آراء وتحليلات
على العهد كانوا .. وعادوا مكللين بالنصر
في صورة مغايرة تمامًا لما كان رئيس حكومة العدو "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو وزمرته من اليمين العنصري يمنون أنفسهم بها، شهدت الأراضي اللبنانية ولا سيما البقاع، بمناطقه المختلفة والجنوب بقراه الصامدة والضاحية الجنوبية، زحفًا بشريًا كبيرًا من مواطني وأهالي هذه المناطق، بشكل باتت عودتهم تتصدر عناوين الأخبار والتقارير الإعلامية، في الوقت الذي شهدت به مستوطنات شمال فلسطين المحتلة ركودًا واضحًا ولم يسجل عودة مستوطن واحد.. بل الأكثر من ذلك هناك من العديد من رؤساء مجالس هذه المستوطنات و"الكيبوتسات" انبروا على وسائل الإعام العبرية المختلفة للمطالبة بعدم عودة المستوطنين لأسباب عدة.
هذا ما جعل العديد من المتابعين والمختصين يطرحون تساؤلات بمثابة إشكالية باتت تؤرق الحكومة الصهيونية وتزيد من حدة الخناق عليها؛ وهي: ما هي الأهداف الحقيقية لشن نتنياهو عدوانًا بربريًا على لبنان من دون إن يتمكّن من تنفيذ الهدف الرابع الذي أدرجه لجدول أعمال حكومته، في منتصف أيلول الماضي، والخاص بإعادة المستوطنين إلى الشمال بالعمل العسكري؟.
من دون أدنى شك؛ جميع الأهداف التي تبنتها الحكومة اليمينية الصهيونية المتطرفة إزاء لبنان لم تتحقق، ليس فقط بسبب بسالة وصمود وبطولة رجال المقاومة الإسلامية اللبنانية "حزب الله" في الميدان، بل أيضًا نتيجة عوامل أخرى. لعل أبرزها الاحتضان الشعبي والبيئة الداخلية اللبنانية للمقاومة، والإيمان المطلق بالنصر الحتمي، والعقيدة الراسخة في العودة المؤكدة، والكثير الكثير من العوامل المتصلة بهذه الحاضنة الشعبية، والتي تجلت بعض نماذج صمودها ونصرها بالصور الآتية:
أولًا – بالبرغم من ضخ الكيان الصهيوني الملايين من الدولارات، لوسائل إعلام مختلفة ونشر الإشاعات ومحاولة التضييق على الحاضنة الشعبية للمقاومة بمختلف السبل بما في ذلك ارتكاب المجازر، لم تفقد البيئة اللبنانية عمومًا وبيئة المقاومة بشكل خاص إيمانها بالنصر، حتى إننا لم نسمع على مدى أكثر من شهرين أي تململ أو فقدان للمعنويات، ما عدا تلك الأصوات الدخيلة المأجورة، والتي سعت لاستهداف معنويات وثقة الحاضنة الشعبية.
ثانيًا - السياسة الصهيونية التي اتبعت ضد البيئة الشعبية والحاضنة الأساسية للمقاومة لم تأت بأي نتيجة منذ حادثتي الإرهاب الالكتروني المتمثلة بتفجيرات "البيجرز" والأجهزة اللاسلكية في 16 و17 أيلول الماضي، واستهداف قادة الصف الأول للمقاومة، وفي مقدمتها سيد الشهداء سماحة السيد الشهيد "حسن نصرالله" والتدمير الممنهج للقرى والمناطق السكنية، وارتكاب المجازر الجماعية في الجنوب والضاحية والبقاع وغيرها من المناطق، لم تردع البيئة الشعبية الحاضنة والداعمة والمؤمنة بالمقاومة من موقفها العلني والمشرف بالتمسك بدعم المقاومة واحتضانها. وهذا ما دفع المقاومة، مساء الأربعاء، لإصدار بيان خاص يشكر هذه البيئة، والتي حطّمت بصمودها الأسطوري وتضحياتها التي لم تقف عند حد أوهام العدو.
