آراء وتحليلات
ثلاثة تحذيرات وثلاثة مؤشرات.. الرياض لا تملك ترف المماطلة
وجّه قائد حركة "أنصار الله" سماحة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي ثلاثة تحذيرات، بشكل مباشر وصريح، للسعودية بعد أن اتسمت تحذيراته، قبل العام الهجري الجديد، بنوع من التلميح. وبإزاء تلك التحذيرات جاءت ثلاثة مؤشرات تقول للسعودية، بشكل غير مباشر، إن عليها الاستماع إلى صوت المصلحة السعودية، قبل مصلحة الكيان الصهيوني وقبل مصلحة واشنطن، وأن تكفّ عن التورط باستهداف شعب اليمن العزيز والكريم بأي إجراءات عدوانية اقتصادية.
مع بداية السنة الهجرية؛ كان السيد القائد عبد الملك الحوثي واضحًا في تحذير الرياض من مغبّة استمرارها في دعم الإجراءات الاقتصادية العقابية عبر بنك عدن المحتلة، بحق البنوك والمصارف في صنعاء. وأشار إلى أنه من غير المنطقي الطلب من بنوك دولة ما تغيير مكانها، وتساءل: هل تقبلون بأن تغلق كلّ المطارات في السعودية، وأن تنقطع الرحلات، وأن تغلق الموانئ؟
وفي خطابه الأسبوعي عن مستجدات الساحة الفلسطينية والعدوان "الإسرائيلي" وجبهات الإسناد، في الخامس من المحرم، أعاد السيد الحوثي توجيه التحذير للسعودية، ناصحًا مخلصًا، ورأى أن ارتكاباتها تعدّ خطًا أحمرَ، كما كرّر السؤال ذاته: "هل ستقبلون في واقعكم بكلّ هذا؟ منع رحلات المطارات، إغلاق الموانئ، إجبار البنوك الأهلية، منها والحكومية، ومقرات للمؤسسات والشركات في الرياض على الانتقال؟".
ثالث التحذيرات الصريحة للسعودية، وبشكل مباشر جاء في خطاب عشية العاشر من المحرّم، وبعد إشادته بالخروج المليوني الكبير والعظيم الجمعة الماضية، وكان بحق خروجًا استثنائيًا لأبناء اليمن عمومًا، عكسَ تلاحم الشعب مع القيادة وارتفاع نسبة الوعي والسخط ضدّ السعودية، والتي تصر على تنفيذ التوجيهات الأميركية خدمة للكيان الصهيوني المجرم. فقد عبّر أبناء الشعب عن ذلك الوعي، وأسمعوا صوتهم وموقفهم إلى كلّ العالم، بثباتهم على الموقف الحق في مناصرة الشعب الفلسطيني، بالرغم من أنف كلّ عميل، والاستعداد التام للتصدي لأي خطواتٍ عدوانيةٍ داعمةٍ لـ"إسرائيل" ضدّ شعبنا اليمني من النظام السعودي "قارون العصر، وقرن الشيطان".
بعد هذه التحذيرات؛ جاءت مشاهد الإعلام الحربي لعملية استهداف سفينة "CHIOS Lion" النفطية بزورق مسيّر في البحر الأحمر، ليكون أهم مؤشر ورسالة مهمّة للسعودية، أنها إذا ما استمرت في فرض إجراءات عدائية عبر مرتزقتها، فلن تكون في منأى عن مثل تلك الزوارق المسيّرة التي يمكن أن تضرب في أي لحظة سفنها التجارية، أو أي سفينة تدخل إلى ميناء جدة، هذا إذا اقتصر الحظر اليمني على هذا الميناء فقط، ولم يشمل موانئ أخرى. كما تحمل أيضًا إشارة من البحر إلى الجو، لا سيما وقد أصبحت فعالية الصواريخ والطائرات المسيّرة بشكل يجعل إيزنهاور مجبرة على مغادرة مسرح العمليات في ذروة نشاطها.
في الحقيقة؛ إن غرق سفينة روبيمار وتوتور، وقبلها اقتياد سفينة غالكسي، إلى الشواطئ اليمنية، كلها حملت رسائل قوية وجدية للسعودية، بأن تُبقي اقتصادها وموانئها وملاحتها البحرية بعيدة عن التورط لصالح الكيان، وهو الأمر الذي بدا أن الرياض حافظت عليه طوال تسعة أشهر من بداية "طوفان الأقصى".
المؤشر الثاني الذي يجعل السعودية تفكر بشكل أفضل، هو ما نشره موقع "وورلد كارغو" المعني بأخبار الشحن العالمي عن إعلان ميناء "إيلات" إفلاسه نتيجة العمليات اليمنية ومنع سفن الاحتلال والمرتبطة به من المرور في البحر الأحمر. وهذا يدعو الرياض للتفكير في ما يمكن أن يحلّ بميناء جدة القريب نسبيًّا، من اليد الطولى للقوات المسلحة اليمنية، فلن يكون بحاجة إلا إلى بعض من الموارد العسكرية اليمنية لجعله يلتحق بميناء أم الرشراش.
هذا المؤشر، إن أضيفت في إطاره، الصادرات السعودية من النفط، والتي تمثل أغلب الميزانية السعودية، وعند وضعها في المهداف العسكري للقوات المسلحة اليمنية، فإنّ وصف الكارثة هي الوصف الوحيد والصادق الذي يمكن أن تطلق على حال الاقتصاد السعودي. ولن يختلف اثنان في كارثية نتيجة كهذه، ليس فقط على اقتصاد الرياض، وإنما الاقتصاد العالمي، وعندها فسيكون المثل القائل "عليّ وعلى أعدائي"، هو ما يظلل المرحلة. أو بتعبير السيد القائد "فلتكن ألف ألف مشكلة".
أما ثالث المؤشرات، وهو مؤشر ليس طارئًا، بقدر ما هو مؤشر مستمر، والمتمثل بالفشل الإسرائيلي على مدى عشرة أشهر، في تحقيق أي من أهداف العدوان على غزّة، وارتكاب المزيد من الجرائم المتوحشة بحق غزّة وأطفالها ونسائها، الأمر الذي يزيد من الاحراج للنظام السعودي في مواصلة الصمت فضلًا عن المضي في صفقات التطبيع مع العدوّ. وهو وبكل هذه الوحشية، وكلّ هذا الفشل والعجز، مضافًا إليه فشل الولايات المتحدة وبوارجها وقطعها الحربية إلى جانب البحرية البريطانية وبحرية الاتحاد الأوروبي، فشلها جميعًا في تأمين الملاحة للسفن الإسرائيلية والأخرى المرتبطة بها.
يبقى من نافلة القول الإشارة إلى أن الحسابات الخاطئة والإغراء الأميركي فقط هي ما يمكن أن تُعمي عين الرياض عن تلك التحذيرات والمؤشرات، لتسقطها في التقدير أن اليمن المنشغل بإسناد غزّة وتسخير موارده العسكرية للعمليات ضدّ "إسرائيل" وكلّ من يدعمها ويعتدي على الشعب اليمني، ويكفي أن يعلم حكام اليمامة، بأنه خلال عمليات إسناد المجاهدين في غزّة، أطلقت القوات المسلحة اليمنية أكثر من 800 صاروخ باليستي ومجنح وطائرة من دون طيار وزورق مسيّر ضد أهداف للعدو في العمليات البحرية والعمليات على الأراضي المحتلة، وهو ما يدل على وفرة وتعاظم الإنتاج الحربي اليمني وزخم العمليات التي تجاوزت 205 عمليات، استهدفت 168 سفينة... وفهم العاقل كفاية.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
29/11/2024