موقع طوفان الأقصى الجبهة اللبنانية

نقاط على الحروف

أعداء أنفسهم
29/06/2024

أعداء أنفسهم


لاقت مجزرة العصر في غزّة مواقف شعبية غاضبة حول العالم، لا سيما في بلاد حكوماتها داعمة ومؤيدة للعدوان، ومتحاملة على الضحية المحتلة أرضه، في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها، خاصة تلك التي شهدتها جامعات أميركية، ذكّرت العالم بمظاهرات الاحتجاج على حرب فييتنام، ويُنسب إليها التأثير الأقوى في وقفها. ولكن، لاقت الإبادة في بلاد العرب بلادة فاضحة. وبعض العرب لم يكتفِ بالسكوت والوقوف على التل أو بالموقف المحايد، بل انحاز إلى العدو، ومده بكلّ ما استطاع إليه سبيلًا من الدعم المادي والمعنوي، والتفّ على الحصار الذي فرضه أبطال اليمن على السفن الصهيونية، فضلًا عن ماكينات إعلامية لا هم لها إلا تبخيس المقاومة، وتحميلها ردة الفعل الصهيونية، وبالتالي المسؤولية عمّا آل إليه حال أهل غزّة من خسائر بشرية ومادية فادحة إلى أقصى الحدود، فضلًا عن التجويع والحصار وفرض مجاعة حقيقية على الشعب هناك.


لا شك بقول القائل إن الشعوب غير حكوماتها! عليك أن تميّز بين الناس والسلطات التي تجثم على صدورهم! ويلحق الإعلام طبعًا بهذه القاعدة، فهو لا يعبر إلا عن رأي مؤسسيه وتوجهاتهم، وأغلبهم من الحكام وأذيالهم، لا سيما حكام بعض الدول العربية ذات التبعية اللصيقة بالغرب وسياساته. كذلك عليك أن لا تعتمد على ما يُكتب ويُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، فالذباب والجيوش الإلكترونية تحتلّ هذه الصفحات والحسابات.


أين الشعب العربي تحديدًا؟
إنه غارق غارق غارق، حتّى ينقطع التنفس والبصر والسمع، في تلك المياه، التي كان حريًا به أن يلقيها على الصهاينة فيغرقهم، تذكيرًا بما قاله يومًا سماحة الإمام الخميني قدس سره. 


وإن كثيرًا من العرب اليوم يتآمرون ويتآخون مع أعدائهم، ويسخرون من المقاومين، ويرون أن أعمال المقاومة في بلادنا "مسرحيات"، فيما أبطال هذه المقاومات شهداء بينهم قادة، قادوا حروب التحرير عن عواصم عربية، وردوا غزوات التتار والمغول الجديدة عن بيروت ودمشق وبغداد وأربيل والسليمانية وتلعفر وصولًا إلى صنعاء.


شرّ ما ابتُلي كثيرون من العرب به أن لا يميزوا بين صديقهم وعدوهم. بل إنهم ينامون عن عدوهم ويتربصون ببعضهم بعضًا؛ وفيما غزّة تدمر وشعبها يباد، وفيما تخلو الساحات منهم، لا يذكرون غزة وأهلها حتّى في المساجد التي ممنوع أن يُدعى فيها بالنصر لأهل فلسطين. 


وحتى في موسم الحج الأعظم، انطلقت الدعوات إلى تنزيهه عن السياسة، والاكتفاء بالمراسم والشعائر. وما هي السياسة بالتحديد؟ وهل الدعاء لله عز وجل بنصرة غزّة ورفع الظلم والحيف عن أهلها، والدعاء  للمظلومين، هو سياسة كي يُمنع أيضًا في مكة؟.

الجلاد الصهيوني يفتك ويقتل ويدمر ويهجّر، وكذا الراعي الأميركي ما زال يفرق بين العرب ويسود؛ ومع هذا، يريد البعض أن لا يصدر عن الناس ولو أضعف إيمانهم؛ التضامن والتعاطف مع الدم المسفوح. 
للأمة أعداء كثر، ولكن أخطرهم تلك النفوس التي تعيش بيننا!    

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف