيروت لفهم ما إذا كانَ قد حصل تبدّل في الموقف السعودي من الملف اللبناني ومن ترشيح فرنجية نفسه، وهو سؤال يجيب عليه مقربون من فرنجية بالقول إن «المواقف التي نٌقلِت عن السعوديين في ما خصّ فرنجية كانت أقرب لتمنيات معارضيه من كونها تمثل الموقف السعودي الحقيقي». وما وصلَ إلى بنشعي عن أجواء الاجتماعات الفرنسية – السعودية لم يكُن إيجابياً، لكنه أيضاً لم يكُن سلبياً بالمعنى الحرفي لما حاولت بعض الأطراف الداخلية إشاعته. السعوديون «لم يقولوا يوماً أنهم يرفضون سليمان فرنجية، هم وضعوا مواصفات ومعايير محددة قد لا تنطبِق عليه كما لا تنطبق على غيره»، لكن المستجدّ أنهم، بحسب ما ينقل أصدقاء بنشعي من الفرنسيين، «أصبحوا أكثر ليونة في الحديث عن لبنان».
ولم يخفِ هؤلاء اعتقادهم بأن «الرياض بعد الاتفاق أصبحت في مكان آخر، فالسياسة الخارجية السعودية خرجت من العباءة التقليدية في إدارة أزماتها، بالتالي فإن الساحة اللبنانية ليست هي ساحة المكاسب السياسية، بل الساحة اليمنية. والرياض اليوم تعلَم أن مكاسبها في اليمن تدفعها إلى التصرف بإيجابية في ساحات أخرى، وأن أي مكسب في دول المنطقة يُمكن أن تحققه السعودية بالنسبة إليها أهم وأكبر من الزواريب اللبنانية».
الساحة الداخل
كل تلكَ العناصر المذكورة، يُضاف إليها عنصر «القبول الداخلي» الذي يتمسّك به فرنجية. فهو «ليسَ مرشّح حزب الله وحركة أمل، كما يحاول البعض تصويره، بل مرشّح كل من يؤيده»، وربما «لو ترِك للنواب حرية الاختيار فإن اجتياز حاجز الـ 65 صوتاً سيكون أسهل معارك فرنجية». وفي بنشعي كلام واضح بأن فرنجية «ليسَ رئيس مواجهة أو رئيساً مفروضاً بالقوة وليسَ في برنامجه الرئاسي بند الانتقام من خصومه، لكنه أيضاً لن يقدم ضمانات لأي أحد بمعنى المكاسب، خصوصاً أولئك الذين يعمدون إلى طرح شروط تعجيزية أو معرقلة». وعلى الموجة نفسها، يشدد «المرديون» على أن «فرنجية لن يمارس سياسة الإلغاء ضد أحد، بل سيعطي لكل طرف حقه». أما عن المعضلة المسيحية المتمثلة برفض أكبر كتلتين مسيحيتيْن، فالعبرة «ليست في كثرة المؤيدين لفرنجية قبلَ انتخابه، بل في قدرته على استقطاب الجميع واحتوائهم بعدَ وصوله إلى بعبدا، وهذا أحد الأهداف التي يضعها فرنجية نصب عينيه، لأنه واحد من أسباب نجاح العهد». يستعين هؤلاء بتجربة الرئيس ميشال عون الذي «أتى بغطاء مسيحي وطني، لكنه فقدَ الغطاءين بعدَ انتخابه وصارَ على خصومة مع غالبية القوى السياسية، ما أدى إلى تدمير عهده». تكمن المشكلة، بالنسبة لبنشعي، في «خوف خصوم فرنجية من توافر عوامل داخلية وخارجية تساعده على النجاح، وهذا ما لا يصبّ في مصلحتهم، وهم يفضلون رئيساً ضعيفاً يفشل في إدارة عهده لأن نجاح أي شخصية رئاسية سيهدد حجمهم»، وهنا تظهر مخاوف من أن يعمَد هؤلاء، وعلى رأسهم سمير جعجع، إلى «التمرّد المتهور على التسوية الآتية بشكل يهدّد المصلحة المسيحية والوطنية». ولا يخفي المقربون من فرنجية قناعتهم بأن «بكركي ليسَت في صف المعارضين، بل هي تتعامل بإيجابية وهدوء مع ترشيحه استناداً للكلام الذي نقله موفدوها إلى زعيم المردة». أما بالنسبة للقوى السياسية الأخرى، فيفضل تيار «المردة» ترك رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ليقرر وحده موقعه في التسوية المقبلة لدى حلول موعدها، من دون تكهنات حول موقفه النهائي. أما النواب السّنة، فإن «فرنجية في ميزانهم هو الأكثر اعتدالاً واستقطابهم في ظل التوافق الإقليمي أمر طبيعي».
