منوعات ومجتمع
يا بحر غزة…
حسن نعيم
طلع الصباح يا صيادي غزة فأين الزوارق والصواري والشباك، بل أين البحر والماء ؟
ليتني كنت سمكة يقتات عليها طفل في كربلاء غزة كي يذوب لحمها في لحمه ودمه، فأكبر فيه ويكبر في، فأغدو ممن يعدون "لهم ما استطاعوا من قوة ومن رباط الخيل".
ليتني كنت دولاب عجلة من عجلات عربات نقل الجرحى على بوابة مستشفى الشفاء في قطاع غزة لأشارك في إسعاف مقاوم، طفل، عجوز من عجائز 1948.
ليتني كنت حبة رمل على شاطئ بحر غزة كي يتمدد عليها صياد أنهكه التجديف في مواجهة كل هذه الأمواج والأساطيل.
طفل الشتات هائم على وجهه بعد أن لفح وجهه عصف القصف والانفجارات، فيا ليتني كنت حبة رمل في صحراء سيناء ليرتاح عليها ويسند رأسه المتعب، مطلقا أجنحة الخيال ليستذكراهله وأخته المدفونة حية تحت الركام.
طلع الصباح باكرا هذا الشتاء وأفران الطين والحطب في مخيم الباشورة في رفح لم تختمر عجائنها وبيوت نارها خمدت تحت الأنقاض وانطفأ وهجها تحت الأمطار الغزيرة جدا هذا العام.
وفاحت روائح العطور والتوابل من محلات عطاري خان يونس جنوب القطاع.
يا بحر غزة هيمتني سحنة شهدائك السمراء.. وفتوة الحارات: الشجاعية، الزيتون، الرمال، الشيخ رضوان ،الشيخ عجلين …
يا بحر غزة أين فستان عروسك الأزرق ولماذا استبدلته بأكفان الموج الزرقاء ؟
أين المساجد؟ أين الماذن؟ تراتيل الفجر؟ حلوى العيد؟ أطفال الزقاق؟ أين الضحكات البريئة والدفاتر الملونة ولفافات الزعترالمدرسية؟ أين الأحباب؟
يا بحر الله …أما أن للدمع أن يجف على بوابة هذا التاريخ الفلسطيني الذي لم يعرف سوى العذاب والشتات حتى نبكي تهجيرا آخر وزلزال أخرى وفوسفور آخر فخر الصناعة الأمريكية، وأشباح طائرات حربية تكاد تنسى مدارج مطاراتها.
لم يبق إلا الصبر على ركام البنايات يجلو فجراً
يمرغ أنف صهيون برمال الشاطىء …
تستل عواصم العهر كل خناجرها وترسل بوارجها وتمزق كل صورة أو بوست أو مقال وتطوي كل صفحة وتحذف كل حساب يذكرها بالحساب
وثمة يعربي يمنعه الخوف من مد رقبته من خيمته كي يرى ما حل بالأخت المثخنة بالجراح.
يا بحر غزة أين الملح والتراب، أين الشرف وأين الدم بل أين الإنسان؟
يا بحر الحرية والدماء أخبر جارك البحر الميت أن يخفف أمواجه قليلا فما عاد في هذه الصحراء العربية سوى صولجان الأوهام ورعية عبيد أذلاء اتخذوا الليل جملا وحاروا بين الذل والذل..
يا بحر الضيف ونصر الله … أعلن كربلاءك الجديدة في وجه حاملات الطائرات فما زال في الوقت بقية وما زال في هذه الأمة سنابل وقرآن ووعد، وعد بالنصر والفتح القريب على أبواب الصبر وأعراس الاستشهاد، فمن بين الحرائق ستنبت الزنابق البيضاء ومن الشبابيك المحروقة ستطير رفوف الحمام.
ما زال في هذه الأمة أبابيل طائرات شراعية، وبأس شديد، ورجال يطلعون من تحت الركام وينفذون من أقطار الأرض، ويحلقون في أجواز الفضاء.
إقرأ المزيد في: منوعات ومجتمع
16/09/2024
مسيّرة كرويّة لدراسة الظواهر الجوية
16/09/2024
كيفية الوقاية من الجلطة الدماغية
16/09/2024
مع بداية الخريف.. أمراض الجهاز الهضمي تتفاقم
16/09/2024
أضرار المشروبات الغازية على صحة الأطفال
05/09/2024