نقاط على الحروف
بعد ستة أعوام على هزيمة "داعش" العسكرية.. هل زال خطره؟
بغداد - عادل الجبوري
يحتاج بعض ما قيل في مناسبة الذكرى السنوية السادسة لتحقيق الانتصار التاريخي الكبير على تنظيم "داعش" الارهابي إلى وقفة أو وقفات طويلة، لوضع الأمور في نصابها الصحيح من جانب، ولمنع تكرار تلك المشاهد والصور المأساوية التي رافقت اجتياح عصابات ذلك التنظيم لمدن ومناطق عديدة من البلاد في صيف العام 2014؛ من جانب أخر.
كان من بين ما قيل في هذه المناسبة، على لسان السيد محمد رضا السيستاني نجل المرجع الديني الكبير أية الله العظمى السيد علي السيستاني، هو: "إنَّ أصحاب النصر هم الّذين ضحّوا بأنفسهم، لا سيّما الّذين استشهدوا وأُصيبوا بعوقٍ دائم. هم أصحاب الفخر والمجد لهم، ومسؤوليّة الآخرين مسؤوليّةٌ عظيمةٌ في الحفاظ على هذا النصر وعدم تشويهه، وقد تحقّق بفعل الدماء الكثيرة". وكذلك: "إن النصر يعدّ نقطةً مُضيئةً في تاريخ المرجعيّة الدينية العليا الشريفة والبلد، إذ إنّها ولأوّل مرّة تفتي بالدفاع الكفائي ويتحقّق النصر في تاريخ العراق المعاصر، ولكن تبقى المسؤوليّة الكبرى الشرعية والوطنية في الحفاظ على هذا الإنجاز الكبير والنصر العظيم والعنوان المقدّس، كما أشارت إلى ذلك المرجعية الشريفة في خطبة النصر".
ومن بين ما قيل أيضا، ما قاله رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، هو أنه: "لمناسبة الذكرى السادسة للانتصار الكبير على عصابات داعش الإرهابية، نستذكر هذا النصر التاريخي الذي تمكّن فيه العراقيون من دحر داعش وإرهابها، نيابةً عن العالم والإنسانية جمعاء، ونستحضر بإجلال وإكبار عناوين التضحية لشهدائنا الأبطال، ومعهم قادة النصر الذين ما كنّا لنرى الحرية والانتصار والعيش الآمن إلّا بتضحياتهم العظيمة. كما نعبر عن الفخر والاعتزاز بالأداء البطولي لقواتنا المسلحة البطلة بكل صنوفها التي انطلقت نحو الانتصارات متسلحةً بالموقف الكبير للمرجعية العليا والفتوى بالجهاد الكفائي للمرجع السيستاني، والتي حشّدت كل طاقات الوطن ضد الإرهاب.. وإنّ العراقيين اليوم يخوضون معركة الإعمار والبناء ومحاربة الفساد وتحدّي تأمين الخدمات، انطلاقًا من الاستقرار المتحقق بفضل تلك التضحيات الذي لا يمكن أن نسمح لأحد أن يفرط به، بأي حال من الأحوال".
بالفعل ما تحقق قبل بضعة أعوام من انتصار تاريخي مشرّف على عصابات "داعش"، لم يكن شيئًا عاديًا، بل إنه مثّل نقطة تحوّل وانعطافة مهمة وكبيرة في الحرب ضد الإرهاب على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
في الوقت ذاته، فإنّ إعلان الانتصار العسكري على "داعش" لم يكن في واقع الأمر نهاية كل شيء، وإنما كان بمثابة تجاوز تحدي خطير جدًا، تمهيدًا لإنجاز الاستحقاقات الأخرى ومعالجة ما خلّفه "داعش" على مختلف الأصعدة والمستويات الأمنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإنسانية. لأنّه من دون ذلك، سيعود ذلك التنظيم بأشكال وصور وأوجه جديدة، لا سيما وأن هناك قوى دولية تعمل على الإفادة منه واستغلاله في أي وقت، لتمرير أجنداتها وتنفيذ مشاريعها ومخططاتها، سواء في العراق أو غيره.
تكريم المضحين والمساهمين في صنع الانتصار، والاهتمام بهم وبذويهم، ماديًا ومعنويًا، يعدّ من أبرز مقوّمات وعناصر إدامة ذلك الانتصار. والشعوب والأمم الحرّة لا تنسى ولا تتناسى من حافظ عليها ودافع عنها المخاطر والشرور، وصان حرماتها ومقدساتها وعزتها وكرامتها. وربما ما تحقق حتى الآن في هذا الجانب غير كاف، ولا بد أن يكون الاهتمام بمن ضحى وقدم وبذل الغالي والنفيس أكبر وأكثر.
ولن يكتمل ذلك الانتصار، إلا بعد إنهاء كل مظاهر الوجود الأجنبي غير الشرعي في البلاد، ذلك الوجود المرتبط بظهور كل أشكال ومسميّات وعناوين الإرهاب التكفيري، بدءًا من تنظيم "القاعدة" وصولًا إلى تنظيم "داعش" وما بينهما، والمرتبط بكل الأزمات والمشاكل السياسية والأمنية والاقتصادية والفوضى التي عمّت العراق بعد الغزو والاحتلال الاميركي له، تحت غطاء الإطاحة بنظام "صدام حسين" في ربيع العام 2003.
ولن يكتمل ذلك الانتصار، ما لم يتحقق الازدهار الاقتصادي والرفاه الاجتماعي لكل فئات وشرائح ومكونات المجتمع العراقي، عبر البناء والاعمار وتحسين الخدمات ومكافحة الفساد، وتكريس وترسيخ قيم العدالة بين الجميع، ووضع حد لتبديد وهدر ثروات البلاد بسبب عوامل استشراء الفساد، وسوء الإدارة وغياب التخطيط، وتغليب المصالح الفئوية والحزبية الضيقة على المصالح الوطنية العامة.
وممّا لا شكّ فيه أن الحكومة الحالية، برئاسة محمد شياع السوداني، خطت خلال العام الأول لها خطوات جيدة وملموسة باتجاه الاصلاحات بمختلف الجوانب والمجالات، وهو ما يعني استعادة قوة الدولة، فضلاً عن النهوض بالواقع الخدمي والحياتي العام للمجتمع، والذي بدوره يمكن أن يكون عاملًا مؤثرًا وفاعلًا في تعزيز الأمن والاستقرار والسلم المجتمعي، وقطع الطريق على كل المشاريع والأجندات التخريبية التي تريد شرًّا وسوءًا بالعراق والعراقيين.
ولن يكتمل ذلك الانتصار من دون الحفاظ على أدوات ووسائل وعوامل تحققه، واستثمارها بالشكل الصحيح، ألا وهي المرجعية الدينية المباركة والحشد الشعبي وأصدقاء العراق، وفي مقدمتهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي كانت أول من استجاب وتفاعل وساند ودعم.
ومثلما يقولون، فإنّ عدم التفريط بالانتصار والحفاظ عليه أهم وأصعب من تحقيقه، وهذه هي مهمة الجميع بلا استثناء، لأن كل العراقيين تضرروا من الإرهاب الداعشي التكفيري، وكلهم أسهموا بدحره وهزيمته وإحراز النصر عليه.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024