البرنامج الرئاسي حاضر
لا يغوص أهل بنشعي في تفاصيل البرنامج الرئاسي لفرنجية، والذي أصبحَ في متناول يد المعنيين بالملف الرئاسي. لكن الأكيد أن «البيك يحسبها جيداً ويفكّر استراتيجياً. فمواقفه المعروفة لن تتبدل لا في التأكيد على علاقة جيدة مع الرياض ولا في التمسك بدعم المقاومة ولا المجاهرة بالعلاقة العميقة مع سوريا، وهو رئيس لكل اللبنانيين ورئيس للتعاون مع كل الدول الصديقة للبنان». وكل من سأله عن عدد من القضايا «سمع رأيه بموضوعية لا تتناقض مع سلوكياته السياسية، مثل ملف الاستراتيجية الدفاعية التي لا يرفض فرنجية إجراء حوار بشأنها ولكن ليسَ من باب الشروط الانتقامية وإنما بما يخدم مصلحة البلد والدفاع عنه».
"البناء": ليف تخاطب الرياض من بيروت: لن نترك لبنان لكم بعد التفاهم مع طهران برعاية بكين
في المشهد الإقليمي تصدّر الإعلان الأميركي عن نجاح عملية استهداف القواعد الأميركية في منطقة شرق سورية بإلحاق خسائر بشرية كناية عن قتيل وخمسة جرحى، مع الإعلان عن ردّ أميركي باستهداف قواعد لقوى المقاومة في المنطقة، مع التأكيد بعدم وجود نية أميركية بالتصعيد، ومعلوم وفقاً للبيانات الأميركية والإسرائيلية والدراسات الصادرة في واشنطن وتل أبيب أن العملية وما سبقها من عمليات مشابهة وما سيليها، تأتي رداً على الغارات الإسرائيلية داخل سورية، في جانب منها، ورفضاً للاحتلال الأميركي في الجانب الآخر، وفيما واشنطن تشجع الاسرائيليين على مواصلة غاراتها، وتتمسك ببقاء احتلالها، لا يمكن لها أن تتوقع وقف العمليات ضدها، بينما وضعت مصادر سياسية البيان الأميركي محاولة لتحويل العملية التقليدية الى منصة سياسية لإيصال رسالة مضمونها النية الأميركية بالمشاغبة على مناخات إيجابية تجاه سورية سواء من تركيا او من دول الخليج، تتمة لما سبق وقاله رئيس أركان الجيوش الأميركية مارك ميلي في زيارته لمنطقة شرق سورية وتأكيد بقاء قواته فيها، رغم عدم وجود أي صيغة قانونية وشرعية تبرر تمركز قواته في سورية.
في لبنان رسالة مشابهة حملتها جولة معاونة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف، في جولة على المنطقة هي الأولى بعد إعلان الاتفاق الثلاثي الصيني السعودي الإيراني، لم تحمل أي مضامين جديدة سياسياً او اقتصادياً، وليف صاحبة وصايا الفوضى والمزيد من الانهيار أملاً بتغيير المعادلة بوجه المقاومة، تبدو زيارتها وفقاً للمصادر السياسية المتابعة نوعاً من الرسالة الضمنية للسعودية تقول إن واشنطن لن تترك لبنان للسياسات السعودية كما كان الحال قبل الاتفاق السعودي الإيراني، وإن ما كان قبل الاتفاق غير ما بعده.
وفيما لم يحمل المشهد السياسي تطوّرات جديدة بظل استمرار المراوحة بالملف الرئاسي، خطفت زيارة مساعدة وزير الخارجيّة الأميركيّة لشؤون الشّرق الأدنى باربرا ليف لبيروت الأضواء.
واستهلّت ليف جولتها ترافقها السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، بزيارة رئيسَ الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في كلمنصو، فاستقبلها بحضور رئيس كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط، والنائب راجي السعد، حيث كان عرض لمجمل الأوضاع والتطورات السياسية. بعدها انتقلت الى عين التينة واجتمعت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، قبل أن تحط في وزارة الخارجية للقاء الوزير عبدالله بوحبيب وتمّ البحث في التطورات السياسية والاقتصادية في لبنان وما يجري في المنطقة من تحوّلات لا سيما انعكاسات الاتفاق السعودي – الإيراني والصراع اليمني والأزمة السورية.
وأكدت خلال لقائها مع رئيس مجلس النواب أن “لا يُمكن أن يستمرّ الوضع في لبنان على ما هو عليه لمدة طويلة، في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور ويجب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على حلّ في أسرع وقت ممكن”. ونقلت مصادر عن ليف قولها إن الولايات المتحدة ستتعامل مع أي رئيس ينتخب في لبنان وفق السياسات المتبعة في بلادها.
