معركة أولي البأس

خاص العهد

هل يؤخّر إضراب الأساتذة المتعاقدين انطلاق العام الدراسي في الجامعة اللبنانية؟
17/09/2024

هل يؤخّر إضراب الأساتذة المتعاقدين انطلاق العام الدراسي في الجامعة اللبنانية؟

أعلنت لجنة الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية الأحد 15/09/2024 "الإضراب العام والشامل في جميع كليات ومعاهد الجامعة اللبنانية ابتداءً من أول يوم تدريس في العام الجامعي 2024 - 2025، كلّ وفق كليته وفرعه، وذلك استنادًا إلى نتيجة الاستبيان الذي شارك فيه 645 متعاقدًا من متعاقدي الجامعة اللبنانية المستحقين للتفرغ، وأعلنوا بالأغلبية الساحقة عدم العودة إلى الجامعة إلا متفرغين"، مؤكّدةً أنّ "الإضراب يعتبر منتهيًا حكمًا فور إقرار ملف التفرغ من قبل الحكومة".

وفيما لا يزال ملف التفرغ في الجامعة ملفًا حاميًا، تندرج مطالبات الأساتذة المتعاقدين ــ الذين يشكلون أكثر من سبعين بالمئة من الهيئة التعليمية في الجامعة ــ ضمن وجهتي نظر، أولى ترى هذه المطالب محقة وضرورية لتصويب المسار الوظيفي وضمان الاستقرار التعليمي للطلاب، وثانية تجد أن ثمّة آليات ضغط أخرى غير الإضراب، متخوفة من "التشويش على مسيرة الجامعة اللبنانية التي تتصدّر المراكز الأولى بالسمعة المهنية".

رئاسة الجامعة اللبنانية: أصحاب حق ولكن ثمّة آليات للضغط غير الإضراب 

وللوقوف عند رأي الجامعة اللبنانية، تواصل موقع "العهد" مع المستشار الإعلامي لرئاسة الجامعة اللبنانية الدكتور علي رمال الذي أكّد أنّ الأساتذة المتعاقدين "هم أصحاب حق، وأعطوا للجامعة وساهموا في نجاحاتها وتخطي الصعوبات التي مرت بها"، مشيرًا إلى أنّ "ملف التفرغ يتضمن ثلاثة أقسام، أساتذة موجودين خارجه، أساتذة متفرغين في الجامعات الخاصة، وأساتذة لديهم ساعات عمل محدودة".

ولفت الدكتور رمال إلى أنّ "هناك آليات للضغط غير الإضراب، ولا يمكن أنّ يكون الإضراب هو دائمًا وسيلة الضغط، وهذه الوسائل الثانية ليست بالضرورة أن نكون نحن من يوجه الأساتذة إليها، فهم بنهاية المطاف أساتذة جامعة"، داعيًا الأساتذة إلى أن "يضغطوا في المكان الصحيح، ويتوجهوا نحو أسباب التعثر ويوجهوها، وأن يقاربوا الأمور من منظارهم الوطني المجرد عن الانتماءات والمحاصصات، وسيتأكّدون من أنّ المشكلة ليست عند إدارة الجامعة، بل خارجها، والضغط الذي يجب أن يمارسوه لا يجب أن يكون عليها أو على الطلاب".

وردًا على مسألة استعداد الأساتذة المتعاقدين لتعويض ما فات من أيام دراسية بحال استمر الإضراب لما بعد بدء العام الدراسي، قال رمال: "إنّ فكرة تعويض أيام التعطيل الطويلة بفترة زمنية محدودة وخلق برامج جديدة بهذا الإطار هي محاولات قديمة، تؤثر على العملية التعليمية وحقوق الطلاب".

ولفت إلى أنّ "الجامعة حاليًّا اتّخذت قرارًا بإقامة انتخابات طلابية، وهؤلاء الطلاب لهم حقوق واضحة بالتعلم وتأمين أجواء تعليمية مستقرة"، مشيرًا إلى أنّه "في ظل الأوضاع الاقتصادية لا يمكن أن يأتي الطالب إلى الجامعة فيُدرّسه أستاذ فيما أستاذ آخر يمتنع عن تدريسه".
 
وتابع رمال: "الأجدر بهم الضغط في المكان الذي يعتقدون أنّه يتسبب بعرقلة الملف أو تأخيره أو تأخير إقرار مواد فيه أو وضع شروط على إقراره، وبالتأكيد هذا المكان ليس الجامعة ولا إدارة الجامعة ولا عند الطلاب، لأن الإدارة أنجزت مهمتها، والطلاب وأهاليهم لا علاقة لهم بهذا الأمر"، مستنكرًا "التشويش على مسيرة الجامعة اللبنانية، فالجامعة منذ سنتين تتصدّر المراكز الأولى بالسمعة المهنية، وفي هذا العام أيضًا حلت في المرتبة الأولى ليس فقط بالسمعة المهنية بل أيضًا الأكاديمية".


الأشقر: إقرار التفرغ سيؤدي تلقائيًا إلى تلبية بقية المطالب

وفي هذا السياق، قال عضو لجنة الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية الدكتور كميل الأشقر لموقع "العهد" الإخباري: "إنّ المطلب الحالي الأساسي للمتعاقدين هو إقرار التفرغ حصرًا، والذي يرتبط مصير الإضراب به"، مضيفًا "فضلنا عدم ذكر باقي المطالب من أجل التركيز على مطلبنا الأساسي بالحق بالتفرغ، لأنّه حق حُرمنا منه، وتحقيقه سيؤدي تلقائيًا إلى تلبية بقية المطالب". 

