آراء وتحليلات
وفد عسكري أمريكي في حضرموت.. الطاقة تحرك الأطماع الأمريكية
علي الدرواني
لا يعدم المتتبع أدلة على هذه الحقائق، فعين الشمس لا تغطى بالغربال. يكفي أن نسمع هذه المرّة الأنباء القادمة من حضرموت أكبر محافظات اليمن من حيث المساحة، حيث وصلها بشكل معلن وفد مدني - عسكري أمريكي من فريق ما يسمى الشؤون المدنية التابعة للجيش الأمريكي وزار مديرية بروم الساحلية، وظهر أعضاء الفريق الأمريكي على صور نشرتها وسائل اعلامية وهم برفقة مدير عام مديرية بروم. وبروم هي من أبرز المديريات الحضرمية الساحلية، وتقع الى الغرب من مدينة المكلا عاصمة المحافظة، وتطل في الساحل الجنوبي على البحر العربي.
كما تُعتبر بروم واحدًا من معاقل تنظيم "القاعدة"، واللافت هنا أنه لم يسبق أن جاء ذكرها في سياق ما يسمى بالحرب على "القاعدة"، ولم يسبق أن نفذت فيها أي عملية عسكرية في إطار المزاعم الأمريكية حول "مكافحة الإرهاب"، ما يشير إلى تواطؤ بين الطرفين، لا سيما وأن التقارير والمعلومات تتحدث عن أن القوات المحتلة الامريكية تحتفظ بقاعدة عسكرية في المديرية ضمن خارطة انتشار على طول السواحل الشرقية المطلة على بحر العرب والمحيط الهندي.
أمّا مهام الفريق المدني - العسكري الأمريكي فهي كما تعرّفها القوات المسلحة الأمريكية: "أنشطة تعمل على إقامة العلاقات بين القوات العسكرية والهيئات الحكومية والمنظمات المدنية والسلطات غير الحكومية والسكان المدنيين أو الحفاظ عليها أو التأثير عليها أو استغلالها وذلك في منطقة عمل ودية أو محايدة أو معادية من أجل تسهيل العمليات العسكرية، لتعزيز وتحقيق أهداف الولايات المتحدة التشغيلية. قد تتضمن العمليات المدنية - العسكرية أداء القوات العسكرية فيما يتعلق بالأنشطة والمهام التي عادة تكون ضمن مسؤولية الحكومة المحلية أو الإقليمية، أو الوطنية. وقد تتم هذه الأنشطة قبل العمليات العسكرية الأخرى أو أثناءها أو بعدها. وقد تتم أيضًا إذا تم طلبها في غياب عمليات عسكرية أخرى. قد يتم تنفيذ العمليات المدنية والعسكرية من قبل الشؤون المدنية أو من قبل قوات عسكرية أخرى، أو من خلال مزيج من الشؤون المدنية والقوى الأخرى".
بالعودة إلى اللقاء الأمريكي مع مسؤولين محليين في بروم، تنقل مصادر متابعة أن اللقاء ناقش التعاون في الجانب الأمني والعسكري والذي أكد خلاله مدير المديرية علي سليمان باقروان على تقديم السلطة المحلية التعاون الأمثل للفريق الأمريكي لما تقتضيه المصلحة، حسب المصادر، وهذا يعني فيما يعنيه التوجه الأمريكي إلى اخضاع المديرية للانتداب العسكري وتسليم ملف إدارة المديرية لقواتها الغازية بمساعدة من السلطة المحلية هناك.
وبالنظر الى المستجدات في المحافظات المحتلة، وتوقعات تطور الأحداث في شبوة ووصولها إلى حضرموت القريبة منها، فإن اختيار الأمريكيين لهذه المديرية ليس بريئًا، بل هو شديد الترابط مع تلك الأحداث، ويشير إلى بدء تنفيذ مخطط إعادة صياغة المشهد والنفوذ الميداني في المحافظات النفطية المحتلة، بإزاحة بعض الأطراف القديمة لصالح أدوات جديدة أكثر ولاء وطاعة للمحتلين والغزاة.
ولارتباط الأمر بالطاقة والثروات النفطية اليمنية المنهوبة، فإن الهدنة الجارية حاليًا بين اليمنيين وتحالف العدوان السعودي - الأمريكي ومرتزقته، والتمديد الحالي حسب المفترض وفقًا لبيان الأمم المتحدة ومبعوثها جرودنبرغ، يجب أن يبحث موضوع المرتبات، وصرف حقوق الموظفين المنقطعة بفعل العدوان ونقل البنك المركزي الى عدن، من إيرادات النفط والغاز، وهو الأمر الذي أكد عليه رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام في لقاء تلفزيوني من موسكو، محذرًا شركات نهب ثروات اليمنيين، من أن نهاية الهدنة لن تسمح لها بمزيد من النهب في حين يتضرر اليمنيون بانقطاع رواتبهم وحقوقهم.
وبناء على ما سبق، فإن على الأمريكي أن يدرك أن الهدنة يجب أن تحقق أهدافها وتوسع فوائدها الإنسانية، وأنه لن يكون قادرًا على تأمين حاجاته من النفط للسوق العالمية، إلا بتأمين حقوق الشعب اليمني، وهذه الزيارات لن تلغي التوجه اليمني لتحرير النفط والغاز، وتمكين الشعب من عوائدها، حتى وإن غيّر جلود مرتزقته، فكل مجريات الأحداث وانعكاساتها تصب في صالح كشف حقيقة أهداف العدوان، ووقوف واشنطن خلفه رعاية وتوجيهًا.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
29/11/2024