وبحث رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مع ليف في دارته، الأوضاع الراهنة في لبنان والعلاقات الثنائية، ونتائج جولة ليف على عدد من دول المنطقة. وقد استبقاها والوفد الأميركي إلى مائدة الإفطار.
ووضعت أوساط سياسية زيارة ليف الى لبنان في إطار استطلاع الأوضاع السياسية والاقتصادية والمالية عن كثب لتحديد كيفية التعامل مع الملف اللبناني في ضوء المتغيرات الإقليمية لا سيما الاتفاق الإيراني السعودي والانفتاح العربي الخليجي على سورية واحتمالات انعكاساتها على لبنان بالتوصل الى تسوية رئاسية، لا سيما في ظل وصول سياسة العقوبات والحصار الاقتصادي منذ 4 سنوات إلى طريق مسدود. ولفتت الأوساط لـ”البناء” الى أن الأميركيين مستمرّون بسياسة العقوبات والحصار على لبنان لإخضاع لبنان لمشروعهم في المنطقة وتنفيذ إملاءاتهم تحت ذريعة التفاوض مع صندوق النقد الدولي وتنفيذ شروطه التي تنطوي على شروط سياسية واقتصادية أميركية غربية تتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي وتقييد سلاح المقاومة وتقديم ضمانات أمنية لـ”إسرائيل” والتوطين والتقسيم واستيعاب اللاجئين السوريين، متسائلة عن أسباب عرقلة الأميركيين لمشروع تفعيل خط الغاز العربي الى لبنان تحت حجة رفض البنك الدولي تمويله مالياً لعدم تنفيذ لبنان الإصلاحات المطلوبة في قطاع الكهرباء لا سيما تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء ورفع الجباية. واعتبرت الأوساط أن الأميركيين يريدون رئيسين للجمهورية والحكومة ينفذان إملاءاتهم ويلجمان الاندفاعة اللبنانية باتجاه اعادة تصحيح العلاقات مع سورية والانفتاح على الشرق لا سيما الصين.
وكان لافتاً أن جدول زيارة ليف لم يشمل المرجعيات المسيحية السياسية والدينية، لا سيما رئيس القوات ورئيس الكتائب ولا منظمات المجتمع المدني كما درجت العادة، ما يُخفي برودة ما في العلاقة بين الأميركيين وحلفائهم في لبنان، وتجاهل واشنطن للملف الرئاسي.
وأشار رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين، أنّه “لا شك في أنّ الإسراع في انتخاب رئيس الجمهورية هو أمر مهم، لكنه يتطلب مقاربة موضوعية بعيدة عن كل التهويل الخارجي وعن كل المصالح الخارجية، من أجل تحقيق مستلزمات الشراكة الوطنية الصحيحة بين جميع أبناء البلد”.
واعتبر خلال خطبة الجمعة، أنّه «ما لم تكن هناك مقاربة جديدة من قبل البعض بعيدًا عن الخارج، لن يصل لبنان الى مرحلة الإنقاذ، أو إلى مرحلة بداية الإنقاذ، هذا الأمر محسوم ولا بد منه. ويجب أن نعرف أن المشكلة الاقتصادية في أساسها وفي أصولها الذي اوجدها هو هذا الخارج، فكيف نتوسّل الخارج لحل مشكلتنا هو الذي يتوغل وهو الذي يمعن في إذلال اللبنانيين وهو الذي يمعن في منع الحلول عن اللبنانيين».
وشدّد صفي الدين، على أنّ «ما نشر بالأمس أصبح واضحاً جداً لكل اللبنانيين، أن قضية الكهرباء والبنك الدولي كانت بلا أساس، وعبّر البعض أنها كانت كذبة كبيرة على مدى سنة ونصف أو أكثر، وهم يقولون إن البنك الدولي يضع شروطاً واللبنانيون يجب ان يلتزموا بالشروط، والحكومة حكومة تصريف الأعمال مسكينة تلهف وراء تحقيق هذه الشروط، ولن تتمكن من تحقيق كل هذه الشروط، فيتبين بالتالي أن هذه الوعود كلها وعود واهية».
ولفت إلى أنّ ذلك يعني «السفارة الأميركية وبعض الدول وبعض المسؤولين الذين يقولون تحدثنا مع الأميركيين وتحدثنا مع الامم المتحدة، هم يمارسون الكذب والخداع والنفاق. هذا هو الخارج الذي تراهنون عليه. لقد جرب لبنان الاقتصاد المبني على الارتباط بالغرب فقط. هنا حقيقة يجب ان تقال ويجب ان يعرفها الجميع ان الانهيار الاقتصادي، هو إحدى نتائج ارتباط اقتصاد لبنان بالغرب فقط».
