آراء وتحليلات
العراق: الديمقراطي الكردستاني يهدد بالانسحاب من الحكومة والبرلمان.. فهل من أفق؟
هدّد الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني بالانسحاب من العملية السياسية في حال لم يصار إلى التراجع عن القرارات التي أصدرتها المحكمة الاتحادية العليا مؤخرًا حول الانتخابات في الإقليم. وقال المكتب السياسي للحزب في بيان مفصل له بهذا الخصوص "نرى أن من مصلحة شعبنا ووطننا عدم امتثال حزبنا لقرار غير دستوري ونظام مفروض من خارج إرادة شعب كوردستان ومؤسساته الدستورية، وعدم الاشتراك في انتخاب يجري خلافا للقانون والدستور وتحت مظلة نظام انتخابی مفروض".
وأورد الحزب الديمقراطي في بيان مكتبه السياسي جملة ملاحظات، عدّها تجاوزات دستورية، يراد من ورائها "تحجيم كيان الإقليم والنيل من حقوقه".
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد أصدرت في الحادي والعشرين من شهر شباط - فبراير الماضي جملة قرارات بشأن توطين رواتب موظفي ومتقاعدي إقليم كردستان وكذلك بشأن انتخابات الإقليم، من بينها الغاء مقاعد كوتا المكونات، وخفض مقاعد برلمان الإقليم إلى مائة مقعد بعد أن كانت مائة وأحد عشر مقعدًا، وجعل الإقليم عدة دوائر انتخابية بدلًا من دائرة انتخابية واحدة، وايكال مهمّة اجراء الانتخابات في الإقليم إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بدلًا من الهيئة العليا لانتخابات إقليم كردستان.
وقد جاءت تلك القراءات على ضوء دعاوى قضائية رفعها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني - الذي يعد الخصم والمنافس الرئيسي والتقليدي للحزب الديمقراطي الكردستاني - وأطراف سياسية ونقابية أخرى في الإقليم.
ورأى الديمقراطي الكردستاني أن "القرارات المتتالية للمحكمة الاتحادية العليا انتهاكا لمبدأ الفصل بين السلطات"، باعتبار أنها "وضعت نفسها مقام السلطتين التشريعية والتنفيذية، واناطت لنفسها من السلطات والصلاحيات ما لم ينص علیە الدستور".
وعلى ضوء هذه المستجدات، أعلنت مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية التركمانية في الإقليم تأييدها لقرار الحزب الديمقراطي الكردستاني، قائلة في بيان لها إن "قرار المقاطعة يأتي نتيجة القرارات الجائرة وغير القانونية وغير الدستورية للمحكمة الاتحادية، والتي خرقت بموجبها الدستور ومبادئ فصل السلطات، وأهمها إلغاء استمرارية برلمان كوردستان ومجالس المحافظات، وكذلك إلغاء (11) مقعدًا لبرلمان کوردستان الخاص بالمكونات".
في مقابل ذلك، فإن عددًا من الأحزاب والقوى السياسية الكردية، كانت في وقت سابق، قد رحبت بقرارات المحكمة الاتحادية العليا، سواء المتعلّقة منها بتوطين رواتب الإقليم أو قانون الانتخابات. ولم يصدر حتّى الآن أي موقف رسمي من الحكومة الاتحادية العراقية أو المحكمة الاتحادية حيال القرار المفاجيء للديمقراطي الكردستاني، بيد انه ما ان صدر القرار، حتّى انطلق حراك سريع داخل الكواليس والاروقة السياسية المختلفة في العاصمة بغداد، للوقوف على تداعيات واثار مثل ذلك القرار على مجمل العملية السياسية في ما لو تم تطبيقه عمليًا.
ويعد الحزب الديمقراطي الكردستاني القوّة الكردية الأكبر في المشهد السياسي العام، إذ إنه يمتلك أكثر من ثلاثين مقعدًا في مجلس النواب الحالي، ويشارك في الحكومة بعدّة وزارات، منها الخارجية والاعمار والاسكان، إلى جانب العديد من المواقع المتقدمة في الحكومة الاتحادية، فضلًا عن هيمنته على مقاليد الامور في الإقليم من خلال رئاسة إقليم كردستان ورئاسة الحكومة المحلية وما يرتبط بهما من مفاصل سياسية امنية واقتصادية.
وعلى امتداد أكثر من ثلاثين عامًا، وتحديدًا منذ اجراء اول انتخابات في الإقليم في عام 1992، بعد تشكيل المنطقة الآمنة في الإقليم فوق خط العرض 36 بمساعدة قوات التحالف الدولي، نجح الديمقراطي الكردستاني في المحافظة على نفوذه رغم التنافس الحاد دومًا مع غريمه الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الراحل جلال الطالباني سابقًا، وبزعامة نجله الأكبر بافل الطالباني حاليًا.
وتتخوف بعض الأوساط السياسية أن يتسبب تنفيذ الحزب الديمقراطي لتهديداته بالانسحاب من العملية السياسية بإحداث المزيد من التصدع والاضطراب في الواقع الكردي، وبارتباك المشهد السياسي العام في البلاد، لا سيما وأن قرار الحزب قد لا يحظى بترحيب وقبول القوى السياسية الرئيسية المحلية، ناهيك عن الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بشكل أو بآخر بالشأن العراقي، خصوصًا إذا أفضى إلى عرقلة اجراء انتخابات الإقليم بموعدها المقرر في العاشر من شهر حزيران - يونيو المقبل.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024