نقاط على الحروف
"تعليمة اليوم" من غرف عوكر السوداء إلى الفريق "السيادي"
بات من اليسير على أيّ متابع أن يتبيّن "التعليمة العوكريّة" بحرفيّتها فور صدورها، إذ تتسابق إلى ترويجها المؤسسات الإعلامية التابعة للفريق "السيادي" والعاملة في خدمة الوكر المعادي؛ كما الناشطون المتأمركون على منصات التواصل الاجتماعي.. فما تعليمة هذه المرحلة؟
تعميم فكرة أنّ المقاومة ضعيفة. يكفي أن ترسل غرفة سوداء من وكر عوكر عنوانًا كهذا، كي نرى كمًّا من الناشطين والحقوقيين والسياسيين والإعلاميين وحتى الفنانين يتنافسون في صياغة الجمل والمنشورات، وفي تركيب الشائعات وفي صناعة الأضاليل التي تلتقي جميعها تحت خانة "التعليمة". وهي تسعى، بشتّى الطرائق، إلى تنفيذها استجابة لأمر المهمة "العوكري" الصارم!
جميع هؤلاء يستبسلون حرفيًا في محاولة التوهين بالمقاومة وإظهارها في موقع المهزوم والضعيف؛ مقابل التجاهل التام لإنجازاتها في الميدان، والتي لا ينكرها العدوّ نفسه. وبعضهم يزايد ويذهب الى حدّ التباكي أمام صور المجازر والدمار ومشاهد النزوح محاولًا تحميل المقاومة، وإن بشكل مبطّن، مسؤولية هذا القهر، أو متعمدًا تجهيل الفاعل وكأنّ ما يجري هو نتيجة كارثة طبيعية ليس بالإمكان مواجهتها. واستطرادًا، يحاول هؤلاء ترسيخ فكرة أن لا جدوى من المقاومة، سواء عبر الحديث بأنها فقدت قوّتها أم عبر الحديث عن العدو بأنه متفوّق جبّار لا يُقهر، فيعنون هؤلاء مثلاً أن "التكنولوجيا تتفوق على الإيديولوجيا".
يجتهد الفريق الإعلامي العامل بإمرة "التعليمة العوكرية" في عمله، ويتفانى دونما أدنى خجل، في إسداء الخدمات للعدوّ.. ربّما على سبيل إثبات الولاء والتفوّق في أداء الدور الأدواتي الناطق. وفي هذا السياق؛ يقوم هذا الفريق بالتسويق والترويج العلني لأهداف العدوّ كافة، وحتى رغباته السياسية والعسكرية، مثل فصل لبنان عن أي مسارات اقليمية أخرى، وتطبيق القرارات 1701 و1680 و1559 من الجانب اللبناني حصرًا؛ من دون ذكر الانتهاكات التي يرتكبها العدو الصهيوني لهذه القرارات ونوعها وكمّها وتواصلها، منذ إعلان هذه القرارت حتى هذه اللحظة، وحصر قرار السلم والحرب، كما السلاح، بيد الدولة فقط، أي نزع سلاح المقاومة ومنعها من الدفاع عن الأرض والناس بمواجهة العدوانية الصهيونية المتزايدة.. هذا بالإضافة إلى انتخاب رئيس جمهورية تحت النار، وعلى وقع الغارات والاعتداءات والمجازر التي تطال أرضنا وتهجّر ناسها.. في سيناريو مشابه لما جرى في العام 1982 في أثناء الاجتياح "الإسرائيلي" للعاصمة بيروت.
من جهة أخرى؛ بدا أنّ تعليمة ما صدرت من الوكر نفسه للتصويب مجدّدًا على مؤسّسة القرض الحسن وإحداث بلبلة بين الناس بخصوص ودائعهم فيها. إذ أشارت "قناة الحرّة الأميركية" مثلًا أنّ: "مصيرًا غامضًا يحيط بـ "ذهب" حزب الله ومليارات أنصاره، بعد الحديث عن ضرب البنك المركزي للحزب في الضاحية الجنوبية ومن ضمنها فروع مؤسسة القرض الحسن". وفي السياق ذاته؛ تحدّث موريس متّى عن مصير الكتلة النقدية لحزب الله، والتي يشكّل القرض الحسن جزءًا منها: "المؤسسة تعرضت لغارات، ويقال إنّ الخزان الأساسي للأموال والذهب موجود في المقر الرئيسي لحزب الله في حارة حريك، والذي استُهدف".