وعلى صعيد الملف الرئاسي، أفيد أن الوزير السابق جهاد أزعور زار الضاحية واجتمع مع مسؤولين في حزب الله عارضاً ترشيحه للرئاسة مع ضمانات بعدم فتح ملف سلاح الحزب والاستراتيجية الدفاعية وعدم طعن ظهر المقاومة وحصر اهتماماته بمعالجة الأزمة الاقتصادية والمالية، إلا أن حزب الله اعتبر أن الألوية في المرحلة الراهنة هي سياسية وإن كانت الأولوية الاقتصادية هامة، وجدّد تمسكه بترشيح رئيس تيار المرده سليمان فرنجية.
ولفتت أوساط الثنائي حركة أمل وحزب الله لـ”البناء” الى أن الحملات السياسية علينا تدفعنا للتمسك أكثر بترشيح فرنجية لأسباب عدة أولها أنه ليس مرشحاً جديداً بل سبق وتم ترشيحه قبل انتخاب ميشال عون رئيساً في العام 2016 في اجتماع الأقطاب المسيحيين في بكركي، وثانياً أنه ليس مرشح تحدٍ بل توافقي ويملك علاقات سياسية مع مختلف الأطراف في الداخل والخارج، وثالثاً أنه يحظى بدعم كتل نيابية وازنة تصل الى 50 نائباً وليس بعيداً أن يصل الى 65 نائباً، ورابعاً وهو الأهم فشل أطراف المعارضة على الاتفاق على مرشح ينافس فرنجية، وبالتالي الأخير هو الأقرب إلى الفوز وإلا تكون المعارضة تأخذ البلد الى الفراغ كما بشّر سمير جعجع اللبنانيين.
وكان الشارع شهد جولة مواجهة ساخنة أمام مصرف لبنان في الحمرا، حيث اعتصمت “صرخة المودعين” وأطلقت المفرقعات النارية في اتجاه المركزي، وأشعل البعض من المعتصمين الإطارات امامه. وتدخلت عناصر من مكافحة الشغب لمنع المتظاهرين من اقتحام مصرف “سوسيتيه جنرال” المحاذي لمصرف لبنان. وانتقل مودعون الى مصرفي “بيروت والبلاد العربية” و”الموارد” الكائنين في الحمرا، وحاولوا تحطيم ما أمكن بسبب التحصينات لواجهات المصرفين المقفلين. واستقدم الجيش تعزيزات إضافية وفرقة مكافحة الشغب الى مصرف لبنان ومحيطه. كما نشر تعزيزات إضافية امام مصارف أخرى في منطقة الحمرا.
وتتجه الأنظار الى الاثنين الذي سيحمل جملة تطورات واستحقاقات أبرزها جلسة لمجلس الوزراء ستعقد على وقع تحركات شعبية دعا اليها العسكريون المتقاعدون وقطاعات وظيفية عدة منهم الأساتذة.
وعشية جلسة الحكومة ستبحث في زيادة على رواتب موظفي القطاعين العام والخاص، رفع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل إلى رئاسة مجلس الوزراء مسودة مشروعي المرسومين التي أعدتهما الدوائر المعنية في وزارة المال، ويتضمن الأول تعويض إنتاجية لموظفي الإدارات وسائر المؤسسات العامة ومقدمي الخدمات الفنية والأسلاك العسكرية عن أيام العمل الفعلي، ويعطى وفق سعر منصة “صيرفة” للدولار الأميركي، لاحظاً تدابير بشأن معاشات المتقاعدين. والثاني يتعلق بتعديل بدل النقل الذي يحتسب بليترات البنزين وفق معدل وسطي لسعر يحدّد بقرار يصدر عن وزير الطاقة شهرياً. على أن تُعرض مسودة المشروعين على مجلس الوزراء في جلسته المقررة الإثنين المقبل لمناقشته واتخاذ القرار بشأنه.
وبحث رئيس حكومة تصريف الأعمال في اجتماعين عقدهما في السرايا مطالب أساتذة وموظفي الجامعة اللبنانية. وفي هذا الإطار اجتمع مع رئيس الجامعة بسام بدران ووفد من الاساتذة. واجتمع أيضاً، في حضور بدران ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، مع وفد من لجنة الموظفين في الجامعة.
"الجمهورية": واشنطن لا تزكّي مرشحين.. باريس على جهودها
لم يكن لبنان في حاجة إلى شهادة جديدة من صندوق النقد او غيره من المؤسسات المالية العربية او الدولية، تؤكّد أنّ وضعه مهترئ وفي أعلى درجات الخطر. كما لم يكن في حاجة إلى التذكير بعجز وتقاعس الطبقة السياسية المتحكّمة به، وعدم إيفاء الجهات الرسمية بالحدّ الأدنى من التزاماتها تجاه المجتمع الدولي، بالشروع بالإصلاحات الضرورية والملحّة التي تستوجب الأزمة استعجالها وتنفيذها من دون أي إبطاء.
