معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

الخامس والعشرون من أيار وشهية الكتابة والتحليل والنشر حول حزب الله
29/05/2024

الخامس والعشرون من أيار وشهية الكتابة والتحليل والنشر حول حزب الله

يمكننا التحدث في مواضيع كثيرة بات تحرير جنوب لبنان في العام 2000 المحفز الأول لها، ليس في لبنان فقط بل حول العالم. فانتصار 25 أيار هو بشكل مبدئي انتصار على فكر استعماري قاد إلى التحرير حول العالم. ولن يكون بإمكاننا خلال هذه الفسحة الصغيرة أن ندل على نتائج وتداعيات الانتصار، ولا حتّى عن السياسات التي اتبعت، في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، ولا حتّى عن الأموال التي دفعت من أجل تحقيق أهداف وضعت من أجل الدخول إلى أعماق بناء حزب الله في هذا السياق، ولذلك أثار انتصار 25 أيار شهية واهتمام الباحثين والدارسين، ودفعت أموال طائلة، من ضمن ما رصد من الأموال، من أجل دراسة الحزب وتاريخه وتطور حركة المقاومة فيه ونشوء المذهب الشيعي والبيئة الحاضنة لحزب الله وكيف تتفاعل معه ومن يدعمهم.

ولم يتوقف إنتاج الكتب والدراسات منذ ذلك الوقت وحتّى اليوم، وغدًا بعد انتهاء المعركة التي ابتدأت بعد طوفان الأقصى، سنشهد ارتفاعًا أكبر في عدد الكتب التي ستتحدث ليس فقط عن حزب الله، والمحور الذي يعد ركنًا أساسيًا فيه، بل ستمتد الدراسات لتطال حركة أنصار الله، وحماس، والحشد الشعبي. ولكن وللأسف لن يتعامل الباحثون الغربيو المزاج مع حركات المقاومة كجزء من المعركة الكبرى التي دخلتها المنطقة ضدّ الاستعمار والاحتلالات بكافة أشكالها وصورها، بل سيتعاملون معها كحركات جزئية، كما تعاملوا مع المقاومة الإسلامية في لبنان وكأنها حركة جزئية، وأحيانًا طارئة، ويجب تحليلها وتمحيصها. ومن الجيد أن نعرف أن هذه المجموعات من الكتب تلقى إقبالًا واسعًا وباتت مراجع تعتمد لباحثين آخرين.

بالتأكيد لا يمكننا تحديد حجم الكتب والدراسات التي تضمنت مؤلفات عن حزب الله وعن المقاومة منذ العام 2000، ولكن يمكن القول إنه منذ العام 2000 وحتّى العام 2010، التقيت بعشرات طلاب الدراسات العليا في الماجستير والدكتوراه والذين جاؤوا إلى لبنان من أجل كتابة أبحاثهم حول حزب الله، وحركة المقاومة، وهم من مختلف الجنسيات الأوروبية والأميركية الشمالية واستراليا. ولذلك فإن المؤلفات الموجودة، لا يمكن حصرها باللغات الألمانية والفرنسية والإنكليزية، بل هي موجودة بمختلف اللغات الغربية، إن لم نقل إن هناك باحثين كتبوا عن حزب الله من دول آسيوية وحتّى من روسيا. الاهتمام الكبير بحزب الله بعد العام 2000، جاء بالتأكيد لأنه القوّة التي أخرجت الجيش الصهيوني من جنوب لبنان، وهذا أدى بالتالي إلى دفع إعلامي قوي للكتابة. 

توالت بعد ذلك محطات هامة في تاريخ الصراع مع العدو، ومن أهمها عملية تبادل الأسرى الكبيرة في العام 2004، بعد عملية أسر جنود ثلاثة وضابط صهيوني، هو إلحانان تاننباوم في العام 2000. احتفظ الصهاينة بأسرى لبنانيين ولم يطلق سراحهم خلال التبادل في العام 2004. كان معظم هؤلاء لا ينتمي لحزب الله ومنهم الشهيد سمير القنطار. كان ذلك خطأ كبيرًا ارتكبه الصهاينة وأدى إلى عملية خطف الجنود الصهاينة في تموز 2006، الأمر الذي توسع ليغدو عدوانًا على لبنان في العام نفسه. 

تتالي الأحداث السابقة فتح الشهية عند الباحثين للكتابة عن الحزب، وأنتج العديد من رسائل البحث العلمي بعد إيفاد جامعات كبرى حول العالم طلابها للبحث والكتابة في هذا الموضوع. وفي سؤال مبدئي للعلاقات الإعلامية في حزب الله، يبدو أن عدد الذين طلبوا لقاءات من أجل الكتابة عن الحزب قد تجاوز الآلاف، بمن فيهم عدد كبير من الصحفيين والجهات الإعلامية، ونحن هنا نتحدث عن الفترة ما قبل حرب تموز 2006. 

