آراء وتحليلات
مؤتمر الرياض 2 دعوة جدية ام خطوة استعراضية؟
علي الدرواني
بعد أيام قليلة يصل مأزق السعودية الذي أدخلت نفسها فيه قبل سبع سنوات، يصل ذروته الزمنية بسبع عجاف، منذ السادس والعشرين من آذار/ مارس 2015، عندما تحجرت واسعا، واتخذت قرار الانصياع لرغبات الولايات المتحدة وكيان العدو الإسرائيلي وشنت عدوانها على اليمن، وشعبه المجاهد والصابر.
في الأعوام الماضية ومع تجدد يوم السادس والعشرين من آذار/ مارس كل عام، كانت أكبر الأسئلة التي يطرحها السعوديون على انفسهم هو لماذا طالت الحرب في اليمن، رغم انها تحصل ضد بلد انهكته الخلافات الداخلية، والصراعات بين القوى السياسية، واثقلته المشكلة الاقتصادية، وكان يفترض بالنظر الى فارق القوة العسكرية والاقتصادية، والدعم الغربي، ان تحسم الحرب لصالح الرياض خلال أيام او أسابيع بالاكثر.
لا يمكن الإجابة ببساطة عن هذه الأسئلة، بالاعتماد على المعطيات المادية، والحيثيات الواقعية، والمقارنات السطحية، الا انه وعلى خلاف المتوقع، جاءت الإجابة ذات مرة على لسان ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للمملكة، محمد بن سلمان، وقال انه لا يريد ان يزج بمزيد من قواته في حرب اليمن، لانه لو فعل ذلك فسيدخل العزاء الى كل بيت سعودي حسب تعبيره، وهي إجابة تختصر الدرس الذي تعلمه هو وسبقه اليه اسلافه، وكان قد تناساه، ليذكره الشعب اليمني به مجددا.
لكن كيف تواجه الرياض هذه الحقائق الثقيلة بثقل ما تلقيه من مشاكل على كاهل ابن سلمان، المتطلع للوصول الى العرش على وقع نصر لن يتمكن من احرازه، وفوز لن يصل اليه. لا يبدو ان هناك افاقا منظورة لاخراج السعودية من مازقها اذًا، والعام الثامن يلقي بكلكله أيضا على كل المسارات التي تبحث فيها الرياض عن مخارج، ليتفتق الذهن الملكي السعودي عن فكرة اكثر بؤسا ، بدعوة وجهتها عبر مجلس التعاون، لجميع الأطراف اليمنية لحوار في الرياض، وهو اخراج سيئ لمسرحية هزلية، كانت تتطلب فعل بعض الخطوات، والاحجام عن أخرى، لو كانت تريد ان تضعها في موضع الجدية، على الأقل ظاهريا.
ان اختيار السعودية لمكان الحوار المرتقب في الرياض، هو بذاته دليل ان الدعوة ليست جدية، وهو ما اشارت اليه المواقف الرسمية اليمنية المرحبة بالحوار بشرط ان يكون في بلد محايد، وعُمان هي اول بلد يحضر على القائمة بحكم جواره وحياده وعضويته في مجلس التعاون الخليجي.
كان يفترض بالرياض ان تقوم بخطوة حسن نية قبل الدعوة، على الأقل بالافراج عن سفن المشتقات النفطية والسماح لها بالدخول الى ميناء الحديدة، وان لا ترتكب تلك الجريمة بحق الاسرى في جريمة حرب مكتملة الأركان، هذه العوامل أيضا القت بظلال الشك على هذه الدعوة، وجعلتها غير جدية.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهي ليست دعوة في الهواء، بالعكس، ستسعى الرياض للاستثمار في المؤتمر والحفلة الاستعراضية، سواء لناحية انها صاحبة دعوة السلام، وإظهار الطرف الأخر كمعرقل والرافض للجهود السياسية الرامية لسلام، او لناحية التغطية على هزيمته المدوية في اليمن، وتشتيت التركيز على فشلها مع نهاية سابع أعوام عدوانها، وما تؤكده من ضعف السعودية عن فرض خياراتها في المنطقة، ولو بالقوة المسلحة.
ليس مؤتمر الرياض الذي يدعو اليه مجلس التعاون الخليجي الا نسخة مكررة عن مؤتمر الرياض 1 الذي انعقد في الفترة 17-19 ايار/ مايو 2015، أي بعد بدء الحرب العدوانية باقل من شهرين، وكان مجرد حفلة استعراضية، يدرك اليوم كل المشاركين فيها ان مخرجاتها لم تتجاوز قاعة، وكانت فقط عبارة عن تسلّم مخصصات مالية سعودية عربون ارتزاق لكل المشاركين، وهذه هي الصورة التي بقيت في اذهان اليمنيين، عن كل المشاركين يومها، ولن تعدو الصورة في نهاية آذار/ مارس الجاري ان تكون نسخة طبق الأصل من سابقتها.
هكذا فانه لا توجد على الأقل الى الان أي بوادر لانعطافة سعودية نحو حل جدي في اليمن، بقدر ما تستمر في تعنتها وغيها، ومن يريد السلام فله طرقه التي تتعدى حفلات الاعلام وبالونات الاختبار.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
29/11/2024