يوم القدس 2024
يوم القدس في لبنان: سُنّةٌ مُستقرّة
التزم الشباب المؤمن باكرًا بالإعلان التاريخي لمفجّر الثورة الإسلامية الإمام روح الله الخميني (قده) بشأن يوم القدس العالمي. بُعيد إطلاقه الدعوة لإحياء آخر جُمعة من شهر رمضان سنويًّا كيومٍ لقضية المُسلمين الأولى، لم تطُل التلبية. كان ذلك عام 1979 مع انتصار الثورة، وتباعًا بدأت حكاية القدس الرمضانية في لبنان والعالم.
عام 1982، وُلد حزب الله، الحركة الجهادية الإيمانية التي حدّدت هدفها: طرد الاحتلال وتحرير الأرض واعتناق فلسطين حتّى الثمالة. بين التأسيس والتنظيم وسنواتهما، كثّفت المقاومة نشاطها العسكري إبّان مرحلة قاسية من تاريخ لبنان، عقب الاجتياح الإسرائيلي لبيروت.
انطلاقة الإحياء
عام 1986، بدأ حزب الله رسميًا بتكريس يوم القدس كشعيرةٍ ثابتة في أجندته السنوية. من بيروت إلى البقاع، توزّعت المسيرات بمشاركات حاشدة. علماء وكشفيون وصغار وتعبويون بِبدلاتٍ عسكرية ومُجسّمات متواضعة للمسجد الأقصى يملؤون الطرقات من أجل رفع راية القدس وتثبيت أهميّة القضية.
الثمانينيات تكرّ والإحياء يستقطب حشودًا إضافية. من الأوزاعي إلى عُمق الضاحية الجنوبية لبيروت، انتقلت فعاليات يوم القدس العالمي، بمشاركة أقطاب الرعيل الأول للمقاومة الإسلامية. "سنحرّر القدس العزيز" كان عنوان هذه المرحلة في الشعارات المرفوعة واللافتات المحمولة في المسيرات.
العروض تتّسع
تحلّ التسعينيات. أجيالٌ مُختلفة تُشارك في مسيرات يوم القدس، وأشكالٌ جديدة تدخل إلى الصورة. "الرابيل" وعروض السلالم المُرتفعة والنزول عن الحبال ومشاركات التعبويين في الخطّ الجهادي تزداد، وصولًا إلى العاملين في القطاعات الصحية. مُجسّمات فلسطين الرمزية تصبح ثابتة في التظاهرات. يُستعان أيضًا بالدراجات النارية ومجسّمالطيران المروحي في البرامج المُقدّمة. في كلّ هذا، وجهُ الإمام الخميني يُعنون الفعاليات المُتسلسلة، وحضور الأمين العام السيد حسن نصر الله يُظلّل النشاطات، فيما أعلام الولايات المتحدة والكيان الصهيوني تُداس في الساحات.
وبعد أن كانت الضاحية والبقاعان الأوسط والغربي تحتضن الفعاليات، انضمّ الجنوب رغم الاحتلال في تلك المرحلة إلى خريطة الإحياء. 1996 كان أوّل أعوام الإحياء العلني في الجنوب والحشود المُزدحمة تُلبّي نداء القدس.
المرحلة الذهبية
الـ2000 وما أعقبه يمكن وصفه بمرحلة يوم القدس الذهبية في الضاحية وبعلبك. التنظيم أمسى احترافيًا، عددًا وشكلًا، وبات الحضور رسميًا، لبنانيًا وعربيًا. من لا يذكر رمضان عبد الله شلح، الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي، حين كان يجلس بجوار السيد نصر الله يُشاهد العروض التي تأسر أيضًا كلّ بيئة المقاومة وخارجها، ليتحوّل يوم القدس إلى شعيرة أخّاذة وجذّابة لا يستطيع أحدٌ تجاوزها.
في هذه السنوات، كان العنوان "يا قدس"، وكانت الترنيمة الأشهر "القدس لنا". النشيد حُفر في الذاكرة إلى اليوم، أطلقته فرقة الإسراء، وأضحى مُلاصقًا لتقليد سنويّ يُعيد أوتوستراد السيد هادي إلى الأذهان كمركز يحمل معنى قوميًا وثوريًا ولم يزل.
من قلب الدمار النداء فلسطين
لـ 2006 قصةٌ أخرى في رزنامة إحياء يوم القدس. لم يشغل الدمار الذي سبّبه العدوان الصهيوني في تموز 2006 حزب الله عن الشعيرة الرمضانية الثابتة. من بين الرُكام، تبرز المسيرات وأعلام فلسطين التي لازمت مباني الضاحية الصامدة خلال الـ33 يومًا القاسية. تحت عنوان "وعد الآخرة"، يرفع المشاركون صور الصهاينة الخائبين في الحرب مع المقاومة. كذلك يُردّدون نداءهم الراسخ: "يا قدس إننا قادمون"، ويرسمون بأجسادهم "القدس لنا".
لم تتخلّف أمّة حزب الله عن "سُنّة" يوم القدس عامًا. لا حيادَ عن واجب الوفاء للقضية المركزية. في ذاكرة المؤسّسين والبدايات وكلّ أرشيف المُخلصين، فلسطين أُمّ الأهداف والعناوين والبرامج والمناسبات والثوابت، لتبقى كذلك حتّى يتحقّق وعد الآخرة.
إقرأ المزيد في: يوم القدس 2024
08/04/2024