إن كان البعض من أبواق عوكر يعمل قليلًا على تمويه انتمائه المعادي؛ واضعًا بعض الأقنعة فوق وجه حركته الخيانية، فبعضهم الآخر، وبحجّة حريّة التعبير، يباهي بسقوطه الأخلاقي والإنساني ويجاهر بتورّطه في العمل الإجرامي عبر التحوّل إلى منصّة تحريض مباشر ضد النازحين قهرًا عن بيوتهم؛ مثلما فعلت Mtv حين نشرت خبرًا كاذبًا يزعم وجود مسلّحين من حزب الله في مراكز إيواء النازحين؛ حيث يمكن قراءة الخبر كأنه دعوة للصهاينة لاستهداف هذه المراكز، أو أن يضيف مقدم القناة نفسها مارسيل غانم إلى خبر فشل اغتيال الحاج وفيق صفا جملة "وعم يقولوا انو يبدو بالمستشفى"! من الذين يقولون؟، وما الفكرة من التطوّع لتحديد مكان، بصرف النظر عن عدم صحّته أصلًا؟!.
في الإطار نفسه، وبالرغم من نفي مصادر قيادية في حزب الله وجود الحاج وفيق صفا في الأمكنة المستهدفة داخل العاصمة بيروت، يصرّ الإعلام الخليجي المعادي للمقاومة على أنّه مصاب؛ وأيضًا، يؤلف السيناريوهات وينشرها عن إصابته المزعومة، مسوّغًا للعدو قصفه أماكن يوجد فيها المدنيون في بيروت. هذا؛ فيما يقوم ناشطون على منصات التواصل بالتحريض المباشر على النازحين في المناطق في محاولة لضرب الاحتضان الشعبي الكبير لأهل المقاومة في لبنان كله.
بذريعة حريّة الرأي والتعبير؛ ينتهك الفريق "العوكري" جميع البديهيات المهنية والأخلاقية والإنسانية، ويباهي بقدرته على السقوط المتواصل في وادي التآمر على الناس والأرض، لمصلحة مشغّل يعرف جيّدًا أن حكاية الحريّات كلّها تقف حين يمكن لها أن تعرّض أمن البلاد للخطر، لأي خطر!
بذريعة حرية الإعلام، يحاول هذا الفريق التحرّي عن أسرار المقاومة لإفشائها، ويستبيح الأماكن كلها ليصوّرها، حتى تلك التي يشكّل تصويرها في حال الحرب جريمة يُحاسب عليها مرتكبها في كلّ بلاد العالم، حتى في الكيان الصهيوني، حيث يُعاقب بالسجن من يصوّر أو ينشر أيّ تفصيل لم تسمح بالحديث عنه الرقابة العسكرية.
إزاء هذا الواقع؛ لا بدّ من مخاطبة الحكومة ووزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام والسلطات القضائية والمعنيين بالملف الإعلامي كافة، على أساس أنّ ما يقوم به الفريق، والذي افتضح بانتسابه لغرفة سوداء مظلمة تصنع "التعليمات" في عوكر، يشكّل انتهاكًا لا للقوانين وحسب؛ بل للإنسانية جمعاء، وإن خيار عدم محاسبة هؤلاء؛ يمنحهم فرصة التمادي أكثر وأكثر في الإمعان بالتحريض والتجنّد لخدمة أهداف العدو بإشعال الفتن وحتى القتل!.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
08/12/2024
هنا الضاحية.. بعد حرب!
06/12/2024
عدنا منتصرين ومفتاح "الشرق الأوسط" بيدنا
05/12/2024