بعض الكتب التي نشرت حول حزب الله، لم يأت مؤلفوها إلى لبنان وخاصة الكتّاب الصهاينة، ومنهم من ذهب لاستقاء المعلومات من الجامعات ومراكز الدراسات العبرية، ولكن ما يمكننا قوله وهو جزء مما يتوافر اليوم بين أيدينا أن الجامعات الكبرى والصغرى وخاصة في مجال العلوم السياسية والاجتماعية وعلم الإنسان والتاريخ السياسي والطبوغرافيا والنسويات كان لديها رسائل تخرج وورقات بحث حول حزب الله. كما أن هناك من جاء من أجل دراسات في البناء والتجمعات السكانية، والدراسات المعمارية، وإذا ما كان تصميم بيوت حزب الله يختلف في عن باقي البيوت في لبنان، وإذا ما كان لحزب الله نظام بناء خاص لتوزّع الطرقات في الأحياء التي يعيش فيها، وبخاصة في حارة حريك. هذه الفرضية تحدثت عنها "كاتيا" وهي طالبة ماجستير في العمارة، جاءت من سويسرا، وكنت قد التقيتها في العام 2003. في الحقيقة الفرضية بحد ذاتها كانت مفاجأة بالنسبة لي، لقد تم افتراض أن أي تجمع يتواجد فيه حزب الله سيكون مختلفًا حتّى عن باقي أحياء بيروت. 

وخلال بحث بسيط عن الكتب المنشورة حول حزب الله نرى أن معظم الجامعات الكبرى في العالم، مثل هارفرد وكولومبيا ومعهد واشنطن للدراسات العليا وهو موجود في ماساشوستس، وسانت أندرو، التي تخرج أبناء مملكة بريطانيا عدا عن جامعات ألمانيا وبريطانيا وجامعة نوتردام وغيرها في فرنسا و... جميعها لديها كتب ودراسات حول حزب الله. وكما قلنا فإن طلابها توافدوا بعد العام 2000 إلى لبنان للحصول على المعلومات، ولم يكن المصدر دائمًا هو حزب الله، بل كان أحيانًا معارضين للحزب وحلفاء للأميركيين في ألطف الحالات. وإذا ما دخلت إلى مواقع بيع الكتب أو حتّى نشرها فستجد كتبًا متنوعة وذات مصادر مختلفة. فعند الدخول إلى موقع Middle East Review for International Affairs، نرى أنه نشر في دوريته في المجلد الثالث، في أيلول/ سبتمبر العام 2000، مقالين بحثيين حول إيران، واثنين حول فلسطين، وواحدًا عن العلاقة بين الكيان والصين، وواحدًا عن العلاقات بين العرب والكيان وعن معاهدات السلام بالتحديد، ومقالًا عن لبنان والكيان، وفيه يظهر الكلام عن التحرير وحزب الله جليًا، والأخير عن حزب الله بالتحديد، أي أن حزب الله كانت له حصة كما حصص إيران وفلسطين.

وعند الدخول إلى موقع روتلدج: Routledge: Taylor & Francis Group، نرى في القسم المتعلّق بالشرق الأوسط، 32 كتابًا بعناوين تحمل اسم حزب الله، وهذه نسبة كبيرة في حجم المواضيع وأقسامها، فحزب الله ليس دولة، وإنمًا حزب، وتوجد كتب أخرى تتعلق بلبنان وسورية والكيان يرتبط قسم كبير منها بحزب الله، وخاصة ما يتعلق منها بالحرب على سورية. فهل يمكننا تخيل مجموع الكتب التي تتحدث عن حزب الله بعد العام 2000، مع أنها لم تكن تتجاوز أصابع اليد قبل التحرير. وهي تتحدث في كلّ شيء، الهيئات المرتبطة بحزب الله والمنظمات النسائية والحرب مع الكيان، وكلّ ما يمكن تصوره، وهي كتب في العادة مختارة بعناية ونتاج طلاب الدراسات العليا في الجامعات المرموقة. 

وأما العناوين التي تحمل اسم حزب الله فهناك 111 عنوانًا على موقع بران ونوبل [Brans & Noble]. وعلى آمازون هناك 199 كتابًا بعناوين عن حزب الله، والأمر نفسه ينطبق على موقع دبري، [Dubray]، فقد تضمن الموقع 441 كتابًا بالإضافة إلى كتاب هو رواية ذاتية لكاتبة فقدت صديقتها في حرب 2006. هذا ونحن هنا لم نرصد مواقع الكتب التي تتحدث عن حزب الله تحت عنوان الحركات الشيعية، أو تاريخ الشيعة، أو التي تتحدث عن الأحزاب وتاريخ الصراع مع العدوّ الصهيوني. وهناك مواضيع مختلفة جدًا منها ما يتوافق مع القصّة الحقيقية ومنها ما يعرض وجهة نظره، ولكن هناك دراسات حقيقية وعميقة، ومن أهم هذه الكتب تلك التي يعمل عليها الطلاب اللبنانيون والعرب والذين يتابعون دراستهم العليا في الجامعات الغربية والشرقية، والتي تحاول إبراز وجهة النظر الواقعية عبر البراهين والوقائع والمقابلات والوثائق والتي تعرض للانتهاكات الصهيونية وأخطار الاحتلال دون مواربة.

عيد المقاومة والتحرير

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل