نقاط على الحروف
ماذا يدبر الاحتلال الاميركي في سوريا؟
تراجعت فجأة حدّة الحملة العنصرية على السوريين الموجودين في لبنان، مما دفع الكثيرين، ولا سيما من العامة الذين انساقوا غرائزيًا معها وقاموا بأعمال عدوانية، إلى التساؤل عن أسباب "التعقلن الفجائي"، والتبريرات غير المتسقة مع التعبئة التي واكبت زيارات أوروبية مختلفة، بحثت في ملف اللاجئين السوريين لناحية القلق الأوروبي من موجات مخاطر الهجرة غير الشرعية، عبر البحر الأبيض المتوسط.
تؤكد معلومات على درجة عالية من الثقة أن السبب في "التعقلن" ناجم عن أمر أميركي يشبه أمر عمليات بالكف عن الحملة. سبب عميق يقف وراء التعليمات الأميركية لإعادة الخطاب العنصري في لبنان ضدّ اللاجئين، إلى "المدجنة الأميركية"، مع اقتراب موعد اجتماع بروكسيل لبحث القضية، سيما أن لبنان تبلغ سابقًا كلامًا أوروبيًا خطيرًا على لسان فرنسي وقح، فحواه أن عملية توطين السوريين آتية، وأن على اللبنانيين أن ينسوا ما تم ترسيمه من حدود سايكس – بيكو، والكلام للمسؤول الفرنسي، وأن هناك تقريرًا بهذا الشأن موجود في وزارة الخارجية اللبنانية وفق وزير الشؤون الإجتماعية هكتور حجار. أما السبب الأعمق، فأن الولايات المتحدة لا تريد ضجيجًا، في وقت تسوق إدارة الرئيس جو بايدن أولوياتها العسكرية في المنطقة، في ظل تسريبات تنطوي على انسحاب كامل للقوات الأميركية من سورية. ويزعم مقال في "فورين بوليسي" أنه "لم يتم اتّخاذ قرار نهائي بالمغادرة، وأن أربعة مصادر داخل وزارتي الحرب والخارجية تقول إن البيت الأبيض لم يعد مهتمًا بمواصلة المهمّة التي يرى أنها غير ضرورية. وتجري الآن مناقشات داخلية نشطة لتحديد كيف ومتى يمكن أن يتم الانسحاب".
هذه المناقشات إذا صحّت ليست ناتجة عن يقظة ضمير جرّاء انتهاك سيادة سورية وأراضيها، كما أنها ليست تماهيًا مع قواعد القانون الدولي في الامتناع عن السيطرة على الثروات ونهبها من جانب المحتل، وإنما لسببن آخرين:
الأول: ما يجري في المنطقة منذ عملية طوفان الأقصى والوضع الكارثي الذي يعيشه الأميركيون على المستوى السياسي والأخلاقي، مع لحظ ما يجري في البيت الداخلي، أي في الجامعات في معظم الولايات.
الثاني: هروب العديد من القيادات الذين صنعتهم المخابرات الأميركية في شرق سوريا، سواء من الأكراد أو من العرب، بعدما جمعوا ثروات طائلة كالذين سبقوهم من رواد الفنادق الفاخرة الذين شكلوا أطرًا وسموا أنفسهم قيادات في المؤتمرات المنظمة في العواصم الغربية وقد تبخروا، ما انعكس على التشكيلات المسلّحة التي تعيش حالة من القلق إلى حد الضياع، مع البحث عن حياة من نوع آخر.
في ظلّ هذه التطورات، أعادت الولايات المتحدة إطلاق إرهابيي "داعش"، ولا سيما من معسكر التنف، حيث يجري التجنيد والتدريب ليس فقط للعمل الإرهابي داخل سورية، وإنما باتّجاهات مختلفة من العالم. كذلك، دأبت القوات الأميركية على استخدام التقنيات المتوافرة هناك في تنسيق الإعتداءات الإسرائيلية، ولا سيما القصف الجوي على المواقع السورية والإيرانية الموجودة في سورية واستهداف فصائل المقاومة وفي مقدمتها حزب الله.
وفي هذا السياق، لا يقل مخيم الركبان خطرًا وأضرارًا عن التنف، ويمتاز بخصوصية ثانية تقوم على زرع الفتن وانطلاق مجموعات إرهابية من العرب والأكراد على حد سواء.
وفي السياق، تم الإعلان عمّا يسمّى "وحدة المهام الخاصة" وحددت مسرح عملياتها العاصمة دمشق وريفيها الشرقي والغربي لاستهداف كلّ القوى التي تواجه "إسرائيل" والاحتلال الأميركي، وكذلك ما يسمّى "كتيبة الظل" في الجنوب السوري وحددت إرهابها باستهداف الذين كانوا في المعارضة واكتشفوا زيف شعاراتها، واستخدامهم حطبًا في المشروع الأميركي المدمر.
يخلص مقال " فورين بوليسي" إلى الاستنتاج التالي: "في المرة الأخيرة التي صعد فيها تنظيم "داعش" في سورية عام 2014، أحدث تحولًا في الأمن الدولي بطرق سلبية للغاية. وإذا أدى انسحاب الولايات المتحدة إلى التعجيل بالعودة إلى فوضى تنظيم "جاعش"، فسوف نصبح مجرد مراقبين، غير قادرين على العودة إلى المنطقة التي سنضعها بشكل مباشر تحت سيطرة نظام منبوذ وحلفائه الروس والإيرانيين" حسب تعبير المقال.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
09/11/2024
أمستردام وتتويج سقوط "الهسبرة" الصهيونية
08/11/2024
عقدة "بيت العنكبوت" تطارد نتنياهو
07/11/2024