معركة أولي البأس

خاص العهد

الشهيد رضا حريري.. أولى سرايا العشق
12/09/2023

الشهيد رضا حريري.. أولى سرايا العشق

مصطفى عواضة

هو أول السائرين في سرايا العشق الصادح بكلمات الحق، يدق أبواب القلوب ليبوح بأسرار الجهاد، نثر عطره الكربلائي في القرى من موقع الحقبان ليزف إلى السماء عريسًا فجر الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 1986 مع ثلة من رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ومنهم من ينتظر. الشهيد القائد رضا حريري (حمزة)، أحد أبطال معارك خلدة، وقائد محور صريفا إبان الإجتياح الصهيوني في العام 1982، هو أبرز المشاركين في عملية الأسر الأولى التي قادها الشهيد القائد سمير مطوط "جواد" من العام نفسه، وواحد ممن جهزوا لعملية فاتح عهد الاستشهاديين الشهيد أحمد  قصير رفيق درب حياته وجهاده.

في الذكرى الـ37 على استشهاده، يستعيد موقع "العهد" الإخباري بعضًا من محطات الشهيد القائد، في حديث مع شقيقه سماحة الشيخ حسين حريري الذي بيّن قسمًا من عوامل التميّز في جوانب عدة من شخصية الشهيد، فقد طُبِعَت بما ربته عليه والدته التي كان ارتباطها بالله تعالى فطريًا، الأمر الذي جعل منه محبوبًا لدى عائلته فضلًا عن بقية أخوته.

عاش الشهيد رضا فترة من حياته في منزل جده، بحسب شقيقه الشيخ "كان يساعدهم في أعمال الفلاحة وزراعة الزيتون والتبغ إلى جانب دراسته العلمية، عدا عن حبه للمطالعة وقراءة الكتب، الأمر الذي كوّن له شخصيّة مستقلة ذات تجارب عمليّة ساعدته على إبراز روح القيادة لديه، فهو صاحب تأثير كبير حتى على مدرّسيه الذين شهد بعضهم بذلك إثر تقاعدهم من عمل التدريس بعد مسير ثلاثين عامًا".

الشهيد رضا حريري.. أولى سرايا العشق

تردد الشهيد على مسجد الإمام الرضا(ع) في بئر العبد وتابع الدروس الدينية بكنف العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله. وفي ظل حالة التدين الخجول في المجتمع حينها كان له الفضل في تنمية المعرفة الدينية لديه، فضلًا عن التحاقه بإحدى المعاهد المهنية في صيدا، الذي شكل محطة مفصلية في حياته، حيث اتخذ منها مكانًا للعمل الجهادي الذي كان لا يزال عفويًا آنذاك، وكان معروفًا بين رفاقه بأنه العقل المدبر للأمول اللوجستية والتخطيطية للعمل الجهادي".

يتحدث سماحة الشيخ حسين لـ"العهد" عن حقبة الاحتلال قائلًا: "كان الشهيد رضا من العاملين الأساسيين في المقاومة، عند سماعه بأي عملية ضد العدو الصهيوني لا بد أن يكون فيها بصمات للشهيد، على مختلف المستويات وذلك بسبب شخصيته القيادية الاستثنائية".

لتعلق الأبوين بولدهم نصيب من الحديث عن الشهيد. الحاج "ابو رضوان" والد الشهيد المسافر من أجل لقمة عيشه كانت له حكاية مع انتظار الإفراج عن نجله الأسير رضا من معتقل انصار. في ذلك الحين، لم يعلم الوالد عن اعتقال نجله إلا بعد انقضاء ثلاثة أشهر، فعاش بين قضبان المنفى وعذابات الشوق والغياب، وآمال الإفرج عن ولده الأسير.

الشهيد رضا حريري.. أولى سرايا العشق

ولأخته رؤية قَصَّتها على العائلة قبيل ارتقاء الشهيد رضا بأيام قليلة يرويها شقيق الشهيد في حديثه: "رأت نعشًا محمولًا على الأكتاف وأصوات المشيعين تردد "كل يوم عاشوراء.. كل أرض كربلاء" فسألت في منامها عن المحمول وكان الجواب "هذا نعش الشهيد رضا حريري"، اعترضت والدته على الرؤية بحكم العاطفة ولكن قدّر الله وما شاء فعل".

ليلة الرحيل كان قلبُ الحاجة "أم رضوان" دليلها، أيقَظَت الشيخ حسين ليطمئن عن "رضا" بعد أن سمعت صوت القذائف، في هذه الأثناء طَرَق أحد أهالي البلدة باب المنزل، مازحَته.. "استشهد رضا؟!" أجاب "نعم".

ليوم استشهاد القائد رضا حريري صفحات مرصعة بالكرامات الربانية. كان جامِعًا لنشوة النصر وفرحه، وحزن الفراق وألمه. كان سيد شهداء المقاومة الشهيد السيد عباس الموسوي أنيس روحه بتلاوة القرآن على النعش. أمّا الجثمان فحُمِل إلى بلدته دير قانون النهر على آلية غنيمة للعدو الصهيوني، فكان مشهد الرحيل الأخير لائقًا بقائد كالشهيد رضا الحريري الذي مثّل في حياته نقطة التقاء في زمن الاختلافات، بتدينه وجهاده وانتصاره وشهادته".

الشهيد رضا حريري.. أولى سرايا العشق
احدى غنائم العملية الأخيرة للشهيد رضا حريري

إنهم الشهداء "مصابيح هذه الأمة" كما وصفهم الإمام الخميني(قده)، نور يمشي بين ظهرانينا ويزيدنا كرامة وعزة ورفعة.

 

إقرأ المزيد في: خاص العهد