نقاط على الحروف
"الإعلام الحربي": ماذا لو لم تكن على الحدود "كاميرا" تقاتل؟
ليلى عماشا
لعلّ من خصائص الحرب في زماننا هذا، تعدّد أشكال السلاح وأدوات القتال، وتعدّد الميادين الحربية بحيث يمكن لكلّ منا أن يقاتل بأدواته وبما يجيد، بحيث تتضافر وتتكامل كلّ هذه الجهود في صناعة النصر الذي نوقن به، ونراه بكلّ تفاصيله منذ الآن. وإن كان الإعلام ميدانًا حربيًا أساسيًّا ومؤثّرًا في هذه المعركة، حتى على صعيد الخطاب الإعلامي الذي ينصر المقاومة وذاك الذي يعاديها، فكيف إذًا بالإعلام الحربيّ، الذي لولاه لضاعت الانتصارات، ولنجح العدو الكاذب في إخفاء خسائره، ليوهم العالم بأنه لم يزل يُعوّل عليه ككيان يرهب بلادنا وأهلها؟!
قبل التحرير وتحديدًا في تسعينيات القرن الماضي، شكّل الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية عنصرًا متمّمًا لنجاح العمليات التي تقوم بها المقاومة ضدّ مواقع العدو وعملائه. واعتمد تكتيكات متعدّدة كانت ترهق العدوّ إذ تكذّبه بعد أن يكون قد أنكر تعرّض هذه المواقع لأي إصابة. وكانت شاشة المنار تعرض الفيديوهات التي صوّرها الإعلام الحربي وتقوم ببثّ الصورة التي وحدها تكفي لكشف خسائر العدو الذي يكذب ويكابر.
وخلال التحرير العظيم في العام ٢٠٠٠، كانت الكاميرات التي تنقل بالبثّ المباشر مشاهد اندحار العدو وعملائه حافزًا لتسليط الضوء على الحدث العظيم الذي أراده الصهاينة أن يتمّ تحت جنح الظلام كي يداروا خيبتهم وهزيمتهم. وكذلك في حرب تموز، نجح الإعلام الحربي في كشف حقيقة ما يجري على الأرض وهو يصوّر عويل قوات النخبة في جيش العدو، وكيفية صناعة هزيمته صورة بعد صورة. وكما في لبنان، كذلك في سوريا؛ أصرّ الحاج قاسم سليماني يومًا على حضور الإعلام إلى البوكمال بهدف تصوير معالم الانتصار على الإرهاب التكفيري لتثبيت هذا النصر. فكلّ هزيمة يتذوّقها العدو تُخفى وتنتهي مفاعيلها إن بقيت طيّ الكتمان. ولهذا حرص العدو ويحرص، بكلّ أذرعه، على إخفاء خسائره. كلّ هذه الانجازات التي حفظها وثبّتها الإعلام الحربي هي الأساس الذي يقوم عليه دوره في معركتنا اليوم.
يُطرح السؤال اليوم: "ماذا لو لم يكن في الجنوب كاميرا تُقاتل؟" ولا سيّما أن العدو يبدل جهودًا كبيرة في محاولة إخفاء خسائره ولا سيّما تلك التي تتعلّق بالخسائر البشرية. هو يحتاج ذلك بشكل حيويّ، وجوديّ: في داخله المتصدّع وأمام العالم الذي راهن عليه سنين ودفع في سبيل تعزيز قدراته وقوّته مبالغ لا تحصرها الأرقام. وبالتالي مجرّد فضح هذه الخسائر أمام الكلّ بالصورة، وإجبار العدو على الإقرار بها ولو بشكل متقطّع وبطيء أو موارب، هو بحدّ ذاته انتصار يُسجّل للمقاومة، وكتيبتها الاستشهادية "الإعلام الحربي". وحين نقول "كتيبة استشهادية" يعني أن العاملين في الاعلام الحربي قد قرّروا مسبقًا القتال بأدواتهم، وأبرزها الكاميرا، في داخل ساحة المعركة، تحت النّار، مع اليقين بأنّهم يخوضون المعركة، يتمّمون إنجازاتها، يحفظون مفاعيلها، ويتعرّضون في كلّ لحظة لاحتمال الاستشهاد تحت راية المقاومة.
قال السيد نصر الله خلال إحياء الذكرى السنوية السابعة عشرة لنصر تموز: "لولا إعلام المقاومة لضاع الانتصار"، في إشارة عزيزة منه إلى أهمية الدور الإعلامي بشكل عام في تظهير مشاهد الحرب والانتصارات التي صُنعت بالإيمان وبالعرق وبالدم.. بالدم الأغلى. وإن كان دور الإعلام ككلّ مهمًّا في هذا الإطار، فالإعلام الحربي يأتي على رأس قائمة صانعي النصر بسلاح الإعلام.
يسطّر الإعلام الحربي في كلّ ساحات المعركة انتصارات حقيقية ومثبتة ويُبنى عليها، في غزّة واليمن وفي العراق وفي جنوب لبنان. ولعلّ وحدة هذه الساحات تنعكس حقيقة في التكامل بين ساحات الإعلام الحربي، الذي بات يصوّر من كلّ الزوايا هزيمة العدو... وزواله.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024