طوفان الأقصى
المنظومات الأمنية التي داسها مقاومو القسام خارج غلاف غزة؟ 2/2
يوسف الشيخ
يمكن الجزم بأن جهازي الاستخبارات العسكرية "أمان" ووحدة دورية القيادة "سييريت ماتكال" فضلاً عن جهازي "الشاباك" وجهاز استخبارات الشرطة كانوا من أكثر الأجهزة التي أصابتها عملية "طوفان الأقصى" بالفضيحة والعجز وقصور الرؤية، وما زلنا حتى اليوم نلاحظ ذلك في الأداء العام لجيش العدو. ما هي الوحدات والأقسام والشعب الاستخبارية التي داسها المقاومون الفلسطينيون في 7-10-2023؟
فيما يلي ثبت بالأجهزة والوحدات الاستخبارية والسرية التي أصابتها وعطلتها كتائب المقاومين:
أولاً: شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" وتضم:
أــ دائرة البحوث: وهي من أهم الدوائر في جهاز الاستخبارات العسكرية؛ حيث إنها تقدم الصور الاستخبارية الكاملة، ومهمتها الرئيسة رسمُ خريطة الخصومات، وتحديدُ الفرص والسيناريوهات التي تنتظر الكيان الصهيوني، ووضع بنية تحتية للرد التنفيذي والسياسي الصهيوني على السيناريوهات المتوقعة، تزويد التقييمات الاستخبارية الشاملة إلى المستوى السياسي، في إطار التقييم السنوي، وكذلك في الأحداث المعقدة والحروب، التي تتطلب تكاملًا بين مواضيع عدّة: عسكرية، وسياسية، واقتصادية، وتشمل دائرة البحوث خمسة قادة لساحات مركزية، وهي: الساحة الفلسطينية، والساحة اللبنانية، والساحة الشمالية ـــــ الشرقية: سوريا، والعراق، وإيران.
ب ـــ دائرة المُخابرات البحرية: وتعدُّ الدائرة تابعة مهنيًا إلى جهاز الاستخبارات العسكرية أمان ويُديرها رئيسُ سلاح البحرية الصهيوني، وتعمل الدائرة على صياغة الصور، وتقديمها إلى أجهزة الاستخبارات الأخرى، وتُشارك في خلق صورة الوضع الاستخباراتي الشامل في أجهزة الاستخبارات الصهيونية، ومِن مهام الدائرة أيضًا توفير الإنذار ضد الأعمال الهجومية والحربية في البحر، وتقييم صور المخابرات العامة، والتنسيق والاتصال.
ت ــ وحدات المُخابرات القتالية: أحدث سلك استخباراتي لجيش العدو، لجمع المعلومات الاستخباراتية والقتالية، وللمُحافظة على شبكات الرصد، وتتكون من وحدات عدّة، من بينها: كتيبة "النسر 414"، التي تعمل على الحدود مع قطاع غزة، وكتيبة "النورس 869" التي تعمل على الحدود مع لبنان والحدود المصرية، وكتيبة "نيتسان 636" التي تعمل في الضفة الغربية، ويُعد الجهاز المسؤول الأول عن وحدات الاستخبارات من مستوى الكتيبة إلى مستوى فِرْقَة وهو تابع مهنيًا لجهاز الاستخبارات العسكرية.
ث ــ وحدات الاستخبارات البرية The intelligence units: وحدات استخباراتية تابعة للقيادات الإقليمية الأربعة للجيش الصهيوني: الوسطى، والشمالية، والجنوبية، والجبهة الداخلية، ومن مهامها جمع المعلومات وتهيئتها لجيش العدو.
ج ــ وحدة جمع المعلومات من المصادرالعلنية المفتوحة (أحتساب): تتابع المصادر العلنية للمعلومات، مثل: وسائل الإعلام المختلفة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمنتديات الحوارية، وشبكة الأنترنت عمومًا، وتستنبط بفضلها المعلومات الاستخبارية وتجمعها، وتصنِّفها وتتابعها، وترسل هذه المعلومات إلى جهة الاختصاص الصهيونية.
ح ــ وحدة استطلاع هيئة الأركان العامة في جيش العدو (سييريت ماتكال)/ Sayeret Matkal : تأسست سنة 1957م، تتبع جهاز الاستخبارات العسكرية، ومن مهام الوحدة: جمع المعلومات الاستخبارية، والاستطلاع في عمق الأراضي المعادية؛ للحصول على المعلومات الاستراتيجية، ومُكافحة العمليات المُسلحة، وتُعَد الوحدة هي اليد الضاربة في أجهزة الاستخبارات الصهيونية.
