نقاط على الحروف
"العملية البريّة": تهديد على طريقة "هدّوني!"
ليلى عماشا
منذ أن نهض في سبته على صفعة صدّعت كيانه وكسرت آخر تماثيل جبروته الشمعيّ، وهو يلوّح باجتياح بريّ لغزّة لا يبقي ولا يذر. في كلّ يوم، مسؤولون من مختلف المستويات يهدّدون ويتوعّدون ويحدّدون مواقيت ومواعيد، ثمّ يجري تأجيلها، تارة بسبب سوء الأحوال الجويّة، وتارة بسبب زيارة موفد غربي، وربّما بعد حين سيفلس بنك أسباب التأجيل فيعلن عن تأجيل جديد بسبب سوء مزاج زوجة نتنياهو مثلًا. يشبه العدو في ذلك كلّ جبان يهدّد بالتصعيد كي يهرع الآخرون لاستجدائه ومطالبته بعدمه: على طريقة "هدّوني رح انزل.. شوي ونازل"، ولا هو ينزل ولا يمنعه أحد، ولو مسايرة، لعلم الجميع أن ذاك الذي ينبح كثيرًا، لا يعضّ.
وبالطريقة نفسها، يهدّد بفتح الجبهة الشمالية ويعد اللبنانيين بالتدمير وبالنار، رابطًا تهديده بتحرّك المقاومة الإسلامية على الحدود مع لبنان. ويتابع تهديداته حتى يظنّ السامع أن جنوده وضباطه وآلياته آمنة هنا، وكأنّه غير منشغل بلملمة شتات المستوطنين في الشمال وتهدئة روعهم وهم يرون فخر صناعتهم العسكرية "خردة" تُستخرج منها جثث جنودهم الذين لا يُقهرون، كما يحكي وهمهم العابث منذ سنين.
هذا العجز الصهيوني الواضح، يعبّر عن نفسه في الميدان بارتفاع وتيرة الوحشية ضدّ غزّة، وبفلتات في الجنوب سرعان ما يستدركها العدو ويلجم نفسه رعبًا. وبقدر ما نعرف ويعرف العالم أن الإسرائيلي أوهن بكثير من خوض معركة بريّة، سواء في غزّة أو في لبنان، يدرك الصهيوني نفسه هذا الوهن جيّدًا، ويحاول تغطيته أو تمويهه بالكثير من الدم..
لن ينجح برًا، ويتحدّاه في ذلك ليس فقط رجال المقاومة وقادتها، بل أصغر طفل فلسطيني بقي وحيدًا بعد استشهاد كلّ أهله. تتحدّاه كلّ أمّ دفنت للتوّ صغارها "بدون ما ياكلوا" أو عطاشى أو خائفين. يتحدّاه كلّ مسنّ عمره أكبر من عمر الكيان. حتى الحجر، الذي من ركام الأبنية يتحداه وينذره. ولعلّ ما يؤلم الصهيوني الآن أكثر بكثير من أسر أفراده في غزّة، هو هذا التحدّي الذي يفضح جبنه ووهنه في كلّ لحظة أكثر.
لن ينجح، وتشهد عليه وعلينا حجارة الوديان التي أصبحت شواهد قبور فوق أشلاء دباباته، ويشهد الهواء الذي حمل نواح نخبة جنوده وبثّه إلى العالم مترجمًا بكل لغات الأرض: هؤلاء أضعف من أن يحتملوا جرحًا، كيف يمكن لهم أن يقاتلوا من كرامتهم من الله الشهادة.. وتشهد كلّ الدنيا أن نصر المقاومة مسألة حتمية، مهما اشتدّ النزف ومهما بلغ جرح "المدنيين" فينا عمقًا موجعًا.
هذا العدو الزائل، الذي يتحسّس زواله ويراه في كلّ عين وعند كلّ مفترق، يهدّد بالعملية البريّة كاذبًا، يستجدي دبلوماسيًا، يستقوي بالتاجر الواهن الأمريكي، يطالب المجتمع الدولي بالحماية والدعم ويلقاه، يغتال، يقتل، يدمّر، يقطع الماء والكهرباء، يعلو فوق أعلى ما بخيله، ويسقط على مرأى العالم كلّه عند أقدام تقاوم، ولا يتجرّأ لحظة على خوض غمار البرّ، هناك حيث تجري الرياح فقط بما شاء شرف القتال، ونحن أهله.. وحدنا أهله.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024