آراء وتحليلات
في خضم أزمة مستفحلة: تونس تستعد للمحطات الانتخابية القادمة
تونس ــ عبير قاسم
تستعد تونس للانتخابات المحلية التي ستجري في كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وسط تحديات صعبة داخلية وخارجية تلقي بظلالها على الوضع في البلاد. وتعد هذه المحطة الانتخابية قبل اختيار الغرفة الثانية للبرلمان أي المجلس الوطني للجهات والأقاليم المرحلة الأخيرة في تركيز مؤسسات "الجمهورية الثالثة".
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد أعلن عند إشرافه على اجتماع مجلس الوزراء بأنه "سيتم إصدار أمر لدعوة الناخبين للمشاركة في الانتخابات يوم 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل". وأضاف: "ستكون الدورة الأولى يوم 24 كانون الأول/ ديسمبر ثم بعد ذلك تأتي الدورة الثانية إثر الإعلان عن نتائج الدورة الأولى، فإذا لم يتحصل أي مترشح على الأغلبية المطلقة في الدورة الأولى يتم اللجوء إلى دورة ثانية لا يتقدم إليها إلا المترشحان الأول والثاني اللذان تحصلا على أغلبية الأصوات في الدور الأول".
قانون انتخابي جديد
وبحسب المرسوم المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، تعتبر كل عمادة (أصغر قسم إداري) دائرة انتخابية، تنتخب ممثلا واحدا عنها، ويتم انتخاب المجلس الجهوي (للولاية) عبر القرعة بين أعضاء المجلس المحلي.
أما مجلس الإقليم فيتم الترشح له من الأعضاء المنتخبين في المجالس الجهوية، وكل مجلس جهوي ينتخب ممثلا واحدا له بمجلس الإقليم.
كما ينتخب كل مجلس جهوي 3 أعضاء لتمثيل جهتهم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة الثانية للبرلمان).
وينتخب أعضاء مجلس كل إقليم نائبا واحدا لتمثيلهم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
ويرى المحلل السياسي محسن النابتي لـ "العهد" ان تونس اليوم بانتظار دعوة الناخبين لانتخاب المجالس المحلية التي ستكون لأول مرة، مضيفا بأن هذا الاستحقاق مرتبط بالملف المالي. وأضاف بالقول: "اعتقد بأن رئيس الجمهورية طالما تأخر في دعوة الناخبين فانه مدرك بأن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والاضطراب في تزويد السوق سيلقي بظلاله على المحطة الانتخابية. فعدم دعوة الناخبين يعني ان هناك ارجاء غير بعيد للانتخابات، ولكن ربما الرئيس ينتظر القرارات القادمة في علاقة بالبنوك والبنك المركزي وعلاقة بالرخص، وبمواجهة شبكة الفساد وربما تأتي أكلها بالانفراج على المستوى الاقتصادي والاجتماعي فتحصل عندئذ الانتخابات في ظروف أفضل مما دارت به في المجلس التشريعي".
ويعتبر النابتي أن تونس تعيش مرحلة مهمة في تاريخها وهي تداعيات منتظرة للتحولات التي حصلت في السنوات الماضية ومخلفات حكم العشرية السوداء. ويوضح بالقول: " تونس تعيش نوعا من الحصار غير المعلن فهناك تضييق كبير من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والدول النافذة، خاصة ان الاقتصاد التونسي ارتبط لسنوات طويلة بالمنظومة الغربية ، وهذا سهّل عملية محاولة خنق الاقتصاد التونسي". واستطرد بالقول: "وبرغم الصعوبات الكبيرة التي تواجهها البلاد لكن الدولة التونسية الى حد الآن تمكنت من تأمين كل المرافق العامة والالتزام بتسديد الدين الذي توقع البعض بان تعجز تونس عن سدادها. ولكن الدولة لم تعجز وهذه مسألة مهمة. وأخطر ما يمكن ان تواجهه تونس ــ وفق النابتي ــ هو نادي باريس وهذا لم يحصل وهذا يتطلب توضيح الرؤية".
ويتابع النابتي: "واعتقد ان المتابع يرى بأن الرئيس دخل في المنعرج الثاني بعد التركيز على الإصلاحات السياسية . والواضح ان الأولوية الاقتصادية وتفكيك شبكات المصالح والفساد المرتبطة بالخارج هي الهدف المباشر الآن. واذا نجح رئيس الجمهورية في تفكيك شبكة المصالح التي استولت على مقدّرات الدولة، فإن هناك تونس جديدة ستولد قريبا جدا من الناحية الاقتصادية".
ويختم النابتي حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن "هناك تحولات كبيرة تحصل في البلاد وبعلاقات تونس الداخلية والخارجية، فخطاب رئيس الجمهورية الأخير كان قويا وواضحا على مستوى مواجهة الحركة الصهيونية وتجريم التطبيع الصهيوني وحماية حرية القرار الوطني، وهي مسائل محورية وتشكل اجماعا وطنيا وقوة دفع رئيسية للتعبئة الشعبية حوله".
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024