قال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي كلمته وغادر مثقلاً بخيبة متوقعة. قال إنّ لبنان في خطر كبير، مفترضاً أنّه يخاطب نخبة سياسية يغمرها الحرص الحقيقي على هذا البلد، لعلّه يجد من بينها من ينتصر للبنان ويرأف بشعبٍ يعاني.
ربما بالغ هذا المسؤول الدولي في اعتقاده بأنّه في تذكيره بحجم الكارثة ومخاطرها، قد يحثّ على صحوة مفقودة في زمن الانحطاط السياسي الذي يعصف بهذا البلد، ولكن على ما هو مؤكّد، فقد رمى سنارته في مستنقع فجور سياسي آسن، بات مدمناً على التخريب والتعطيل واستنزاف اقتصاد البلد واستقراره وإهدار فرص الإنقاذ.
وعلى رغم الخيبة، فإنّ صندوق النقد ما زال يعتقد انّ فرصة إعادة إنعاش لبنان لم تنعدم نهائياً، حيث انّها ما زالت قائمة، انما ليس بذات القوة التي كان يمكن ان تكون عليها، لو انّ هذه الفرصة استُغلت قبل ان تبلغ الأزمة في لبنان هذا الحدّ من الانهيار. الاّ انّ ما يثير القلق على أي فرصة إنعاش، هو انّ القادة السياسيين في لبنان يتعاملون مع الواقع اللبناني بتجاهل غير مسبوق لمنزلقات الكارثة التي حلّت ببلدهم، وهو الامر الذي دفع بأحد كبار المسؤولين في الصندوق إلى التصريح بشكل مباشر، بمحاسبة هؤلاء. مضيفاً «اننا نعرف التفاصيل الدقيقة حول وضع لبنان، ولسنا نقتنع بأي تبريرات نسمعها من بعض المستويات اللبنانية. ولقد اكّدنا للعديد من المسؤولين في لبنان بأنكم تهدرون وقت بلدكم، وحذّرنا من جديد من أنّ الانهيارات المتتالية التي شهدها لبنان في الآونة الاخيرة، فرضت وقائع صعبة جداً على لبنان، واكّدنا انّ هذه الوقائع توجب احتواءً سريعاً لها، عبر خطوات حكومية مستعجلة، والّا فإنّ اللبنانيين مقبلون على وضع سيُصعقون فيه من هول ما هو آتٍ عليهم، من ضغوطات وصعوبات».
فرونتيسكا
ولفتت في هذا السياق، تغريدة للمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا على حسابها عبر «تويتر»، قالت فيها: «بعد مرور ثلاث سنوات على اعلان لبنان تعليق سداد ديونه السيادية، لا يزال اللبنانيون يتطلعون الى تحرّك قادتهم لإنقاذ البلد. الناس يشعرون بالغضب لرؤية رواتبهم تفقد قيمتها نتيجة التضخم وتدهور قيمة العملة الوطنية. لقد باتت الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي حيوية وحتمية».
لا اكتراث
على انّ في موازاة ذلك، تتبدّى حقيقة انّ المناخ السياسي القائم حالياً، لا يأخذ في حسبانه المدى الذي بلغه انهيار البلد مالياً واقتصادياً ومعيشياً، بل انّ الاولوية التي تحكمه تبدأ وتنتهي عند الاستسلام الكلي للنزوات والحسابات والأجندات المنظورة وغير المنظورة، وهو ما يجعل المشهد الداخلي مسرحاً لمناكفات ومكايدات سياسية قديمة ومتجدّدة، لتبقي لبنان في الدائرة المفرغة التي يدور فيها.
وفي هذا الجو، يرسم مسؤول كبير صورة بالغة القلق حيال المستقبل، وقال لـ»الجمهورية»: «محطات توتر سياسياً وغير سياسي شهدناها في الماضي، ولكنها لم تلامس حدود ما نعيشه في هذه المرحلة، التي اشعر فيها بخوف حقيقي اكثر من أي وقت مضى. لا خلاف على انّ الحل السياسي هو مفتاح الانفراج الاقتصادي والمالي، ومع ذلك ثمة من يعقّد الحل السياسي لاسباب واقعية وغير واقعية، ظناً منه انّه قد يحقق مكتسبات».
ولفت المسؤول عينه إلى «أنّ النحّر المتواصل لأي حلول او فرص تفاهمات، نشهده منذ بدايات الأزمة، وصار يقرّبني أكثر من أن أسلّم للفرضية التي تقول انّ الواقع السياسي بالشكل الذي يسير فيه بين التناقضات ومؤسسات دستورية معطّلة عمداً، ومع مكونات رافضة لبعضها البعض، يُخشى انّه لن يطول به الأمر ليجعل من النظام السياسي القائم، نظاماً منتهي الصلاحية بالكامل».
