آراء وتحليلات
الكيان يغرق في مستنقع أكاذيب نتنياهو
حكومة الكيان "الإسرائيلي" برئاسة بنيامين نتنياهو تعيد إنتاج أدوات الحرب النفسية ضد دول محور المقاومة من خلال تبني المقاربة الإستراتيجية "اكذب واكذب حتى تبقى في السلطة وتبرر استمرار العدوان"، لتحقيق أهداف معنوية ومادية، وهذا يتجلى في عدة محاولات على جبهات الصراع شهدها تطور الجبهات التي يسعى الكيان لتغيير قواعد الاشتباك فيها وموازين القوى معها لصالحه، وهناك ثلاثة أمثلة ونماذج على الأكاذيب والشائعات التي سعت الماكينة الإعلامية الصهيونية والغربية لتبنيها والترويج لها نقلاً عن نتنياهو ذاته أو عن مصادر مقربة منه سنوردها على الشكل التالي، وفق تسلسلها الزمني:
أولاً- في أثناء عملية الرد والثأر وانتقام المقاومة في لبنان لجريمة اغتيال الشهيد فؤاد شكر فجر 25 آب الماضي، روّجت القيادتان السياسية والعسكرية الصهيونية، وهي مختبئة داخل نفق تحت وزارة الحرب، إنها نفذت عملية نوعية استباقية ضد حزب الله، استطاعت من خلالها هذه القوات حماية "تل أبيب" من الصواريخ البالستية التي كان حزب الله يجهزها للانتقام، في حين أن كل الصور ومقاطع الفيديو التي بثت مباشرة لم تظهر أن حزب الله كان في صدد استخدام أي من هذه الصواريخ، بل كانت المنصات عبارة عن مجسمات للتمويه، ولجأ لاستخدام صواريخ "الكاتيوشا" والطائرات المسيرة، والهدف "الإسرائيلي" من هذا الترويج، كان يكمن في إيجاد مبرر للنزول من أعلى الشجرة لعدم القيام برد مضاد قد يؤدي لحرب إقليمية قد تزيد من غرق هذا الكيان في ظل انشغال الولايات المتحدة الأمريكية بالانتخابات الرئاسية، ومحاولة تقديم نتنياهو على إنه الشخص الوحيد في الكيان القادر على الدفاع عن أمن "إسرائيل" وتحقيق مصالحها، فضلاً عن إبعاد النظر ولاسيما لدى الرأي العام "الإسرائيلي" عن الهدف الحقيقي الذي حدده الحزب "الوحدة 8200" ومحاولة تفريغ هذا الرد من مضامينه العسكرية والأمنية والسياسية والاجتماعية.
ثانياً- خلال المؤتمر الصحفي الذي أجراه نتنياهو منذ أسبوعين، أبرز وثيقة مكتوبة بخط اليد على شاشة كبيرة أمام وسائل الإعلام والإعلاميين، ادعى أنها منسوبة لقائد الجناح السياسي والعسكري لحركة حماس "يحيى السنوار" تضمنت عبارات وجملاً تمثل توجيهاً من قيادة الحركة لباقي عناصرها بالسعي لتوظيف ملف الأسرى لخلق فوضى في داخل الكيان من خلال تعزيز عوامل الانقسام، بالتزامن مع نشر صحف عدة بما فيها "بيلد" الألمانية و"جويش كرونيكل" البريطانة لوثائق تفيد برغبة السنوار في استخدام معبر فيلادلفيا لتهريب الأسرى الصهاينة الأحياء والمقدر عددهم بـ115 أسير ونقلهم للجمهورية الإسلامية الإيرانية، قبل أن يظهر وزير الحرب "الإسرائيلي" يوآلف غالانت على وسائل الإعلام وبيده وثيقة مكتوبة عبر جهاز حاسوب، ادعى أنه تم العثور عليها، وتتضمن مطالب حركة حماس لباقي قواتها بالحرص على استخدام الأسلحة والإشارة لنقص الذخيرة والعتاد البشري. هذه الوثائق والادعاءات لم تكن حقيقية وخاصة بعد إعلام ما يسمى "الجيش الإسرائيلي" بإجراء تحقيقات حول مضامين هذه الوثائق وكيفية تسريبها، مما يعني أن المؤسسة العسكرية "الإسرائيلية" المعنية بالقتال في غزة ليست على علم بهذه الوثائق، والهدف من هذه الادعاءات يتمثل في تحقيق عدة أهداف أبرزها: توجه نتنياهو لتخفيف الاحتقان والضغط الشعبي ولا سيما بعد العثور على ستة أسرى صهاينة مقتولين في رفح مطلع شهر أيلول الحالي، ودعوة نقابة العمال "الهستدروت" للإضراب واتساع نطاق المظاهرات، إلى جانب تدعيم موقفه في إطار السعي لعرقلة التوصل لأي اتفاق وقف إطلاق النار من خلال إيجاد الذرائع والمبررات لبقاء سيطرة قواته على محور فيلادلفيا.