ثالثًا - فشل المشاريع الصهيونية التي كانت تهدف لاستهداف هذه الحاضنة بأوجه متعددة، من بينها إدخالها في صراعات داخلية مع قوى لبنانية أخرى، وكذلك إفراغ لبنان من أحد أبرز مكوناته الداعمة للمقاومة بما في ذلك محاولة تهجير أهالي الجنوب نحو العراق ومحاولة استبدالهم بلاجئين فلسطينين وسوريين يتم تجنيسهم، وكذلك فشل المشروع الأبرز وهو إقامة الحزام الأمني في الجنوب أمرًا واقعًا بعد تدمير معظم القرى والبنى التحتية....إلخ.
رابعًا - على الرغم من التحذيرات المتعددة التي أطلقتها قوات الاحتلال الصهيوني من عودة أهالي الجنوب لقراهم مع الإعلان عن وقف إطلاق النار، في بيانات مكتوبة أو مرئية، إلا إن مدن لبنان المتعددة والاوتسترادات الواصلة نحو الجنوب، شهدت الآلاف من المركبات التي كانت تتحضر لعودة الأهالي لمناطقهم وقراهم، بالرغم من الدمار والتدمير وغياب معالم الحياة هناك بسبب همجية وبربرية العدو الصهيوني وجرائمه التي طالت الحجر والبشر، قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ بساعات.
خامسًا - كان واضحًا أن العدو الصهيوني يسعى من خلال استهداف كل المعابر الحدودية البرية بين سورية ولبنان وتدمير ما تبقى منها قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بساعات، لعدم عودة المواطنين اللبنانيين من سورية إلى لبنان، ومحاولة تقليص قيمة النصر الذي حققته المقاومة، إلا أن تجاوز كل العراقيل وتنقل الآلاف من اللبنانيين الحدود مشيًا على الأقدام، ولاسيما في المناطق القريبة من حمص وطرطوس، ومسارعة الحكومتين السورية واللبنانية لترميم معبر جديدة يابوس، يؤكد إيمان هذا الشعب بمقاومته وجهوزيته للعودة في أي لحظة.
هنالك العديد والعديد من الصور والنماذج التي قدمتها وستقدمها البيئة اللبنانية عمومًا، وبيئة المقاومة بشكل خاص، من دروس وعبر لهذ الكيان ومسؤوليه ومستوطنيه، فمن منا يمكنه أن ينكر أن هناك الكثير من المناطق والمدن فتحت أبوابها ومساجدها وكنائسها لمن اضطر للنزوح، ومن ثم طالها العدوان بسبب ذلك، ومن منا يمكن أن ينكر أن أحد أبرز أهداف العدوان على لبنان والمتمثلة بإسقاط المقاومة واستهداف حاضنتها قد سقطت.. ؟
الأهم من ذلك، من منا يمكن أن ينكر إن أحدًا، من هذه البيئة والتي وصفها سيد الشهداء "بأشرف الناس وأنبل الناس"، لم ترفع صورة شهيدها المقدس وراية المقاومة الساطعة، إلى جانب علم لبنان بأرزته الصامدة، ولم تتخل عن علم فلسطين ومقاومتها الصامدة، وأسقطت أعلام العدو وتحدت مطالبه ورصاصه الحي ووصولوا إلى قراهم وبيوتهم حتى في الخيام وكفركلا التي شهدت أبرز وأهم وأقدس البطولات؟
من منا يمكن أن ينكر أن هذا الزحف البشري نحو القرى والمناطق في الجنوب والضاحية والبقاع وغيرها قد أربك حسابات العدو التي ما تزال مستوطناته في شمال فلسطين المحتلة يسودها الظلام والخراب والخوف، ما دفع العديد من مسؤوليها، ولاسيما في كريات شمونة والمطلة للمطالبة بعدم إعادة المستوطنين إليها وتحميل نتنياهو كل ما حصل وسيحصل...؟
من منا يمكن أن ينكر كيف راقب الإعلام العبري ومسؤولوه ومستوطنوه بوجوه سوداء عودة أصحاب الأرض لأرضهم التي تعمدت بدماء مقاومتها..؟
في الختام؛ من منا يمكن أن ينكر بعد كل ذلك حجم الهزيمة التي مني بها جيش العدو، وعظمة الانتصار الذي حققته إرادة المقاومة اللبنانية التي لا تنكسر على آلة القتل "الاسرائيلية" الوحشية في لبنان وغزة؟!!
حزب اللهالمقاومةالجيش الاسرائيلي
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
29/11/2024