وإذ اكّد المسؤول «انّ الجهات الرافضة للتوافق الداخلي على انتخاب رئيس للجمهورية، بما يعيد انتظام الحياة السياسية في لبنان، تسعى جهدها بشكل علني لإسقاط البلد في المجهول»، أوضح «انّ الأداء السياسي القائم حالياً بتعطيل المؤسسات وتدمير فرص الإنقاذ، وشل رئاسة الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، هو عبث مقصود او غير مقصود بأسس البلد، ويشكّل الوصفة الخبيثة لتهديد الداخل وتخريبه، واكثر من ذلك، تهديد اتفاق الطائف بنسفه. هنا اريد أن أسأل: من هو صاحب المصلحة بوصول الامور في لبنان إلى هذا الحدّ؟.. من هو الخاسر الأكبر من نسف الطائف والنظام؟.. في ظل هذا التشتت الذي نعيشه، وفي ظلّ هذا التخلّع البنيوي سياسياً واقتصادياً ومالياً، هل في امكاننا في لبنان أن نغيّر فنعيد تشكيل النظام اللبناني على نحو مغاير تماماً لما هو قائم عليه؟ وقبل ان نسأل أي نظام يمكن الوصول اليه، يجب ان نسأل، هل نصدّق انفسنا بأنّ في ايدينا ان نغيّر ما صنعه الكبار، ونؤسس لنظام جديد؟».
حراك فاتيكاني وفرنسي
وفي غضون ذلك، برزت امس زيارة السّفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وعكست اجواء اللقاء بحسب معلومات موثوقة، حزناً فاتيكانياً على ما آل اليه الحال في لبنان، وتشديداً من الكرسي الرسولي على كل ما يجمع بين كل مكونات لبنان السياسية وعائلاته الروحية، وما يمكن السياسيين من تجاوز اي خلافات في ما بينهم، وانتخاب رئيس للجمهورية في اقرب وقت ممكن».
وفي السياق ذاته، اندرجت زيارة السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو إلى الرئيس بري. وبحسب المعلومات، فإنّ السفيرة وضعت رئيس المجلس في اجواء الاجتماع الفرنسي - السعودي في باريس الاسبوع الماضي. وأكّدت المعلومات، انّ الجانبين الفرنسي والسعودي متفقان على العجلة في انجاز الانتخابات الرئاسية في لبنان، الّا انّهما متباينان في النظرة إلى بعض التفاصيل، وبالتالي لم يتوصلا إلى اتفاق حاسم بينهما حول الرئيس الجديد. وتشير المعلومات، إلى انّ المشاورات لن تُقفل وستبقى قائمة في الايام المقبلة، وسط حديث فرنسي متزايد عن انّ المدى الزمني للفراغ في سدّة الرئاسة اللبنانية يجب الّا يتعدّى بداية الصيف المقبل. وحتى الآن يمكن القول إنّ كل الاحتمالات ما زالت واردة.
استطلاع اميركي
في هذا الوقت، أجرت مساعدة وزير الخارجية الاميركية بربارا ليف، محادثات في بيروت، مع رئيس المجلس نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب، ولخّصت مصادر مطلعة على اجواء محادثات المسؤولة الاميركية، كما يلي:
- اولاً، الزيارة استطلاعية.
- ثانياً، لم تحمل ليف اي فكرة اميركية جديدة مرتبطة بالملف الرئاسي.
- ثالثاً، اكّدت أن ليس في الأفق اي مبادرة اميركية أحادية الجانب، في خصوص رئاسة الجمهورية في لبنان.
- رابعاً، اكّدت انّ واشنطن، ليست طرفاً في أي جدالات او نقاشات تدور حول اسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية في لبنان. وكما سبق لها واكّدت انّها لن تنوب عن اللبنانيين في اختياراتهم. وربطاً بذلك، فإنّ الإدارة الاميركية ستتعامل مع اي رئيس للجمهورية في لبنان يُنتخب وفق الاصول الدستورية، بمعزل عمّن هو هذا الرئيس.
- خامساً، اكّدت على مسؤولية اللبنانيين في التعجيل في إنجاز استحقاقاتهم الدستورية، ما يوجب ان يبادر مجلس النواب اللبناني، ومن دون إبطاء، إلى اختيار رئيس الجمهورية يتحلّى بالمواصفات التي تلبّي تطلعات الشعب اللبناني. ومن ثم تشكيل حكومة تنفّذ أجندة الاصلاحات المطلوبة كشروط لنيل لبنان المساعدات من المجتمع الدولي، إضافة إلى توقيع برنامج التعاون بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي.
- سادساً، عبّرت عن تعاطف الإدارة الاميركية مع الشعب اللبناني في معاناته جراء الأزمة الصعبة، واكّدت على العلاجات السريعة لهذه الأزمة، حيث انّها بلغت مستويات شديدة الخطورة، وشدّدت على وجوب ان يتجاوز الشعب اللبناني هذه المحنة، حيث لا يمكن ان يستمر الوضع على ما هو عليه من تراجع وتأزّم تستفحل معهما الأزمة أكثر فأكثر.
