ابناؤك الاشداء

آراء وتحليلات

العدوان على دمشق والدور السوري في إسناد غزة
12/09/2024

العدوان على دمشق والدور السوري في إسناد غزة

مع كل عدوان صهيوني على سورية تتعالى أصوات تطالب بالرد وتنتقد الصمت على العدوان، بينما تختفي أصوات الإدانات، مثلما حدث في العدوان الأخير الذي لم تقم بإدانته سوى إيران وسلطنة عمان واليمن وفنزويلا وحركات المقاومة فقط، ولا تكتفي الدول بالصمت، بل  تحرك دوائر الاستخبارات العربية والغربية أبواقها للدعايات ضد سورية وجبهة المقاومة.

 ويمكن تقسيم المطالبات إلى نوعين من الأصوات، أولاها أصوات غاضبة مخلصة تريد ردع العدو والثأر منه، والأخرى مزايدات مغرضة تريد نزع الثقة وخلق مناخ يائس ومشكك في قوة سورية ودورها في الصراع.

مقابل هذه الأصوات، انبرى أهل المقاومة وقادتها وفي مقدمتهم الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله مبكراً للدفاع عن سورية مقابل الدعايات والمزايدات التي حاولت النيل من سمعتها وبث اليأس في صفوف الجماهير، وأكد سماحته مرارًا أن "القصف الإسرائيلي لم يوقف نقل الأسلحة، ولم يقدر على إخراج إيران و"حزب الله"من سورية، ولن يقدر ولم يضعف الجيش السوري، كما أكد أن الهدف الصهيوني القاضي بمنع وصول الصواريخ الدقيقة فشل لأن الأمر قد تم إنجازه. 

كان ذلك أوضح دفاع وتوضيح حول دور سورية في دعم المقاومة، جاء على لسان الأمين العام لحزب الله، سماحة السيد حسن نصر الله، وفي عدة محطات زمنية متتابعة، وعدة مناسبات، ما يعكس مدى الظلم الواقع على سورية والجهل بحقيقة وجوهر دورها من جهة، ومن جهة أخرى يعكس مدى تقدير سماحته لهذا الدور ولا سيما وهو العالم ببواطن الأمور والمعطيات العسكرية واللوجستية والدور السوري المسكوت عنه والخاضع لسياسة الغموض البناء.

وقبل التطرق إلى طبيعة الدور السوري، يجدر بنا أولاً توضيح بعض من البديهيات والحقائق التي تؤكد أن سورية طرف أصيل، ليس فقط في الصراع بعموميته، وإنما أيضاً في المعركة الوجودية الراهنة التي اندلعت بعد طوفان الأقصى:

1- العدوان الصهيوني على سورية يعني بشكل بديهي أنها تشكل خطراً على أمن الكيان وأن الأمور لا تقتصر على نطاق الممانعة السياسية بعدم الاعتراف وبالتمسك بالثوابت والذي يستدعي الحصار والعزلة، بل تصل لنطاق الخطر العسكري والإستراتيجي والذي يستدعي هذا العدوان العسكري.

2- تكرار العدوان واستمراريته تعني أيضًا أن هناك صمودًا سوريًا وإصرارًا على المسار المقاوم والمراكم للقوة وأن العدوان لم يشكل رادعًا يجبر سورية على التخلي عن خياراتها واجراءاتها.

3- تكثيف العدوان وتصاعد الهجمات منذ طوفان الأقصى ووصولاً للهجوم الأخير في مصياف والذي وصف بالأكبر ونتج عنه عدد كبير من الشهداء والجرحى، يكشف، وبشكل بديهي أيضًا، أن سورية طرف أصيل في المعركة الراهنة، حتى لو لم تعلن رسميًا أنها في وضع اشتباك مع العدو.

وهنا يمكن الولوج إلى المطالبات المحقة والمشروعة بتشكيل معادلة ردع سورية، ونود هنا القول إن هذه المعادلة بالفعل قيد التنفيذ والمراكمة، بل الأكثر من ذلك هو أن المراقب  للأوضاع في سورية وتنسيقاتها وتحالفاتها، لا بد وأن يخرج بنتيجة مفادها الإعداد لمواجهة كبرى تكون الجبهة السورية فيها جاهزة وفاعلة ومؤلمة وصاحبة دور حاسم في هذه المعركة.

