نقاط على الحروف
غزّة تسلب أميركا هيبتها.. وتغرقها في بحر التناقضات
لا جديد في تطوّرات العدوان على غزّة. آلة القتل الصهيونية مستمرة والمواقف الأميركية الداعمة لجرائم حرب الإبادة الجماعية على حالها، والحديث عن خلافات بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو والترويج لوقف تصدير الأسلحة الأميركية إلى الكيان الصهيوني مزاعم كاذبة، وليست سوى محاولات لذر الرماد في العيون لإخفاء حقيقة الانحياز الأميركي المطلق لهذا الكيان والمشاركة المباشرة في قتل الشعب الفلسطيني وتهجيره، وبالتالي الحد من السخط المتنامي من سياسة البيت الأبيض في داخل الولايات المتحدة وخارجها.
في آخر تصريحاته يقول بايدن إن وقف إطلاق النار في غزّة مرهون بإطلاق حماس سراح المحتجزين في القطاع. أعراض الزهايمر التي يعانيها بايدن ليست السبب وراء تبنيه هذه المواقف غير الواقعية من جديد، وهو الذي حذر من كارثة إنسانية في حال اجتياح رفح وتهجير الغزيين، لكنّها السياسة الأميركية التي تغرق في بحور من التناقضات، ويسقط معها زيف الشعارات الإنسانية وعناوين حرية الرأي والتعبير.
على المسار الملتوي ذاته، يسير وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن الذي أقر مجدّدًا بسقوط أعداد كبيرة من المدنيين الفلسطينيين في معرض تحذيره من الفوضى في حال اجتياح رفح من دون تحقيق أوهام القضاء على حماس. ولن يكون مستغربًا أن يخرج أي من المسؤولين الأميركيين لينكر سقوط ضحايا مدنيين، وتقديم شهادة لجيش العدوّ بعدم ارتكابه انتهاكات ضدّ القانون الدولي والإنساني في غزّة، وقد زعموا ذلك وروجوه.
الاصطفاف الأميركي مع كيان العدوّ واضح للجميع، مشاركة مباشرة في العدوان على الشعب الفلسطيني بالمال والسلاح وأعمال ومهام عسكرية متعددة في البر والجو والبحر. وفي الوقت نفسه؛ دعم سياسي لمنع المحاسبة وإتاحة المزيد من الوقت لجيش العدوّ لاستكمال عمليات القتل والتدمير والإبادة في القطاع، مع التمسك بجلباب الحياد والتعامل بصفة وسيط عبر قنوات شتّى.
المواقف المتناقضة للإدارة الأميركية بشأن غزّة لا حصر لها، ويكفي استخدام الفيتو لتعطيل كلّ محاولات إصدار قرارات وقف إطلاق النار لدواعٍ إنسانية. وفي الحقيقة أن أميركا لو أرادت وقف العدوان الصهيوني في غزّة لفعلت ذلك، فمن دون دعمها ودعم الغرب الكافر لا يمكن لجيش العدوّ مواصلة عدوانه على الشعب الفلسطيني وخوضه حربًا متعددة الجبهات، كما لا يمكن لاقتصاده أن يصمد في وجه تداعيات "طوفان الأقصى" وامتدادته.
كل متابع أو مراقب، يعلم كيف يتحرك البيت الأبيض بعدائية ضدّ القضية الفلسطينية، ويتعامل بشكل متناقض مع استحقاقات وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية. فمنذ بداية الحرب تخوض واشنطن مواجهات مباشرة لحماية أمن الكيان واقتصاده في البحر، وتمارس ضغوطًا وابتزازًا ضدّ الأنظمة العربية والإسلامية لثنيها عن دعم غزّة وإسنادها؛ بل المشاركة في حماية الكيان وتوفير سلاسل الإمدادات الغذائية لقطعان مستوطنيه، وهو واقع بحكم الموقف والمصالح المشتركة.
أميركا التي تقف أيضًا خلف حصار غزّة، ودعمت حرب الكيان على وكالة الأونروا، وحرّضت دولًا على قطع التمويل عنها، يخيّل إليك من حديث مسؤوليها بلغة الحرص على الأوضاع الإنسانية وكثرة تحذيرهم وتباكيهم على المعاناة والمجاعة أنها القائمة على أعمال منظمات الإغاثة الإنسانية. الحديث الأميركي عن المعاناة وبناء رصيف بحري ليس منطلقًا من الدعوة لوقفها؛ بل لاستخدامها بما يسهم في تحقيق العدوّ ما عجز عن تحقيقه عسكريًا، وهو ما يُفقد أميركا التأثير ويُغرقها أكثر في التناقضات.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024