(يُشار في هذا السياق، إلى «انّ ليف تعدّ صاحبة اكثر نظرة سوداوية تجاه الوضع اللبناني، حيث انّها سبق ان حذّرت منذ أشهر من أنّ «الفشل في انتخاب الرئيس من شأنه أن يؤدي بلبنان إلى فراغ سياسي غير مسبوق، ما يُنذر بانهيار الدولة مجتمعياً).
- سابعاً، أعادت تأكيد المسلّمات الاميركية تجاه لبنان، ولاسيما لجهة الدعم المتواصل للجيش اللبناني، والحفاظ على الاستقرار في لبنان.
- ثامناً، ملف ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل كان من ضمن النقاط التي تمّ استعراضها، حيث أعادت تكرار الموقف الاميركي الذي يعتبر هذا الاتفاق مصلحة للبنان واسرائيل ويساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
- تاسعاً، التطورات الاقلمية لُحِظت في مباحثات ليف، التي قاربت الاتفاق السعودي- الايراني بترحيب حذر، مشيرة الى انّ واشنطن شجّعت السعودية على المضي بهذا الاتفاق.
"اللواء": ليف تبحث عن موقع لبنان بربطه بصندوق النقد ولا فيتو على فرنجية
ما لمسه مسؤولون كبار أن مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى بربارا ليف، جاءت الى لبنان في محاولة لعدم تأثر المصالح المباشرة للولايات المتحدة بعد ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل في ضوء تبدل المواقف، بعد الاتفاق السعودي – الايراني، ولقطع الطريق على أي تقارب جديد بين بيروت ودمشق، مع نقل رسالة واضحة انها تدعم اي مرشح يُنتخب رئيساً للجمهورية.
نقطة الثقل، حسب مصادر دبلوماسية، كانت في اللقاء الأول مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط للوقوف على رؤيته لوضعية لبنان بعد الانفراجات الحاصلة في العلاقات الاقليمية – العربية، أما اللقاء الثاني الأكثر اهمية فتمثل باللقاء مع الرئيس نبيه بري، حيث ابلغته ما سبق للسفيرة الاميركية دورثي شيا ان ابلغته اياه من ان بلادها تراقب مسار ما يجري، لجهة عدم الاطمئنان الى «استمرار الوضع على ما هو عليه لمدة طويلة، واعلان تأييدها لما انتهت اليه بعثة صندوق النقد الدولي لجهة تحذير المسؤولين من مخاطر التلاعب بالوقت على حساب الاصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد الدولي».
وسط ذلك، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء»ان زيارة المسؤولة الاميركية الى لبنان أتت في سياق الاستطلاع وبالتالي لم تحمل معها اية مبادرات، على ان الموقف الذي كررته في لقاءاتها يتصل بضرورة التفاهم على انتخاب رئيس جديد للبلاد والعمل على صون المؤسسات وتطبيق الاصلاحات المطلوبة.
وفي الاطار المحلي، قالت المصادر أن مجلس الوزراء يخوض في تفاصيل الوضع المالي في البلاد وانعكاسه على جميع القطاعات في ما خص الرواتب والأجور فضلا عن عرض وزير العمل لهذا الانعكاس على المستخدمين الخاضعين لقانون وزارة العمل ، على أن هذه الدراسة تلحظ بدل إنتاجية وفق الإمكانات المتاحة للدولة اللبنانية واعتبرت أن هذا الإجراء من شأنه اما أن يعالج أوضاع القطاع العام أو أن يلقى اعتراض منهم وذلك انطلاقا مما قد ينص عليه.
إلى ذلك أكدت المصادر أن زوبعة تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي قد تأخذ مداها دون معرفة ما إذا كان سيصار إلى التراجع عن هذا القرار ام لا.
وكان لبنان انشغل بزيارة ليف، والتحضيرات لجلسة مجلس الوزراء الاثنين المقبل لدرس كيفية تلبية مطالب موظفي القطاع العام، فيما انشغل بعض اركان المعارضة بالاعتراض على قرار الحكومة تأخير التوقيت الصيفي حتى آخر سبت من نيسان، بعدما مرّت زيارة رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في الجمهورية الاسلامة الايرانية كمال خرازي بهدوء مع انها حملت الكثير من المواقف ولو انها كانت من قبيل الاستطلاع، كما زيارة ليف.حيث انهما حسب معلومات «اللواء» استمعا من المسؤولين اللبنانيين «الى وجهة نظرهم حول التطورات الحاصلة في المنطقة لا سيما الاتفاق – السعودي – الايراني وانعكاساته المرتقبة على مجمل اوضاع المنطقة ومنها لبنان، وحول الوضع في سوريا وملف النازحين السوريين، واكدا ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة من دون تدخلات خارجية باعتبارالموضوع شأن لبناني داخلي، لكن ليف ركزت ايضاً على وجوب تحقيق الاصلاحات البنوية الاقتصادية واستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي.لكن خرازي وليف لم يقاربا الموضوع الرئاسي بتفاصيله بل بشكل عام، ولم يطرحا اي اسماء اومقترحات.