الدور السوري في المواجهة:

يعد الدور السوري من أكثر الأدوار التي تخضع للتشويش والدعايات، ويمكن رصد نوعين من الدعايات المغرضة:

أولاً: دعايات تقزم من قوتها وتحاول الإيحاء بأن سيادتها منقوصة وأن قراراتها تأتي من موسكو أو طهران، وأنها تستقوي على (المعارضة) ولا تقوى على مواجهة الكيان ولا أميركا.

ثانياً: دعايات تغير من حقيقة استعادة بناء قوتها وجيشها ومراكمة قوتها باتجاه مخالف للقانون الدولي عبر إشاعة أنها تطور أسلحة كيميائية  وأسلحة محرمة دولياً لشرعنة العدوان عليها وإعطاء مبررات للقصف الصهيوني.

بينما جوهر الدور السوري هو احتضان فصائل المقاومة وتشكيل  جسر لتواصل جبهات المقاومة بحكم تموضعها الجيوستراتيجي،  والعمل على تطوير قدراتها وصواريخها لتشكيل معادلة ردع وتدشين مسار لاستعادة كامل أراضيها المحتلة سواء من جماعات التكفير والجماعات الموالية لأمريكا، أو الجولان المحتلة والمشاركة بدورها ونصيبها في معركة التحرير الكبرى لكامل الأراضي العربية المحتلة.

وفي تقرير لمجموعة الأزمات الدولية، قالت المجموعة إن "المصلحة الأساسية لـ"إسرائيل" في سوريا تتمثل في منع الوجود العسكري الإيراني الإستراتيجي في مختلف أنحاء سورية، بما في ذلك بناء البنية التحتية العسكرية وتنمية قوات شريكة محلية. وقد نفذت "إسرائيل" أكثر من 100 غارة على قوافل ومستودعات تخدم خطوط الإمداد السورية لحزب الله".

وبعيدًا عن تقديرات الغرب أو التقارير الصهيونية، وحفاظًا على سياسة الغموض البناء التي يتبعها محور المقاومة، فإن المتفق عليه والذي لا يعد من قبيل كشف الأسرار، أن سورية تحتضن عدة فصائل مقاومة من جميع دول المحور المقاوم، وهو ما يعد ذخرًا لمحاربة التكفيريين الذين يعملون لخدمة مصالح أميركا والكيان، كما أن هذه الفصائل ذخر لأي مواجهة مباشرة مع الكيان أو القوات الأمريكية المحتلة في شرق الفرات والتنف.

وتنتشر فصائل المقاومة في سورية منذ عام 2012، وبينها فصائل عربية وأخرى غير عربية، إضافة للمستشارين من الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس التابع له، وتتمركز في نقاط وقواعد غرب الفرات ولا يفصلها عن القواعد الأميركية إلا نهر الفرات، وكذلك في مناطق واسعة في البادية السورية حيث تتموضع قاعدة التنف الأميركية على المثلث الحدودي بين سورية والعراق والأردن.

وهنا فإن الجيش السوري الذي يسيطر على نسبة من الأراضي السورية، بلغت 63.38%، يسعى حثيثاً لتحرير باقي أراضيه، كما تعمل سورية على تطوير قدراتها، عبر تطوير الصواريخ الدقيقة في مراكزها العلمية التي يقصفها العدو مثل  مركز البحوث العلمية في مصياف، وإضافة لهذا المركز، توجد مراكز مهمة أخرى، مثل  جمرايا وبرزة، وقد تعرضا كذلك لضربات وقصف متكررين، بينما تخضع هذه المراكز للعقوبات الغربية. 

وهنا نرى أن سورية تراكم القوة ولها مشروع تحريري مزدوج ومركب وفي إطار إعدادها لا تتخلى عن دورها اللوجستي وخياراتها وصمودها، كما أن صبرها الإستراتيجي له حدود كما قال سيد المقاومة.

سورياغزة

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل