خاص العهد
العراق على خط الوساطة بين دمشق وأنقرة
بعد فترة طويلة نسبيًّا من التوقف عادت المساعي الرامية إلى وضع حد للقطيعة بين دمشق وأنقرة للعمل، وهذه المرة عبر البوابة العراقية لإنهاء الخلاف المزمن بينهما منذ بداية الأحداث الدامية في سورية واتهام دمشق لأنقرة بالضلوع الكبير فيها. وبالرغم من الجهود الكبيرة واللغة المتفائلة التي يتحدث بها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن إمكانية التوصل إلى اتفاق إلا أن المسائل العالقة والثقة المعدومة بين الجانبين لا تعطي الكثير من أسباب التفاؤل في احتمال نجاح تلك الوساطة.
الصلح مع دمشق مصلحة قومية تركية
وعن الوساطة التي أعلن عنها رئيس الوزراء العراقي وإمكانية نجاحها قال المحلل السياسي إبراهيم العلي لموقع "العهد" الإخباري إن بغداد تقود جهودًا جدية وحثيثة لإنهاء القطيعة بين سورية وتركيا وتطبيع العلاقات بينهما لأن في ذلك مصلحة كبيرة للعراق لا تقل عن مصلحة البلدين الجارين وهذا ما عبر عنه رئيس الوزراء العراقي في حديث له لصحيفة هابرتورك عندما قال إن أمن سورية من أمن العراق وإنهاء هذا الصراع الذي استطال فترة طويلة يكرس حالة من السلم والاستقرار في المنطقة ويدفع هذه الدول إلى الالتفات إلى المشاكل العالقة والتعاون لحلها ولا سيما التهديد الذي يشكله وجود كيان كردي يسعى للانفصال داخل سورية ويهدّد الأمن القوميّ التركي إلى حد كبير.
إلا أن المحلل السياسي رأى أنه وإن كان تطبيع العلاقات بين البلدين مصلحة للجميع إلا أن المصلحة التركية في ذلك أكبر وأكثر إلحاحًا خاصة وأن الأمر لم يعد متعلّقًا بالتهديد الأمني فقط بل تجاوز ذلك إلى التهديد الاقتصادي والديمغرافي مع تفاقم أزمة اللاجئين السوريين في تركيا والعبء الكبير الذي يشكلونه على الاقتصاد التركي وتزايد الحالة العنصرية ضدّ السوريين من قبل الأتراك وتحميلهم سبب تدهور الوضع الاقتصادي داخل تركيا، وقد كانت هذه أهم الشعارات الانتخابية التي قدمتها المعارضة التركية في الانتخابات الماضية والتي كادت أن تحقق على أثرها النصر على حزب العدالة والتنمية وألجأت أردوغان إلى مناشدة دمشق وبإلحاح إلى التفاوض معه قبيل الانتخابات.
ورأى المحلل السياسي أن الرغبة التركية في إعادة العلاقات مع دمشق لم تكن مجرد حاجة انتخابية انتهت مع نهاية الانتخابات بل هي مطلب جاد تجمع عليه كلّ الأحزاب والنخب السياسية في تركيا بدءًا بالمعارضة التركية التي كان موقفها واضحًا منذ بداية الأحداث بمعارضة سياسة أردوغان وتدخله في سورية وصولًا إلى حزب العدالة والتنمية الذي ادرك مؤخرًا فشل سياسته فضلًا عن شريكه بالحكومة زعيم الحركة القوميّة في تركيا والذي دعا مؤخرًا إلى عمليات عسكرية مشتركة مع دمشق ضدّ الانفصاليين على حدود البلدين.
إلا أن العلي اعتبر أن التطبيع مع دمشق لن يكون بالمجان وأن لدى السوريين مطالب محقة تجاه تركيا ليس أقلها الانسحاب الكامل من الأراضي السورية أو الإعلان الصريح عن الرغبة بذلك فضلًا عن التعويضات التي يجب أن تقدمها أنقرة تعويضًا عن الخسائر التي لحقت بسورية وكان لتركيا دور كبير بها.
وبالرغم من المصلحة الواضحة لأنقرة بالتطبيع مع دمشق إلا أن المحلل السياسي شكك بنوايا تركيا تقديم هذه الأثمان مقابل ذلك موضحًا أن الوقت لم يحن بعد لنضج هذا التطبيع.
بغداد خلية عمل ناشطة لإنجاح الوساطة
وبالرغم من القضايا العالقة والمستعصية بين الجانبين إلا أن ذلك لم يثن الحكومة العراقية عن مساعيها لرأب الصدع. وحول هذا الموضوع قال المحلل السياسي حازم عبد الله لموقع "العهد" الإخباري إن بغداد كانت تعمل بصمت وصبر على إنجاح هذه المفاوضات منذ زيارة أردوغان إلى العراق الشهر الماضي والزيارة التي قام بها بعد ذلك رئيس الحشد الشعبي السيد فالح الفيّاض إلى دمشق ولقاء الرئيس الأسد وتتويج هذه الجهود بعد ذلك بإعلان السيد محمد شياع السوداني عن مفاوضات قريبة بين تركيا وسورية في العاصمة بغداد.
ورأى عبد الله أن الطابع الشخصي قد يلعب دوره أيضًا في تحسين فرص نجاح هذه الجهود حيث إن رئيس الوزراء العراقي لديه من الإمكانات ما يمكنه من تحقيق الفرق وقد صرح لصحيفة هابرتورك أنه لعب دورًا في التقريب بين كلّ من السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية قبل دخول الصين على الخط وإبرام الصلح بينهما بالإضافة إلى العلاقة القوية التي تجمع السوداني بسورية وقيادتها، فقد سبق له أن قام بزيارة إلى دمشق كانت الأولى لرئيس وزراء عراقي منذ ١٣ عامًا.
ورأى المحلل السياسي أن هذه الجهود قد تسهم في حل الخلافات العميقة بين البلدين أو التخفيف منها على أقل تقدير.
إقرأ المزيد في: خاص العهد
02/12/2024
القرض الحسن: صمود وعمل مستمر رغم العدوان
30/11/2024