خ ــ وحدة الحرب النفسية: تشكلت هذه الوحدة لتخدم أهداف الجيش الصهيوني؛ والقيام بمهام استخبارية هجومية، تهدف إلى كَيِّ وَعْيِّ العدو والخصم، وتثبيط وكسر معنوياته، ونشر الدعاية الصهيونية المضللة والإشاعات داخل صفوف من يصفهم الكيان المؤقت بـ "الأعداء"، وصودق لها مؤخرًا بإضافة عشرات الكوادر الجديدة، وذلك في إطار تطبيق توصيات الحروب الأخيرة على قطاع غزة واستخلاصاتها، وقد منحت الوحدة مكانة قسم، وجعل على رأسها ضابط استخبارات برتبة عقيد، وتخضع وحدة الحرب النفسية مباشرة لشعبة العمليات في هيئة الأركان؛ ولكن الموجه المهني فيه هو جهاز الاستخبارات العسكرية أمان.
د ــ فيلق الاستخبارات البشرية وحدة 504: من أكثر الوحدات سريّة في الجيش الصهيوني، وهي من وحدات جهاز الاستخبارات التابع للجيش أمان، وتم تشكيلها لتعمل في المناطق الحدودية؛ من أجل تجنيد سكان الحدود في المناطق المختلفة، والتعرف على تطورات الأوضاع فيها، ويراوح النشاط السري للوحدة بين محورين، وهما: ــ تجنيد واستعمال عملاء في أراضي الضفة الغربية وفي الدول المحاذية لفلسطين المحتلة، مثل لبنان، ومصر، وسوريا، والأردن. ــ التحقيق مع الأسرى في الحياة العادية وفي الحرب. وتعمل الوحدة 504 في منطقة الوَسَط، بين جهازي "الشاباك" و"الموساد" في طريقة ووسيلة جمع المعلومات التي تعتمد بالدرجة الأولى على العنصر البشري ، بخلاف بقية وحدات "أمان" التي تعتمد على وسائل مختلفة، ويرأس هذه الوحدة ضابط برتبة عميد، ويُسَمّى الضباط العاملون في هذه الوحدة : ضباط المهمات الخاصة.
ذــ وحدة النخبة التكنولوجية: تعدّ هذه الوحدة المعروفة باسم الوحدة "8200"، من أشهر الوحدات الخاصة التي شكلها الجيش الصهيوني، ونعدّ أحدَ أهم نقاط التسلل الصهيوني إلى عالم التكنولوجيا الرفيعة والمتطورة هاي تيك، وتعتمد الوحدة على عدّة أنواع من العمل في المجال الاستخباري وهي: الرصد، والتنصت، والتصوير، والتشويش، وتهتم بجمع المعلومات الإلكترونية واللاسلكية، ويتطلب هذا النوع من المهمات وسائل تقنية متقدمة، وتتصدر خط الجبهة الالكترونية للعدو الصهيوني، وتزوِّد متخذي القرار في الكيان الصهيوني بالمعلومات القيِّمة التي يحتاجون اليها، وأنشأ مؤسسوها الكثيرَ من الأقسام والوحدات الإلكترونية الرديفة العاملة في مجال حماية المعلومات وشبكات الاتصال، وكان الهدف من تأسيسها تتبع المقاومة الفلسطينية وتحركات المقاومين، باستعمال التنصت وتقنيات التجسس الإلكتروني؛ وتطور عملها مع تطور وسائل التكنولوجيا في العالم والتوسع الذي يشهده في مجال التكنولوجيا الرقمية؛ وقد عدّها الجنرال المتقاعد أوري ساغي، الرئيس السابق لجهاز «أمان» : من أهم الوحدات الاستخبارية في الدولة العبرية. وقال إنَّ: أهداف هذه الوحدة تتلخص في المساهمة في تقديم رؤية استخبارية متكاملة مع المعلومات التي توفرها المصادر البشرية القائمة على العملاء. ويقودها ضابط كبير برتبة عميد.
