آراء وتحليلات
منصة بلومبرغ.. ترقيع جديد في الاقتصاد اللبناني
زكريا حمودان
يحتار المرء من أين يبدأ خلال الحديث عن منصة "بلومبرغ" المالية والمطروحة كبديل عن منصة صيرفة. بدايةً الاسم مُغرٍ انطلاقًا من المبدأ اللبناني التقليدي وغير السليم: "كلشي فرنجي برنجي". لذلك، من أطلق بدعة المنصة يعرف جيدًا الواقع اللبناني سواء على المستوى التقليدي أو المالي. انطلاقًا من خلفية الاسم، سيتفاعل البعض مع المنصة ذات الخلفية الأجنبية باعتبارها الحل المُنتظر، أما على المستوى المالي، فالمحاولة لا تتعدى امكانية استعادة الثقة في الواقع المالي عبر عملية "بلف" للبنانيين من خلال هذا الطرح.
ما يتم طرحه اليوم لا يلتقي مع العقل والمنطق في أي طريق من الطرق، سواء ارتبط الأمر علميًا بالعقل أو بالمنطق الطبيعي للبنية المالية للدول، والتي لا تحتاج لاختراعات أو بدع جديدة نبتكرها في لبنان، نحن نحتاج إلى حل مستدام فقط لا غير.
انطلاقًا مما تقدم، ما تحمله المنصة الجديدة "بلومبرغ" لا يمكن اعتباره حلًا مستدامًا لأيٍّ من مشاكل الدولة المالية وذلك للأسباب التالية:
١- بُنية التركيبة المالية في لبنان غير موجودة أصلًا، انطلاقًا من غياب عنصرها الرئيسي أي المصارف.
٢- التضخم المالي الذي تغيب عنه امكانيات الحل بسبب عدم توفر السيولة التي تسمح بمواجهته، يُعتبر إحدى أدوات اللعبة المالية التي ستعتمد عليها المنصة المزعومة.
٣- الاقتصاد غير المُنتج بالتزامن مع اكتفاء السلطات الرقابية برمي المسؤوليات على بعضها بعضًا عبر الوزراء المعنيين وتحديدًا وزير الاقتصاد، دفع بالسوق اللبنانية الى الدولرة الشاملة التي جعلت دور الليرة في الاقتصاد اللبناني هامشيًا جدًا.
٤- القرار الجريء لحاكم المصرف المركزي بالإنابة وسيم منصوري بعدم المس بالاحتياطي الالزامي من العملات الصعبة سيحول المنصة المزعومة الى أداة لشفط الدولار من السوق الموازية.
٥- عودة تعويم الصرافين "الذهبيين" من الفئة الأولى كمكافأة لدورهم الوطني خلال عملية اللعب بالسوق السوداء وذلك عبر وضعهم برتبة ركن أساسي من أركان المنصة الجديدة.
٦- ماذا لو احتاجت الدولة لاستبدال بعض ما ستجنيه بالليرة إلى مليارات الدولارات؟ وهي حكمًا ستقوم بذلك، فماذا سيحصل حينها؟ سنعود لعبارات كنا نرددها سابقًا عندما نُسأل عن سبب ارتفاع الدولار لنقول إنَّ الدولة لديها "طلبية" رواتب مدولرة، أو لديها "طلبية" غاز أو ربما "طلبية" دولارات لسفر بعض الوفود الرسمية، أو غيرها من "الطلبيات" التي كنا نسمع عنها سابقًا.
ما هي القطبة المخفية في عمل المنصة؟
أكد أغلب الخبراء أنه يوجد شيء خفي في عمل المنصة التي لم تنطلق بعد، فأين يمكن أن نجد هذا الأمر؟ عدة مصادر من المصرف المركزي نقلت بعض التفاصيل عن عمل المنصة الذي سيدور في فلك المصارف، المؤسسات المالية والصرافين. أما الهدف الأساسي فسيكون حصر الاستيراد بالمنصة وذلك بالتنسيق مع وزارة المالية والجمارك والمؤسسات المعنية.
يوضح هذا النموذج القطبة المخفية في منصة "بلومبرغ" ألا وهي عملية سحب الدولارات من السوق خدمة للاستيراد من جهة بالاضافة الى احتياجات أخرى للدولار سواء للحكومة أو بعض المؤسسات الرسمية. وإذا نظرنا في واقعنا الحالي، نجد أن الاستيراد اليوم يسير بشكل طبيعي دون الحاجة لمنصة بلومبرغ، والسبب الرئيسي لهذا الأمر هو غياب المضاربة والمضاربين عن الساحة والذين كانوا سببًا رئيسيًا في رفع سعر صرف الدولار، وهنا أعني تحديدًا الأركان الثلاثة لمنصة بلومبرغ أي (المصارف، المؤسسات المالية، الصرافين)، مما يعني أننا نتجه نحو مرحلة مالية غير دقيقة انطلاقًا من منصة بلومبرغ.
ما يحصل اليوم هو عبارة عن تقديم حلول غير مستدامة لن تساهم في انتشال لبنان من أزمته المالية والاقتصادية طالما أنه لا يوجد رؤية شاملة ومتكاملة تبدأ من هوية لبنان لتصل إلى خريطة طريق مُفصلة.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
13/11/2024
هل انتصرت المقاومة؟
13/11/2024
"اسرائيل" والنصر المزيّف
12/11/2024
حسابات حقول العدوان وبيادر الميدان
11/11/2024