معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

الشذوذ و"البيدوفيليا" وجهان لإعلام واحد.. والأسرة هي الهدف
04/06/2024

الشذوذ و"البيدوفيليا" وجهان لإعلام واحد.. والأسرة هي الهدف

في أجواء أسبوع الأسرة الذي يمتد من 26 ذي القعدة إلى 1 ذي الحجة، تزامنًا مع زواج النورين الإمام علي(ع) والسيدة فاطمة الزهراء(ع)، كان لا بد من التركيز على بعض التحديات التي تواجه نواة المجتمع وأساسها. التفلّت الاجتماعي والإعلامي، وغياب الدور الرقابي من قبل أجهزة الدولة المعنيّة، أديا إلى حالة من الفوضى في لبنان، انسحبت على المضمون الذي يُبَث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وصولًا إلى وسائل إعلامية باتت تعتاش على خبز الآفات الاجتماعية، فتخترق أمان كل منزل، وتتجرأ على العبث بعقول وقلوب الأطفال والناشئة، لأدوار مشبوهة.

"البيدوفيليا" أو انحراف التحرّش بالأطفال، صنّف حتّى الآن كمرض نفسي يدفع المريض إلى التحرّش بالأطفال طوعًا أو كرهًا. لمَ قلت حتّى الآن؟ لأنه ومنذ فترة زمنية ليست ببعيدة، كانت المنظمات الحقوقية والنفسية العالمية نفسها، تُصنّف الشذوذ الجنسي في الخانة نفسها، إلى أن قرّر أحدهم من منظمة الصحة النفسية الأميركية APA أن يشطبه من قائمة الأمراض النفسية، وشيئًا فشيئًا أصبح أمرًا واقعًا لا بدّ لنا أن نتقبله بل ونرحب به، بل أكثر من ذلك، علينا أن نسانده وندعمه وإلا نُتّهم نحن بالشذوذ، هكذا فرض السيد الأبيض!

و"البيدوفيليا" هي نوع من أنواع الشذوذ الجنسي، ولا أعلم ما الذي يبقيه خارج قائمة الترويج والدعم الواسع حتى الآن، إلا أنه ليس مُستبعدًا أن يكون فرضًا جديدًا من فروض الطاعة التي سيسنّها السيد الأبيض قريبًا، ما إذا وجد له مصلحة في ذلك، تحديدًا في ما يخص قضيته الكبرى وهي تحديد النسل وتخفيض الكثافة البشرية على ظهر الكوكب، والتي بدأت منذ منتصف الستينيات وكانت منطلقًا لتشريع الإجهاض والشذوذ معًا.

لعل بعضنا سمع هذا المصطلح "البيدوفيليا" حديثًا مع القضية التي ظهرت مؤخرًا في لبنان مع عصابة التحرّش التي اتخذت من تطبيق "تيك توك" منطلقًا لها، إلا أن المصطلح ليس حديثًا، وأي مُطّلع يذكر على الأقل، أن شركة أزياء عالمية منذ عام تقريبًا، قد روّجت لهذه الظاهرة ودعمتها إعلانيًا، إلا أن الحملة التي شُنّت ضدها جعلتها تتراجع أو ربما تتريث إلى حين امتصاص الرأي العام للصدمة الأولى.

هذا الانحراف كما غيره، هو حالة شاذة تحاول الكثير من الشاشات والمنصات الرقمية، ضمن مخطط غربي، التطبيع معه. منذ العام تقريبًا، استضافت إحدى مقدمات البرامج على قناة تلفزيون "الجديد" ضيفًا اسمه جورج مبيّض، وهو مصفّف شعر و"تيكتوكر" اشتهر بتصفيفات شعر غريبة بل شنيعة، وكل رصيده أنه غريب، وهو ما يتّصف به البرنامج الذي يلقي الضوء على الظواهر الغريبة. وتحت هذا العنوان فتح الهواء على مدار أربعة مواسم لكل ما يخطر على بالنا من حالات شنيعة أو بخسة أو رديئة للترويج لنفسها، سواء شذوذ أو فن هابط أو فضيحة جنسية أو اجتماعية أو منظمات سرّية وسواها.

وما يُفاقم من سوء الأمر ويَسِمه بالترويج أو العرض الذي يعود بالسوء أكثر من كونه استقراءً للظاهرة، هو أن المقدّمة، ذات مظهر حسن وأنيق، وأسلوب دمِث، وفقط، أي أنها ليست بمقام يسمح لها بالمحاججة والدحض، أو ربما، ولحسن ظننا بها ليس مطلوبًا منها الدحض بل عليها أن تكتفي بالترويج والاستعراض، والاندهاش بين فاصل وآخر، وكفى الله المؤمنين شرّ القتال.

تابع الشارع اللبناني قضية العصابة المنظمة والتي يرأسها في لبنان جورج مبيّض، الحلاق الذي استضافه البرنامج، ولكن لفتني أمر في متابعة القضية وفي البرنامج بالتحديد، بين قوسين، "ماذا يعني فوق 18"؟ ألم يكن هذا المُصطلح يُستخدم كتنويه للرأي العام لعدم صلاحية المحتوى المعروض، كونه يتضمن مشاهد إباحية وعنيفة؟
ألم يكُن مصطلحًا مدموغًا ولازمة لأفلام الرعب والأفلام الإباحية؟ إذًا كيف أصبح برنامجًا حواريًا مُصنّفًا على كونه برنامجًا اجتماعيًا يدخل عبر الشاشة الصغيرة إلى كل بيت دون تشفير؟

بالعودة إلى القضية، وبعد انكشاف أمر العصابة، عادت المقدّمة لفتح الموضوع هذه المرّة للرد على الشبهات حول برنامجها مقدّمةً لذلك أن برنامجها ليس تحقيقًا "إنما هو برنامج لإلقاء الضوء على الظواهر الغريبة"، وربما كان عليها أن تقول، إن تسمية البرنامج تكفي لابتعاد العاقل والمحترم عنه، وأن من يرتادونه هم في الأصل يبحثون عمَّا هو إباحي أو مخيف.