تشرف الوحدة "8200" على محطات تنصت عدّة، شمال فلسطين وجنوبها، ويُعدُّ التنصت على أجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية من المهام الأساسية لها، فالهواتف الأرضية والنقالة، وأجهزة اللاسلكي يتم التنصت عليها بشكل دائم، الذي يساعد الوحدة على أداء مهمتها بشكل تام، ولا يقتصر التنصت على فلسطين المحتلة والدول العربية المجاورة فقط؛ بل يمتد لدول عدّة بعيدة جغرافيًا عن الكيان الصهيوني. وتعمل وحدة "8200" بشكلٍ وثيق مع وحدة سييرت متكال، وهي الوحدة الخاصة الأكثر نخبوية في الجيش الصهيوني، التي تتبع رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، وبالإضافة إلى تخصصها في تنفيذ عمليات الاغتيال التي تتم في العالم العربي، فإنَّ سييرت متكال تلعب دورًا مركزيًّا في جمع المعلومات الاستخبارية عبر زرع أجهزة تنصت وتصوير، بناءً على تنسيق مسبق مع وحدة "8200"، وتوجد أكبر قاعدة تجسس وتنصت على مستوى الشرق الأوسط في "مستوطنة أوريم" شرق قطاع غزة، على بعد 16كيلو متر عند الحدود مع القطاع. وأُنشِئَت لاحقًا هيئة السايبر التابعة للجيش الصهيوني؛ لتشكِّل
مكتب تنسيق تابع لهيئة الأركان العامة، مهمته التنسيق، وتوجيه أنشطة الجيش في المجال السبراني، وأنشئ المكتب داخل الوحدة "8200”. وتمثل هيئة السايبر في وحدة "8200" الأنشطة الهجومية، بينما تمثل هيئة السايبر في الشاباك الأعمالَ والأنشطةَ الدفاعية الهادفة للتحصين ومنع هجمات السايبر المعادية.
رــ شعبة المعلومات الصورية visnit وحدة 9900 : تختص بتحليل الصور، ووضع الخرائط والاستخبارات القائمة على معلومات صورية مجمعة، وتضم عدة أقسام متخصصة في مجال عملها، ويخدم فيها مئات الجنود، وبقيت هذه الوحدة طيلة السنوات الماضية بعيدة عن أعين الإعلام مختفية، ولم يكشف النقاب سوى عن النذر اليسير من نشاطاتها، وطرائق عملها، وتهتم بجمع المعلومات الصورية القادمة من مصادر متنوعة، مثل: الأقمار الصناعية، وطائرات المراقبة، والاستشعار، إضافة إلى المعلومات العلنية؛ ليقم بعدها بنقل وتحويل رؤيته الاستخبارية وتنبؤاته لمتخذي القرارات في الكيان الصهيوني والقوات العاملة في الميدان ، ويعنى بدراسة المعلومات وتحليلها، وجمع المعلومات الميدانية؛ وتشخيص أنواع الوسائل القتالية بواسطة الصور الجوية، وتصل المعلومات التي تخضع للتحليل عبر مجسات فضائية من الأقمار الصناعية، ونقاط رقابة أرضية، ومجسات جوية داخل الطائرات التي تعمل بنظم المعلومات الجغرافية GIS، فيما يتم استخلاص جزء كبير من المعلومات بواسطة دراسة وتحليل معلومات غير سرية ومكشوفة. ثانياً: جهاز الأمن العام أو المخابرات العامة (الشاباك أو شين بيت) يوصف (الشاباك) بأنه هيئة أمنية قومية مستقلة بذاتها، ويتشابه مع الجيش الصهيوني في كونه مسؤولًا عن الحفاظ على أمن "الدولة" في مواجهة التهديدات السرية، وعلى هذا الأساس فإنّه يُعدّ هيئة استخباراتية قومية نظرًا لامتلاكه قدرات في مجال جمع المعلومات والبحث والعمليات الاستخباراتية التي تساعد معظم أجهزة الاستخبارات الصهيونية الأخرى، ويتلخص دوره في الحفاظ على أمن الدولة العبرية، واستقرار النظام ومؤسساته المختلفة، في مواجهة التهديدات والمخططات المختلفة التي تتعرض لها، والحفاظ على أسرارها العليا، والعمل على تحقيق المصالح "الوطنية الحيوية" الأخرى للأمن القومي الصهيوني، وفق ما تحدده الحكومة، التي يخضع لسلطتها ويتبع رئيس الوزراء الصهيوني مباشرة. ويُعدُّ جهاز (الشاباك) جزءًا مهمًّا من المنظومة الأمنية الصهيونية، ويتبع سلطة وأوامر رئيس الوزراء الصهيوني، وحددت مهامه الرسمية تحت عنوان واسع وهو: (حماية الدولة من المؤامرات والتآمر الخارجي، وحماية أمنها الداخلي).
ــ مهام جهاز الأمن العام: كانت المهام التي كُلف بها الجهاز عند تأسيسه هي كالآتي:
أــ مكافحة التجسس الذي تمارسه قِوَى خارجية. ب ــ مكافحة التجسس والمؤامرات السياسية.
ت ــ المسؤولية عن حماية أمن المؤسسات، والمنشآت الحيوية للدولة، وممثلياتها في الخارج، وتأمين الأشخاص والمعلومات والأماكن وفق ما تحّدده الحكومة.
ث ــ إحباط ومنع الأعمال غير القانونية، التي تهدف للإضرار بأمن الدولة، واستقرار النظام الديمقراطي ومؤسساته المختلفة.
ج ــ تحديد المعلومات السرية الأمنية المتعلقة بالمناصب والوظائف العامة في مختلف الهيئات، وتنفيذ عمليات الفحص والاستقصاء الأمني السرية.
ح ــ إجراء بحوث استخباراتية وإعطاء استشارات وتقديرات للحكومة وللهيئات الأخرى التي تحدّدها الحكومة.
خ ــ العمل في مجالات أخرى تحدّدها الحكومة، وذلك بموافقة (لجنة الكنيست لشؤون الخدمات)، التي تم تشكيلها للعمل على تحقيق المصالح الحيوية للأمن القومي للدولة. وتتلخص أهم الأدوار والوظائف الأساسية فيه وفقاً للمهام المحددة إليه قانوناً بالآتي:
• إحباط أي عمل مقاوم أو معادٍ يهدف إلى المس بأمن الكيان ومؤسساته المختلفة.
• جمع المعلومات وتحليلها بغرض تنفيذ المهام الموصى بها لخدمة مصالح الكيان.
• توفير الحماية للشخصيات المهمة في دولة الكيان.
• توفير الإجراءات اللازمة لحماية الجهات التي تحددها الحكومة.
• المراقبة والحماية: مراقبة الإجراءات الأمنية المتعلقة بالمنشآت الاستراتيجية في الدولة، مثل: طائرات الركاب، والمطارات، والسفارات الصهيونية في الخارج، وحماية المعلومات الأمنية والسياسية.
• الموافقة الأمنية: منح الموظفين العموميين والعاملين في القطاع العام التصنيف الأمني؛ استنادًا لقرارات الحكومة المتعلقة بكل وظيفة وشخصية.
• تجنيد مصادر المعلومات كافة وتشغيلها، سواء بالرجوع إلى العناصر البشرية، أو باستعمال وسائل التكنولوجيا المختلفة؛ بهدف الحفاظ على أمن الكيان. يعمل "الشاباك" وفقاً لنظامين (جغرافي وتخصصي) ويتكون جهاز "الشاباك" جغرافياً من ثلاث مناطق وأهمها. المنطقة الجنوبية وهي ثاني أكبر منطقة في "الشاباك" وتقع قيادتها في مدينة عسقلان/ المجدل المحتلة عام 1948، ومسؤولة ضمن أشياء كثيرة منها القسم الجنوبي من الأراضي المحتلة عام 1948 م ومسؤولة أيضاً عن إحباط العمليات الفلسطينية المنطلقة من قطاع غزة. ملاحظات عامة على الاختلالات الاستخبارية في كيان العدو:
1 ــ إن الشكل الذي ظهر فيه التحدي منذ تحدي حزب الله في حرب تموز2006 إلى تحدي المقاومة الفلسطينية بمعركة "سيف القدس" في أيار/ مايو 2021 ومعارك "وحدة الساحات" 2022 و"ثأر الأحرار" و"بأس الأحرار" 2023 جسد للكثيرين في كيان العدو ولا سيما في مجتمعي الاستخبارات والعسكر حدوث تغيير طويل ألأمد في قوة تهديد ذاك التحدي وتحوله إلى تهديد شديد الْخَطَر ممتد على أمن الكيان بسبب قدراته على الصعيد الاستخباراتي ونجاحه في تحديد نقاط الضعف القاتلة للتجمع الاستيطاني الصهيوني، وتركيز الھجمات عليها.
