نقاط على الحروف
"الانهيار".. ديكٌ أعور على مزبلة السلطة
ميساء مقدم
ميّزت صحيفة "النهار" عددها الصادر في العشرين من آب/اغسطس 2020 بـ"مانيفستو" تجرّ فيه اللبنانيين للتوقيع على "عريضة" اعتراف بالانهيار الحاصل في لبنان. "العريضة" الأشبه بالبيان الحزبي لـ"النهار" توحي بالشكل بأنها تشمل الوضع المعيشي والاقتصادي المترديين ويطالان جميع فئات الشعب اللبناني، إلا أنها مفخخة طبعًا، ببند سياسي بحت ينقسم حوله اللبنانيون، مظلل بمفهوم "الحياد".
تشير العريضة الى "عشرة بنود" تزعم الصحيفة أنها تعبر عن "قناعات الشعب الذي وصل إلى الحضيض" فتبدأ بالبند الأوّل وهو: "السلـطة الحاكمة فرّطت باسـتقلال لبنان وبحياده عن الصراعات"، لتكر السبحة: الـسلطة الحاكـمة فشلت في توفير الأمن والأمان لمواطنيها.. أفقرت الناس ودمّرت الاقـتصاد.. عمّمـت ثقافة الفساد وحمت الفاسدين.. تحكّمت بالقضاء وقمعت الحريّات.. شوّهت بيئتنا ولوّثتها وخربت الطبيعة.. دمّرت البنى التحتية وسرقت أموال إعمارها.. استهترت بالتراث الوطني وأهملت الآثار.. عجزت عن توفير الصحة والـتعـليم للجميع.. أغرقت البلاد في البطالة وهجّرت الشباب.
لقد سمحت لا مهنيّة صحيفة "الانهيار" لها بأن تدس بندًا سياسيًا اسمه "الحياد" بين البنود المعيشية، لتزعم بأن هذه القضية الخلافية والتي ينقسم حولها الرأي العام في لبنان تعبر عن "قناعات الشعب"! فما هي الاحصائية التي اعتمدت عليها "الانهيار" في استنتاحها هذا؟ ومن هو الشعب وفق مفهومها؟ هل يُختصر الشعب اللبناني بنظر كاتب العريضة بأولئك الذين يوافقونه توجهاته السياسية؟ وكيف يحق لصحيفة "عريقة" وصلت الى "الانهيار" اليوم، أن تسلب ارادة شريحة واسعة من اللبنانيين، فتتحدث باسمها وتنطق بارادتها؟
ثم إن الصحيفة اعتمدت اسلوبًا خفيّا في تضليل الرأي العام، من خلال اللعب على الصور، والكلمات. فمثًلا، في كل البنود، تتهم الصحيفة "السلطة الحاكمة" بارتكاب كل الموبقات التي عددتها، بما يشبه أسلوب التجهيل، لكنّها عندما تتحدث عن "حياد" لبنان وما أسمته "التفريط باستقلال لبنان وحياده عن الصراعات"، فإنها لا تجد حرجًا من وضع صورة واضحة وجليّة لراية المقاومة اللبنانية، التي حررت الأراضي اللبنانية ودافعت عن اللبنانيين وحفظت سيادة وطنهم بالدماء.
أسلوب التصريح تارة - عندما يخدم توجهات الصحيفة السياسية - ثم التعمية تارة أخرى - عندما لا يخدم توجهاتها - ليس سقطة مهنية، بل هو أسلوب مقصود عن سابق تصميم، في سياق لعبة اعلامية غير نظيفة، لا تتوقف عند حدود صحيفة "الانهيار"، التي تسعى لاقناع الرأي العام بأن المسؤول عما وصل اليه الوضع في لبنان هي المقاومة، ليس السياسيين المتعاقبين على الحكم، والذين لم تجرؤ الصحيفة على تسمية ولا التلميح الى اسم واحد منهم فقط.
وأمام الاستغباء الحاصل، لا بد من سؤال المنهارين في "الانهيار":
نظرة سريعة على السجل التجاري لصحيفة "الانهيار" تكفي للحصول على اجابة وافية، فـ"السلطة الحاكمة" التي جهّلتها الصحيفة في بيانها الحزبي، ممثلة بجزئها الأكبر في شركة "النهار" اللبنانية، وتملك أسهمًا فيها، بدءًا من "آل الحريري" ممثلين بشركة المال للاستثمار، مرورًا بنادر الحريري وصولًا الى عضو اللقاء الديمواقرطي والنائب المقال والوزير السابق مروان حمادة.. وما خفي أعظم في سجلات التمويل والاكتتاب والاسهم الرمادية.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
25/11/2024
بيانات "الإعلام الحربي": العزّة الموثّقة!
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024