ثالثاً- الأنباء المسربة عن قيام القوات البرية للاحتلال "الإسرائيلي" باختراق منشأة لإنتاج الصواريخ الإيرانية في سورية تابعة للحرس الثوري وتقع على بعد نحو 6 كلم جنوب غرب مصياف، من خلال مداهمة القوات الخاصة الصهيونية للمنشأة، وحصولها على وثائق ومعدات مهمة، واختطاف علماء وقيادات إيرانية، هذه الادعاءات لن أقول إنها كاذبة، ولكن من خلال محاكاة لغة العقل المنطقية، هي غير قابلة للتصديق في ظل وجود العديد من المؤشرات التي تؤكد ذلك، ولعل أهمها: مقاطع الفيديو التي بثت مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي وشهادات أهالي المنطقة الذين تحدثوا عن حصول حرب حقيقية في تلك المنطقة من خلال عدة موجات من إطلاق الصواريخ والتصدي لها، فكيف يمكن أن تقدم قوات الاحتلال على إرسال طائرة تضم فريقاً برياً للاقتحام في ظل وجود صواريخ في الأجواء، فضلاً عن عدم سماع أهالي المناطق أي أصوات لطائرات حوامة في منطقة مصياف والقرى المحيطة بها، كما إن المؤشر الثاني يكمن في أن نتنياهو الذي يزيف الحقائق ويروج لأكاذيب كان قد وظف تلك العملية في حال حصولها لتدعيم موقفه الداخلي وزيادة شعبيته، إلى جانب ذلك تعدد وتناقض الروايات التي تحدثت تارة عن استهداف مقرات دفاعية جوية سورية ثم مخازن للأسلحة ثم مراكز بحوث كيماوية وصولاً لمنشأة إنتاج الصواريخ البالستية وطائرات "الدرونز"، وعليه يمكن التأكيد أن هدف هذا الادعاء، يكمن في استمرار تبرير الاعتداءات الصهيونية على سورية لمنع وصول سلاح لحزب الله في لبنان أو لاستنزاف مقدرات الجيش السوري أو لتصدير انتصارات معنوية وإعلامية....إلخ، تصدير صورة جديدة للمؤسسة العسكرية الصهيونية التي تعرّضت لانتكاسات وفشل على مدى 11 شهراً في قطاع غزةـ كما أنها تندرج أيضاً في إطار سعي حكومة الاحتلال لتشويه صورة ومكانة إيران على مستوى المنطقة والضغط على الولايات المتحدة الأميركية لإبقاء قواتها في المتوسط بعد إعلان وزير الدفاع الأمريكي عن سحب إحدى حاملات الطائرات والفرقاطات العسكرية المرافقة لها.
بالعموم، تقديم "يوسي ساريئيل" رئيس الوحدة الاستخباراتية "8200" استقالته لرئيس هيئة الأركان، والتي تعد من أبرز وأهم الوحدات الاستخباراتية التي تتولى مهام الحرب النفسية، بذريعة الإخفاق وتحمل المسؤولية عمّا حصل في عملية طوفان الأقصى، هي ذريعة ضعيفة، ولا سيما أنها جاءت بعد 11 شهراً من حصول العملية، ولكن هذه الاستقالة جاءت بعد تمكن الحزب من الكشف عن هدفه المستهدف خلال عملية "الأربعين" وبعد زيادة الإخفاقات الاستخباراتية في جبهات غزة ولبنان وسورية، أو ربما تكون للتغطية على مقتله، كما تحدثت تقارير إعلامية.
سورياالكيان الصهيونيبنيامين نتنياهوايران
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
29/11/2024