2 ــ إن "معضلة انعدام التنسيق المزمنة بين أجهزة العدو الأمنية" إذا ما تم التعمق بما وراءها بالدراسة والتحليل تثبت فشل المنظومة الاستخباراتية الإسرائيلية كاملة حيث إن حَجَّة عدم التنسيق تعدّ في رأي العارفين بألف باء الاستخبارات أقل الأسباب تأثيراً على الاختلال الاستخباراتي الكبير الذي بات يميل بشدة في العقدين الأخيرين لمصلحة محور المقاومة في مقابل فيلق أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية المكون من عدد كبير من الأجهزة والأقسام والوحدات التي يعمل 95% منها على فيلق القدس حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي.
3 ــ أن "البنية التنظيمية لأجهزة الاستخبارات واهية، وليست مناسبة بصورة كافية لمواجهة التحديات الأمنية الجديدة لدولة إسرائيل، لأنه ليس لمجمع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مركز أو رئيس أو مدير، وليس لديها منظمات للإشراف عليها باستثناء لجنة رؤساء الأجهزة، وهي هيئة تطوعية لا تملك صلاحيات ولا نظاما للحسم، ونتيجة لذلك فإنه ليست لدى الأجهزة خِطَّة عمل مشتركة، ولا تنسيق في مجال بنية القوة بين أجهزة الاستخبارات المختلفة ولا النَّظْرَة الشاملة لرصد الموارد لهذه الأجهزة".
4ــ أن الصعوبة في عدم التعاون بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية "مرتبطة إلى حد بعيد بانعدام الوضوح النابع من مشكلات جذرية في جهاز الأمن القومي بمجمله".
5ــ بالنظر إلى مهمة جهاز الاستخبارات العسكرية الأساسية المحددة قانوناً وهي العمل الأمني والاستخباري لمصلحة الجيش ومختلف الأجهزة الرسمية الإضافية العاملة في مجال الأمن والعلاقات الخارجية، وجوهر عمله البيئة الاستراتيجية المحيطة بالكيان. فإن الخلل الكبير في استثمار المعلومات المجمعة في هذا الجهاز. ففي حين يعتبر جهاز "أمان" أكبر جهاز استخباري في الكيان فإنه يتبع الجيش وبينه وبين القيادة العامة للقوات المسلحة مانعين تنظيميين هما:
• هيئة استخبارات الجيش اليي تضم جميع الأقرع العاملة في قسم "أمان" التي يديرها ويترأسها مسؤول الاستخبارات العسكرية، وهذه الهيئة تتحكم بكامل مدار المعلومات وتستثمرها لخدمة الجيش ولا يصل من نتاجها عادة إلا القليل للمستوى السياسي.
• قيادة الأركان وهي هيئة متخصصة تضم أذرع الجيش إضافة إلى ذراع الاستخبارات وهي هيئة مستقلة تناقش القرار العسكري وتديره ولا يصل من مداولاتها إلا القليل أيضاً للمستوى السياسي.
6ــ إذا لاحظنا حجم سعة مسؤولية واهتمام الاستخبارات العسكرية وحجم الموارد المادية والبشرية التي تكلف الكيان لضمان تشغيلها فإن المستوى السياسي لا يستفيد منها بقدر جهازي الموساد والشين بيت التابعين له والذين تصرف عليهما مجتمعين موارد أقل من قسم من أقسام الاستخبارات العسكرية المتعددة.
7ـ يعد "أمان" بمساعدة أذرع استخباراتية أخرى "الدينامو" الأساسي داخل منظومة المخابرات الصهيونية فيما يتعلق باستخلاص التقديرات الاستخباراتية ووضعها؛ كونه الهيئة الوحيدة التي تفحص كل عناصر التقديرات الاستخباراتية؛ مما يؤهله للقيام بعملية "فلترة" لها، وتقديم تقديرٍ استخباراتي قومي شامل، في حين أنَّ الوحدات البحثية في الأجهزة الاستخباراتية الأخرى تقوم بوضع تقديراتٍ استخباراتية في مجالات أخرى، غير متعلقة بما يقوم به "أمان"؛ إلا إنّه في جزء منها يوجد ارتباط بين جميع المجالات البحثية في الأجهزة الاستخباراتية كافة.