يكفي كمشاهد أن تشاهد الحلقتين لتعرف أن ما يحصل في البرنامج مهزلة لا يُمكن أن تُسمّى إعلامًا لا من حيث الترويج، ولا في الاستدراج والإهانات القضائية، والتسريبات من المصادر الخاصة المجهولة في حلقة الدفاع الثانية. لكن فعليًا سؤالي أنا كمشاهد، أو كأهل -التوصيف الذي أصرّت المقدمة أن تُكرّره خلال حلقتها الدفاعية - من فتح لهؤلاء الهواء سابقًا ومن ما يزال يفتح الهواء لأمثالهم من الشاذين؟ من يفسح لهم المجال ليروجوا لأنفسهم ويطبّعوا وجودهم في مجتمعنا؟

من جرّم "البيدوفيليا" ومن حرّمها؟

وهنا أحب أن أخبر المقدمة، أن "البيدوفيليا" هي نوع من أنواع الشذوذ الذي تروجين له. "البيدوفيليا" فعل شاذ يّجرّمه حتى الآن المجتمع الدولي، ولكن يبدو لن يكون الأمر طويلًا وسنعرض لاحقًا سبب ذلك. ويجرّمه القانون اللبناني بشقّين، الأول كفعل اعتداء على قاصر وحكمه أشغال شاقة، والجرم الآخر وهو المعاشرة بما يخالف الطبيعة وهذا ما أخبرك به المحامي في الحلقة وأثيرت دهشتك حول تساهل القانون مع هكذا جُرم، ولكن ما لم يخبرك به المحامي أن هذه المادّة التي تُجرّم هؤلاء هي ما تستميت جمعيات الدفاع عن "المثليين" لإلغائها وهي المادة 435 من قانون العقوبات اللبناني.  فهل تعلمين أنكِ تستضيفين جمعياتٍ وأشخاصاً يريدون إلغاء هذه العقوبة عمَّن يمكن أن يتعرّض لأبنائك أيتها الأم؟

الجهة التي جرّمت الشذوذ حتى مطلع السبعينيات هي نفسها التي تجرّم "البيدوفيليا". وباستعراض بسيط، بدأ الأمر مع الشذوذ على أنه أمر من أمرين، إما أنه اضطراب نفسي أو أنه خلل جيني، وكان الخطاب الإعلامي يدعو للتعاطف مع الشاذين كونهم ضحايا وليسوا مجرمين. وفي ليلة واحدة تحوّل التوصيف من ضحايا إلى أصحاب حق، ومن مرضى إلى أناس طبيعيين بل ومن لا يؤمن بهم فهو الشاذ. وهذا ما قُدّم مؤخرًا عن "البيدوفيليا". فمرضى البيدوفيليا كانوا حتى الأمس القريب، مجرمين، ومن ثم مرضى جينيًا أو نفسيًا، إلى العام 2018 حيث بدأت الدراسات والتصريحات تشير إلى أنهم طبيعيون، وبدأت جمعية NAMBLA  المدافعة عن حقوقهم بالمطالبة بشطبهم من قائمة الأمراض النفسية. السيناريو نفسه، بمعنى آخر أنكِ اليوم تروجين لما قال عنه من سبقك أنه جريمة يجب معاقبة الفاعل عليها، كما تفعلين تماما مع "البيدوفيليكس".

يقول توم أوكارول، إعلامي بريطاني بيدوفيلي "هذا عصر الحب لا الحرب.. في يوم من الأيام سننال كل حقوقنا، وسيعترف المجتمع بتوجهنا الجنسي نحو الأطفال. نحن نعاني من التمييز والاضطهاد، رغم أننا قادرون على إنشاء علاقة عاطفية وجنسية مع الأطفال أحيانًا أفضل من علاقتهم بآبائهم وأمهاتهم!".
مخيف هذا التصريح أليس كذلك؟ ويذكرك بتصريحات ما قبل تشريع الشذوذ من جمعيات الدفاع عنهم. لغة الحب والمعايير نفسها التي قُدّمت للشذوذ تُقدّم "للبيدوفيليا"، فلا يحق لك أن ترفضيه! بل إنك من يروّج له. أخبري أبناءكِ بهذا.

إن تشويه الذوق العام للمجتمع والمساس بأمن الأسرة، يعدّ إخلالًا بأمن المجتمع بأسره، لما تمثّله الأسرة من حجر أساس يُبنى عليه. لذلك، لا بدّ من التصدي لهذه الحالات الشاذة قبل انتشارها وتوسّع نطاقها، والوقوف في وجه المروّجين لها، لأن سلامة المجتمع وحماية الناشئة، أولوية قصوى على "التراند" وتحصيل المشاهدات.

أسبوع الأسرةوسائل الإعلام

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة