على العهد يا قدس

تكنولوجيا وأمن معلومات

هل أزاح "ديب سيك" عمالقة الـ "AI" عن عرشهم؟
24/03/2025

هل أزاح "ديب سيك" عمالقة الـ "AI" عن عرشهم؟

نجحت شركة "ديب سيك" في تحريك المياه الراكدة في ريادة قطاع الذكاء الاصطناعي، إذ لحق الضجة التي أحدثها إطلاق نموذج "DeepSeek-R1" بتكلفة منخفضة وأداء عالٍ، حالة من التخبّط بين عمالقة التكنولوجيا، مثل "أوبن إيه آي"، ما دفعهم إلى إعادة النظر في إستراتيجياتهم للمحافظة على هيمنتهم على هذا القطاع.

بقيت نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي محصورة في السنوات الأخيرة بين عدد قليل من اللاعبين الكبار، مثل "تشات جي بي تي" من "أوبن إيه آي"، و"كلود" من "أنثروبيك"، و"جيميناي" من "غوغل"، وذلك بفضل استثمارات ضخمة وفريق من المهندسين المتميزين، إلى جانب استخدام أحدث الرقائق والخوادم المتطورة.

لكن "ديب سيك" قدمت نموذجها الجديد باستخدام عدد أقل من المعالجات، ومن دون الاعتماد على أحدث الرقائق المتقدمة، وبتكلفة لا تتجاوز ستة ملايين دولار، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بمليارات الدولارات التي أنفقتها الشركات الكبرى.

تسليع الذكاء الاصطناعي
رأى خبراء أن هذا التطور يعكس توجهًا متزايدًا نحو "تسليع" نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، إذ بات من الممكن تطوير نماذج قوية بموارد محدودة.

في هذا السياق، يلفت أحد مؤسسي شركة "هاغينغ فايس" العاملة في القطاع، توماس وولف، إلى أن تكلفة إطلاق نموذج جديد تتقلص، ولم يعد اختيار النموذج الأهم كما كان في السابق، مضيفًا أن المستخدمين يتجهون الآن نحو بيئة متعددة النماذج، حيث يمكنهم التنقل بين عدة خيارات بسهولة.

ويبدو أن هذا التحول انعكس على استقبال "تشات جي بي تي 4.5"، الذي لم يحظَ بالزخم المعتاد عند إطلاقه في شباط (فبراير) الماضي، ما يعكس تراجع الفجوة بين النماذج المتاحة في السوق.

من يجلس على العرش
رغم هذا التحول، يرى بعض المحللين أن الشركات الكبرى لا تزال تحتفظ بتفوقها بفضل قاعدة المستخدمين الضخمة والبيانات الهائلة التي تحصل عليها يوميًا لتحسين نماذجها.

وفي هذا الصعيد، يشرح مدير المنتجات في "أوبن إيه آي"، كيفن ويل، أنّ الفارق الزمني الذي كانت تحتفظ به شركته على المنافسين تقلص إلى ما بين ثلاثة وستة أشهر فقط، لكنه لا يزال يمنحها ميزة تنافسية.

كما يشير رئيس شركة "ديجيتس" التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لإتمام العمليات المحاسبية، جيف سيبرت، إلى أن الشركات الرائدة في المجال ستظل في المقدمة، لكن الفجوة بينها وبين الشركات الناشئة ستضيق، ما يعني أن المستخدمين قد لا يجدون فرقًا جوهريًا بين النماذج المتاحة في معظم الاستخدامات اليومية.

صعود المصادر المفتوحة
يعد انتشار نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر عاملًا إضافيًا يسهم في إعادة تشكيل القطاع، حيث باتت الشركات الناشئة قادرة على استخدام هذه النماذج وتطوير تطبيقاتها الخاصة بكلفة أقل.

من جهته، يعتقد المحلل في "سي إف آر إيه" الرائدة عالميًا في المجال المالي، أنجيلو زينو، أن تقييم شركات مثل "أوبن إيه آي" و"أنثروبيك" ربما وصل إلى ذروته، إذ لم تعد ميزة السبق التكنولوجي كافية لضمان التفوق في المستقبل.

لكن رغم ذلك، لا تزال الاستثمارات الضخمة تتدفق إلى هذه الشركات، فقد ضخت "سوفت بنك" اليابانية 40 مليار دولار في "أوبن إيه آي" في شباط (فبراير) الماضي، ما رفع قيمتها إلى 300 مليار دولار. كما جمعت "أنثروبيك" تمويلًا جديدًا بقيمة 3.5 مليارات دولار في آذار (مارس)، ليصل تقييمها إلى 61.5 مليار دولار.

هل نحن أمام تغيير جذري؟
يبدو أن قطاع الذكاء الاصطناعي يشهد تحولًا عميقًا، حيث لم يعد النجاح محصورًا في الشركات العملاقة، بل بات بإمكان الشركات الناشئة تقديم نماذج منافسة بموارد محدودة. ومع ذلك، لا تزال الشركات الكبرى تمتلك نفوذًا كبيرًا بفضل بيانات المستخدمين وقدرتها على الاستثمار في تطوير نماذجها، إلى جانب الاستثمارات الحكومية المتزايدة التي تصبّ غالبيتها في مصلحة الشركات الكبرى، مثل مشروع "ستارغيت" الأميركي أو إعلان فرنسا استثمار عشرات المليارات في تطوير البنى التحتية للقطاع في البلاد.

لكن رغم جميع محاولات الإبقاء على توازنات السوق الحالية من قبل الشركات الرائدة، إلا أنّ ما فعله "ديب سيك" هو مجرّد بداية تغيير قواعد اللعبة، فهل يصمد عمالقة السوق أمام النموذج الجديد المقبل؟

الذكاء الاصطناعي

إقرأ المزيد في: تكنولوجيا وأمن معلومات