مطالب المتعاقدين

وأردف الأشقر: "للمتعاقدين في الجامعة مطالب كثيرة تتعلق بموضوع البدلات المادية بشكلٍ أساسي، فالمتعاقد اليوم يتقاضى 20 دولارًا على الساعة، أي 5000 دولار سنويًا، ما يعادل 420 دولارً شهريًا، وهذا الراتب في ظل الأوضاع التي يمر بها لبنان ليس راتبًا ذا قيمة"، وأضاف "يُحرم المتعاقد أيضًا من أبسط الحقوق بالضمان الصحي، وبدل النقل، إضافة إلى حرمانه من أنّ يشغل مراكز ومواقع كثيرة لها علاقة بالعملية الأكاديمية وإدارة الجامعة وغيرها".

ورأى الأشقر أنّ "التعاقد هو أمر مقبول لفترة محدودة من الزمن، سنتين أو ثلاث سنوات، التي هي سنوات تجريبية، لكن عندما تصبح 10 سنوات "وبحالتي أنا 15 سنة"، فهي فاقت المعقول وأصبحت نوعًا من أنواع الإثراء غير المشروع للجامعة، فما يتقاضاه المتعاقد 500$ شهريًا وما يتقاضاه المتفرغ هو ما يزيد عن الـ 1500$ شهريًا، وفي ذلك مخالفة قانونية وأخلاقية واضحة" على حدّ قوله. 

وأشار المتحدّث إلى أنّ المطالبة بإقرار التفرغ للمتعاقدين في الجامعة بدأت "عندما فتح رئيس الجامعة اللبنانية السابق فؤاد أيوب ملف التفرغ في العام 2016، كونه في حينها اعتبرنا أنّ التفرغ سيصبح دوريًا كلّ سنتين، وكنا موعودين بملف جديد بدأ به أيوب لكنّه لم يصل إلى خواتيمه، وكذلك الرئيس الدكتور بسام بدران الذي بدوره كوّن ملفًا جديدًا وهذا الملف كان مصيره مثل الملف السابق أي لم يصل إلى مكان جديد".

العقبات دون تحقيق مطلب التفرغ

وحول الموانع والعقبات التي تحول دون إقرار ملف التفرغ، رأى الأشقر أنّ "الحديث عن هذا الأمر دونه محاذير كثيرة، خاصةً أننا لا نمتلك معطيات دقيقة كافية"، موضحًا أنّ ما يعنينا نحن، كأكاديميين، هو أنّ لنا حقوقًا نتيجةً للعقد بيننا وبين الجامعة، وهذا التعاقد صادرٌ عن مجلس الوزراء الذي فوّض وزير التربية بتوقيع العقود، وبالتالي فإنّ عقودنا أصيلة، وهي تلزم الجامعة بعد سنتين بإبرام عقد التفرغ، ونحن مضى على عقدنا الأصيل أكثر من عامين".

تأثير الإضراب على العام الدراسي

وبإعلان الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية الإضراب ورهن استمراره وتوقفه بإقرار ملف التفرغ، يبقى مصير العام الدراسي مجهولًا، واحتمال أن ينتهي قبل أن يبدأ يمكن أنّ يكون احتمالًا واردًا، وفي هذا السياق قال الأشقر "كنا موعودين بشكل صريح منذ سنة، بأنّ التفرغ سيتم إقراره قبل 1 - 10 - 2024، والملف أصبح شبه مكتمل وهو بعهدة وزير التربية، وينمى إلينا أنّه ملف متوازن وشبه مقبول، وما وصلنا من أخبار من رئيس الحكومة تفيد بأنّه لا وجود لعوائق مالية تمنع من إقراره، لذلك فإن الكرة الآن هي بملعب الحكومة وهي قادرة بكلّ بساطة خلال أول جلسة أن تقر هذا الملف وتنهي المعاناة".

وأكّد أنّ "لا أحد حريص على طلابنا أكثر منّا، ونحن مستعدون فور إقرار مطالبنا للتعويض عليهم بشتى الوسائل، وهذا الأمر قمنا به في السابق، فنحن قمنا بالإضراب ورجعنا عنه رغم عدم تحقيق شيء يذكر من مطالبنا، وقمنا بالتعويض لطلابنا لأنّ هذا ما يمليه علينا واجبنا، وضميرنا لا يسمح لنا إلا أن نتصرف بهذا الشكل، ونحن أمامنا متسع من الوقت لبداية العام الدراسي الجامعي والحكومة قادرة خلال هذا الوقت أن تنهي هذه المشكلة". 

 وناشد الأشقر كلّ المسؤولين بأن "يكون في هذه المرة صحوة ضمير من خلال الانتهاء من هذا الملف، لأنّ الجامعة اللبنانية لن تعرف الاستقرار إلا بإقرار هذا الملف، خصوصًا وأنّ هناك الكثير من الكليات والفروع لديها نقص بعدد أساتذة الملاك، وفي بعضها هناك مراكز إدارية شاغرة يلجأون إلى الاستعانة بأساتذة من خارج الملاك لملء هذه الشواغر وهذا كله نتيجة لعدم التفريغ"، مؤكّدًا أنّه "إذا ما تم إقرار هذا الملف فهناك تقريبًا شبه تأكيد بأن الجامعة ستعرف استقرارًا طويل الأمد". 
 
وفي ما تُعتبر مطالبات الأساتذة المتعاقدين في الجامعة، وفقًا لمختلف المرجعيات المعنية بمتابعة هذا الملف، هي مطالب محقة، يبقى الطالب الجامعي هو المتضرر الأكبر من هذا الكباش القديم الجديد بين الجامعة والوازرات المعنية والأساتذة، ومع اقتراب العام الجامعي من بدايته، يبقى مصير هذه البداية مجهولًا حتّى اللحظة، فهل ينتهي العام الدراسي قبل أن يبدأ؟.

لبنان

إقرأ المزيد في: خاص العهد