آراء وتحليلات
21 سبتمبر نقطة التحول من التحرر المحلي الى التحرر الاقليمي
علي الدرواني
يعيش الشعب اليمني اليوم الذكرى الخامسة لثورة الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر المظفرة، كواحدة من أنصع صفحات التاريخ اليمني على الاطلاق، نظرا للظروف التي عاشتها اليمن لعقود سبقت الثورة، من ظلم واضطهاد وحالة التدمير الممنهج للقيم والاخلاق والابحار بشعبنا بعيدا عن ثواتبه وقيمه الدينية والقومية والانسانية، مع عمل منظم لابقاء اليمنين في اسفل قوائم التنمية والحضارة رغم ان تاريخهم يضعهم في مصاف الامم والشعوب التي عرفتها البشرية الى اليوم.
ان ما يجب ان نعيه اليوم هو ان الثورة السبتمبرية قد أطاحت بما بناه حكام الرياض لعقود في صنعاء، سيطرت من خلالها على مفاصل الدولة واصبحت هي الامر الناهي وحشرت انفها في كل صغيرة وكبيرة في البلاد، حتى ان قرارات التعيين من الوزير الى الغفير لم تكن تمر الا بإذن من السفير السعودي بصنعاء.
الثورة السبتمبرية اغلقت الباب بوجه الامريكي الذي كان قد بدأ بالتموضع في البلاد ليقود سفينتها الى حيث تريد واشنطن، تلك الحالة عبر عنها السفير الامريكي بصنعاء ماثيو تولر، عندما قال انه لم يعد يجد ما يفعله بصنعاء بعد نجاح الثورة، ولا ننسى هنا ما فعلته القوات الامريكية في محافظة لحج والتهجم على حرمات المواطنين في منازلهم تحت عين وسمع وبصر حكومة العمالة والارتهان التي كان يقودها الخائن الفار عبدربه هادي، وما مثلته غارات الدرون الامريكية في البيضاء وذمار وغيرها، وكيف استباحت دماء الشعب اليمني بذرائع اجراميه، وسفكت دماء العشرات من النساء والرجال.
ولكي ندرك حجم التدخلات الامريكية في الشؤون اليمنية، فقد كان السفراء الامريكيون طوال الفترة الماضية وما قبل 21 أيلول/ سبتبمر اشبه بالمندوب السامي، وكان السفير الامريكي دائم اللقاء بالمسؤولين في الحكومة مروورا بمشائخ القبائل وقادة الاحزاب السياسية بطريقة لا تم للمعمل الدبلوماسي باي صلة، بل تتجاوزه الى ما هو ابعد، وكان لافتا اللقاءات الشبه يومية التي كان يقوم بها السفير الامريكي لوزارة الداخلية بصنعاء، بالتزامن مع حالة الانفلات الامني وعمليات الاغتيالات للكوادر والشخصيات العلمية والسياسية وضباط الجيش والمخابرات وغيرهم، وايضا استخدام تنظيم القاعدة في الهجمات المنظمة على مقار الشرطة والجيش ووزارة الدفاع والسجن المركزي بصنعاء.
ما سبق يشير الى صعوبة اسقاط السفارة الامريكية وتقييد تحركاتها وما كان لاحد ان يصل الى النتيجة التي تحققت في 21 أيلول/ سبتمبر الا بعمل اعجازي، حسب تعبير المبعوث الاممي السابق جمال بن عمر، عندما وصف سقوط الفرقة الاولى في صنعاء وانضمام احرار الجش والقوات المسلحة لصف الثورة.
لقد تجاوز مشروع التحرر والاستقلال الوطني كل العقبات التي اعترضته بعون الله وتوفيقه، وتغلب على كل المصاعب، واضاء بريق الامل في الانعتاق والتحرر من الهيمنة الامريكية على المستوى المحلي، وهاهو اليمن يخوض المعركة الاقليمية الى جانب الاحرار من ابناء الامة، على طريق التحرر الاكبر الذي بات اوضح من عين الشمس، وحقا لا مناص منه، وبات يدركه العدو قبل الصديق. فهو وعد الله للمستضعفين، ولن يخلف الله وعده.
ان ما يصنعه العدو اليوم لاعاقة حركة التحرر على المستوى الاقليمي، لا تختلف كثيرا عن ما صنعه على المستوى المحلي، حتى ان ادواته هي نفس الادوات، السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، كما ان الظروف التي عاشها اليمن اثناء الثورة متشابهة مع تعيشه المنقطة اليوم، على سبيل المثال فالتحالفات التي تشكلت ضد حركة التحرر والاستقلال وقوى الثورة الصادقة ما لبثت ان انهارت مع الوقت، وتحولت الى عداوات وصراع على المصالح الخاصة، كنتيجة حتمية للفشل الذي تجرعته في مواجهة الشعب وحركته الفتية الثائرة والواعية، رغم الجهود التي بذلت لاعادة التماسك من قبل المشغل الخارجي سواء السعودي او الامريكي، الا انها كانت تبوء بالفشل، وليس الحال اليوم ببعيد مع تكبير لمساحة الرؤية من المحلي للاقليمي.
ان كل المؤشرات، لاسيما بعد ضربة أرامكو وتفكك التحالف السعودي الامارتي، تؤكد ان عامل الوقت في صالح الثورة اليمنية وحمايتها وان قوى الهيمنة الاقليمية في طريقها الى الافول ومعها ينتهي النفوذ الامريكي على المنطقة، وسياتي اليوم الذي تنعم فيه شعوبنا بالحرية التي تستحقها، وان غدا لناظره قريب.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
29/11/2024