وفيما أعلن المكتب الإعلامي للرئيس برّي، أنّ اجتماع اللجان النيابية المشتركة تمّ إرجاؤه من يوم الإثنين في 27 آذار 2023 إلى يوم الثلاثاء 28 آذار الجاري. وتمهيداً لجلسة مجلس الوزراء المقررة يوم الاثنين المقبل، رفع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل إلى رئاسة مجلس الوزراء مسودة مشروعي المرسومين التي اعدتهما الدوائر المعنية في وزارة المال، ويتضمن الأول تعويض انتاجية لموظفي الإدارات وسائر المؤسسات العامة ومقدمي الخدمات الفنية والأسلاك العسكرية عن أيام العمل الفعلي، ويعطى وفق سعر منصة «صيرفة» للدولار الأميركي، لاحظاً تدابير بشأن معاشات المتقاعدين.
والثاني يتعلق بتعديل بدل النقل الذي يحتسب بليترات البنزين وفق معدل وسطي لسعر يحدّد بقرار يصدر عن وزير الطاقة شهرياً. على أن تُعرض مسودة المشروعين على مجلس الوزراء في جلسته المقررة الإثنين المقبل لمناقشته واتخاذ القرار بشأنه.
وكان الخليل قد أعطى أمس الاول موافقة استثنائية لإعداد مشروع مرسوم يلبّي عدداً من مطالب عمّال وموظفي «أوجيرو» لعرض المشروع أيضاً في جلسة الإثنين لمجلس الوزراء.
نيابياً، قدم النائب علي حسن خليل اقتراح قانون الى الهيئة العامة لمجلس النواب لفتح اعتماد بقيمة 1500 مليار ليرة لتغطية نفقات الانتخابات النيابية، على ان تبحثه اللجان المشتركة وتقره الثلاثاء تمهيداً لإحالته الى الهيئة العامة لاقراره.
جولة ليف
باشرت مساعدة وزير الخارجيّة الأميركيّة لشؤون الشّرق الأدنى باربرا ليف، ترافقها السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، جولتها بزيارة جنبلاط في كلمنصو وقد استقبلها في حضور رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط، والنائب راجي السعد، حيث كان عرض لمجمل الأوضاع والتطورات السياسية.
بعدها انتقلت الى عين التينة حيث اسقبلها رئيس مجلس النواب نبيه بري. وأكدت ليف خلال لقائها مع رئيس مجلس النواب أن «لا يُمكن أن يستمرّ الوضع في لبنان على ما هو عليه لمدة طويلة»، بحسب ما افادت بعض المعلومات. كما اشارت ليف الى أنّ «الوضع الاقتصادي متدهور ويجب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على حلّ في أسرع وقت ممكن».
ومن ثمّ توجهت ليف وشيا والوفد المرافق الى وزارة الخارجية حيث التقت الوزير عبدالله بوحبيب، وتمّ البحث بآخر التطورات السياسية والاقتصادية في لبنان وما يجري في المنطقة من تحوّلات، لا سيما إنعكاسات الإتفاق السعودي-الايراني والصراع اليمني والأزمة السورية.
ومساء زارت ليف الرئيس ميقاتي في دارته تافقها السفيرة شيا، وجرى خلال اللقاء بحث الاوضاع الراهنة في لبنان والعلاقات الثنائية ، ونتائج جولة السيدة ليف على عدد من دول المنطقة.
وقد إستبقى الرئيس ميقاتي الوفد الاميركي الى مائدة الافطار.
وفي سياق الحراك الدبلوماسي، التقى الرئيس بري السّفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا. ثم السفيرة الفرنسية آن غريو، التي وضعته في أجواء الاجتماع الفرنسي – السعودي الأخير، وعدم الاتفاق على تسوية فرنجية سلام بين الرياض وفرنسا.
وفي المواقف الخارجية، غردت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا عبر حسابها على «تويتر» قائلة : بعد مرور ثلاث سنوات على اعلان لبنان تعليق سداد ديونه السيادية، لازال اللبنانيون يتطلعون الى تحرك قادتهم لإنقاذ البلد. الناس يشعرون بالغضب لرؤية رواتبهم تفقد قيمتها نتيجة التضخم وتدهور قيمة العملة الوطنية. لقد باتت الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي حيوية وحتمية».