آراء وتحليلات
الهجوم الإيراني على كيان العدو والقلق في الغرب
القلق الأميركي الغربي، الذي ساد الأجواء قبيل الرد الإيراني على اعتداء العدوّ الصهيوني على القنصلية الإيرانية في دمشق، لم ينته بعد ليزداد وتكبر معه المخاوف من اتساع دائرة الاشتباك في منطقة الشرق الأوسط بعد تنفيذ إيران هجومها التاريخي، على الكيان الغاصب، لأن ما بعد الهجوم ليس كما قبله لا سيما إذا ما اتّخذ مجلس الحرب الصهيوني قرار التصعيد والرد على الجانب الإيراني.
ودخول إيران ساحة القتال المباشر مع كيان العدوّ بشكل واسع ومؤثر على الصعيدين العسكري والسياسي من شأنه أن يعيد صياغة المعادلات وقواعد الاشتباك في المنطقة، وأن يخط المسار الأخير لزوال كيان العدو، وأي اعتداء إسرائيلي على المصالح والمقرات الإيرانية في سورية أو أي مكان آخر سيقابل برد مباشر وسريع ودون سابق إنذار.
قبل الهجوم الإيراني كثرت التكهنات عن حجم الهجوم ومكانه، وعاش العدوّ لحظات رعب لم يعهدها وكان يمكن لطهران أن تكتفي بالسيطرة على سفينة الشحن الإسرائيلية أثناء عبورها من مضيق هرمز لكنّها اختارت الرد بكثافة نارية من قدراتها الصاروخية وطائراتها المسيرة التي كانت وما تزال تشغل وتؤرق قادة الكيان والبيت الأبيض على حد سواء.
بمئات الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية وقفت المنطقة على الحافة، ووضعت العدوّ الإسرائيلي وداعميه أمام خيارين أحلاهما مر، فإما الرد على إيران، وبالتالي إشعال فتيل حرب إقليمية غير محمودة العواقب على المعتدين أو الانحناء أمام الضربة وابتلاعها، والعمل على إخراج العدوّ من مأزقه في غزّة والحد من التهديدات التي تحاصره من البر والبحر.
في ردود الأفعال الإسرائيلية، فليلة الهجوم الإيراني وصفت في وسائل إعلام العدوّ بأنها فشل استراتيجي آخر لبنيامين نتنياهو، وصنف الهجوم بأنه إحدى أخطر الهجمات على الجبهة الداخلية "الإسرائيلية" وسط تأكيد اختراق الصواريخ الإيرانية الدفاعات المعادية وإصابة قاعدتي "نيفاتيم" والنقب الجويتين، وإتلاف طائرة نقل ومدرج وهذا ما أظهرته مقاطع فيديو نشرها جيش العدوّ وما خفي أعظم.
الرد الإيراني كشف عن مدى هشاشة قوة الرد الإسرائيلية التي فرضت إيران عليها معادلة ردع قاسية لن تستطيع بعدها القيام بالاعتداءات علنا ضدّ القادة والمسؤولين الإيرانيين وتحولت الحرب معها إلى المواجهة المباشرة بحسب الأوساط الصهيونية التي أعربت عن ذهولها من احتلال أجواء فلسطين من قبل الصواريخ والمسيرات الإيرانية وتحليقها فوق "الكنيست" والمنشآت الحيوية للعدو ما يكشف زيف السردية الصهيونية بحصانة الاجواء الإسرائيلية.
على الصعيد الدولي، قال مسؤول في البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن أبلغ نتنياهو بأن الولايات المتحدة لن تشارك في أي هجوم إسرائيلي ردا على هجمات إيران، بعد أن عبر له عن التزام بلاده الذي لا يتزعزع تجاه أمن الكيان.
بايدن كغيره من الزعماء الغربيين لا يريد أن يخرج الموقف عن نطاق السيطرة، خطابه وهؤلاء الزعماء واحد وهو تهوين وتقليل أثر الهجوم الإيراني ونصائح لقادة الكيان بعدم الرد وهم بذلك كمن يعطي نتنياهو السلم للنزول عن الشجرة وعدم توريطهم والتخلي عن العناد والمكابرة وحفظ ماء وجه الكيان المهروق في أكثر من محور.
وفي تصريحات تلفزيونية عبّر الرئيس الفرنسي ماكرون عن قلقه إزاء احتمال تصاعد الصراع في الشرق الأوسط وحث "إسرائيل" على تجنب المزيد من التصعيد وكذلك فعل وزير الخارجية البريطانية ديفيد كاميرن خشية من اتساع نطاق الحرب وتهديد المصالح الغربية وإيران ليست بتلك الدولة الضعيفة أو العاجزة عن الرد والمجابهة في أكثر من محور ولديها من الإمكانات ما يردع هذه الدول ويؤثر على اقتصادها.
الخيار الآخر للبريطانيين الذين فشلوا في مواجهة القوات المسلحة اليمنية إلى جانب الأميركيين رغم إمكانات اليمن المحدودة هو التلويح بفرض مزيد من العقوبات على إيران وتقديم كلّ وسائل الدعم لاستمرار حرب الإبادة الجماعية في غزّة.
النتائج الأهم للهجوم الإيراني هي انكشاف الأنظمة المطبعة التي سارعت للمشاركة في الدفاع عن أجواء العدوّ وتأكيد الحقيقة التي أثبتها اليمن بعملياته البحرية لمنع الملاحة التجارية الصهيونية في البحرين الأحمر والعربي وهي أن العدوّ الإسرائيلي بقضه وقضيضه لم يعد يمتلك القدرة أو الجرأة على حماية نفسه، من أي طرف كان ولا حتّى الولايات المتحدة الأميركية تستطيع منفردة أن توفر الحماية العسكرية الكاملة لهذا الكيان، وهو ما يؤكد أيضًا حتمية زواله واقتراب الوعد الحق.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024