نقاط على الحروف
دماء الشهداء توحد الأمة وتسقط أوهام المستكبرين
بالأمس جاء اغتيال العدوّ "الإسرائيلي" لقائدين كبيرين من حزب الله وحماس، في لبنان وطهران، وهما الحاج فؤاد شكر، قائد أركان حزب الله، والدكتور إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ليؤكد مجدّدًا أن الدم واحد والعدو واحد، وأن هذا العدوّ لا ينظر إلينا كسنّة وشيعة، إلا بالقدر الذي يؤدي ليفرق بيننا، ويغذي الخلافات التي ينفذ منها ويكتسب المقدرة على البقاء مع تفرقنا وتصويب سهامنا نحو بعضنا بعضًا.
التشييع الكبير للقائد الجهادي العظيم إسماعيل هنية في طهران، رسميًّا وشعبيًّا، أضفى الكثير من مشاعر الوحدة، ونبذ العديد من أوهام الفرقة بين أبناء أمتنا. لم ينظر الشعب الإيراني إلى ذلك القائد المجاهد، إلا نظرة الأخ والصديق ورفيق الجهاد والقاومة، وخرجت الملايين لحضور التشييع الكبير دون أن يخطر في بالهم للحظة أننا يمكن أن نكون سنة وشيعة، بل أمة واحدة، لها جناحان يحلقان بها إلى الأعلى.
إن المعيار الذي ينظر إلينا به العالم المستكبر بقيادة واشنطن، هو الحرية والعزة والاستقلال، الذي يرضى بالتبعية وتنفيذ المخطّطات والاستراتيجيات الأميركية، فهو صديق واشنطن، وهو من محور الاعتدال، وغيرها من التسميات الكاذبة والمخادعة، وأما من يرفض التبعية، ويبتغي الاستقلال، ولا يرضى بالهيمنة الأميركية الخبيثة على المنطقة، ولا فرْض العدوّ الإسرائيلي، فهو من محور الشر، ومن دعاة التخريب.
لقد ازدهرت "إسرائيل" دائمًا من خلال سياسة فرّق تسد، وكانت تعلم أنه إذا تقاربت القوى السنية والشيعية فإن قدرة "إسرائيل" على المناورة ستكون محدودة. هذا الأمر الذي استحضره الكاتب الانجليزي المخضرم ديفيد هيرست، مع نهاية الشهر التاسع من طوفان الأقصى، مستدلًّا بالعمليات المتكاملة بين أطراف المقاومة في فلسطين ولبنان، مستطردًا أن هناك إصلاحًا جزئيًّا للخلاف الطائفي بين السنة والشيعة، وأن ذلك يشكّل تحوّلًا كبيرًا في المشهد الإقليمي وله عواقب وخيمة حسب تعبيره.
إن حرب طوفان الأقصى، والوحشية "الإسرائيلية" المدعومة بشكل كامل من الولايات المتحدة الأميركية، قد ألغتا فعليًّا كلّ أشكال الخلاف الطائفي القذر الذي غذته "إسرائيل" وأدواتها في المنطقة، طوال الفترة الماضية، واكتشفت الأمة أن تلك الخلافات لم تكن إلا أداة بيد المستكبرين لتفريق الأمة وإضعافها، وأنه لولا تداعياتها اليوم لما تجرأ العدوّ "الإسرائيلي" على الاستمرار في وحشيته وإجرامه.
لم يتم تغذية الخلافات الجزئية من النواحي الطائفية فحسب، فالواضح أن العدوّ عمل على تغذية الخلافات القطرية، وصنع أوهام الحدود بين بلداننا التي لا يفصلها الدين ولا الجغرافيا ولا اللغة ولا العادات والتقاليد ولا الثقافة، حتّى أصبحت الصراعات الإقليمية التنافسية على الزعامة منذ عهد ناصر وفيصل وما بعده، هي أهم ما يميز العلاقات بين دول المنطقة، ولا تزال قائمة إلى اليوم، وكلها بفعل المستكبر الأميركي خدمةً للصهيوني.
عندما اجتمعت الدول العربية في تحالف، للأسف الشديد، كان تحالفًا عسكريًّا عدوانيًّا بقيادة السعودية ضدّ اليمن، وأحد أسلحة التجييش كان سلاح الطائفية، الذي طفحت به كتابات وتقارير أعداء الأمة، وأصبح لازمة لكل تحليل أو مقال أو تقرير يتحدث عن اليمن، ويصفه بأنه تحالف تقوده السعودية السنية، ضدّ الحوثيين الشيعة، هكذا بصراحة، وكانت تردّده ببغاوات الإعلام الرسمي في المنطقة بكلّ غباء وبلا خجل.
إن الأمر الأكثر غرابة وإثارة للتساؤل هو ما قاله أمس قادة الكيان، إن الوصول إلى السلام لا يتم إلا بتشكيل تحالف عسكري إقليمي، هذا قاله لابيد بالأمس، وأكد عليه مجرم الحرب نتنياهو أمام الكونجرس، في حفلة التصفيق الصاخبة، وهذا يعني في ما يعنيه أن العدوّ في حالة هزيمة، بالإضافة إلى أن مشاركة دول عربية في تحالف مع العدوّ الإسرائيلي، إن تم ذلك فهو أدنى درجات السقوط العربي، وأوضح آيات العمالة والخيانة، وأبهى صورة تفرز الفسطاطين، الحق والباطل، وتؤكد صوابية الخيار في المواجهة، والمقاومة والجهاد، وستعمل على تسريع النصر، وإيقاظ ما تبقى من سبات الأمة.
لبناناسماعيل هنيةايرانفؤاد شكرالسيد محسن
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
02/12/2024
كيف حقّقت المقاومة نصرها العسكري والسياسي؟
30/11/2024
قراءة في خطاب النصر!
28/11/2024
شواهد من يوم النصر الأعظم
28/11/2024
نصرك هز الدنيا.. ولو بغيابك يا نصر الله
28/11/2024