روسيا vs أميركا
تقدير موقف | اليوم 56: المقاتلون الأجانب (المرتزقة) في أوكرانيا
عمر معربوني | كاتب وباحث في الشؤون العسكرية
مواضيع العرض | المقاتلون الأجانب (المرتزقة) في أوكرانيا
من المعروف ان الرئيس الأوكراني فولودومير زيلنسكي دعا مع بدء العملية العسكرية الروسية الى تشكيل الفيلق الدولي للمشاركة في القتال ضد الجيش الروسي، وهو ما لاقى تجاوباً في اغلب دول أوروبا وبعض الدول الإفريقية.
ومنذ البداية يتولى أنطون بوندارينكو (22 عاما)، والذي شكل مع 100 من زملائه في العاصمة الأوكرانية كييف مركز اتصال افتراضي للرد على استفسارات الراغبين للانضمام إلى الفيلق المعروف رسميا باسم "الفيلق الدولي للدفاع الإقليمي لأوكرانيا"، ويقول بوندارينكو: "نحصل على أشخاص من جميع أنحاء العالم.. ربما يكون العدد الأكبر من أميركا.. ولكن من أستراليا وتركيا وفرنسا أيضا، ومن كل مكان".
في الجانب القانوني تتعارض هذه الدعوة مع القرار الأممي 2178 الصادر بتاريخ 24/09/2014 والذي يلزم جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بـ "تجريم" سفر المواطنين أو سعيهم إلى السفر إلى الخارج ليصبحوا "مقاتلين إرهابيين أجانب".
حدّد قرار مجلس الأمن الذي صِيغ في المقام الأول من قبل الولايات المتحدة، 3 مجموعات: "الدولة الإسلامية" المعروفة أيضا باسم "داعش" إلى جانب "القاعدة" و"جبهة النصرة" التابعة لها، لكنه ترك للحكومات تفسير ما عليهم استهدافه. يستلزم القرار أيضا قيام الدول الأعضاء بتجريم تجنيد وتمويل المنظمات الإرهابية الأجنبية، وتبادل المعلومات الاستخبارية حول من يُشتبه بأنهم مقاتلون إرهابيون أجانب، ووضع برامج لمنع التطرف العنيف.
في أوكرانيا يتعرض القرار 2178 لسوء التطبيق من خلال عدم شرح ما يعنيه بـ "الإرهاب" أو "إرهابي"، وهما مصطلحان لا يوجد تعريف قانوني عالمي لهما. كما يتيح غياب الاتفاق على هذان المصطلحان للدول تطبيق تعريفات غامضة أو فضفاضة على الأفعال والمجموعات التي "تنتهك مبدأ الشرعية"، وهو ما يتم التعاطي معهم بمعيار مختلف في أوكرانيا حيث يصبح الإرهابي مقاتلاً شرعياً تغطيه القوانين الدولية بنتيجة مواقف الدول الغربية من روسيا واظهارها كل ما هو معادي في شتى المجالات.
حتى اللحظة تشير المعلومات الى وجود حوالي 13 الف مرتزق يقاتلون في أوكرانيا بأمرة وحدات الدفاع الإقليمي او ما يعرف أيضا بوحدات الدفاع الشعبي كما من المتوقع ان يصل عدد المرتزقة الى 30 الف فيهم اغلبية من دول أوروبا الشرقية وخصوصاً بولندا التي تُظهر الكثير من العداء لروسيا.
ويأتي هذا التطور متزامناً مع دعوات للجماعات الإرهابية التي تقاتل في سورية والعراق لتجنيد الراغبين وارسالهم الى أوكرانيا في ظل غياب أي موقف أميركي او غربي، ما يعني موافقة ضمنية وربما اتجاه ضمني لتنظيم ارسالهم، والإشراف على مهامهم على غرار ما يحصل حتى اللحظة في سورية والعراق وليبيا وأماكن أخرى تتولى فيها المخابرات الغربية إدارة وتنظيم ودعم مهام هؤلاء.
في الغالب يتشكل معظم هؤلاء المرتزقة من افراد يعانون مشاكل نفسية، كمدمني المخدرات أو المحكوم عليهم قضائيا أو الشديدي العنف الذين يعتنقون عقائد لا صلة لها بتاتا بالنزاع الذي انخرطوا فيه.
وعلى الرغم من التأثير الذي يمكن لهؤلاء المرتزقة إحداثه على المدى القصير، الاّ انّ خطرهم على المدى الطويل كبير، أوّلا في ميدان الحرب ثمّ عند عودتهم إلى موطنهم وهو ما يحذّر منه البعض من سياسيي أوروبا حيث الإنقسام حول الكثير من القضايا، ومن ضمنها مسألة تسهيل وصول المرتزقة الى أوكرانيا وما يمثله ذلك من تنامي للفكر النازي الجديد في كل أوروبا.
وكمثال سيكتسب كثيرون منهم خبرة إضافية في القتال وينتفعون من شبكات دولية نسجوها قد يستعينون بها لخدمة قضايا جديدة. وسيتسنّى لمن يريد الإيذاء، إلحاق مزيد من الضرر.
ويبقى ان الإنتهاء من معركة منطقة "آزوف ستال" سيكشف الكثير من الأمور المرتبطة بالمرتزقة، وسيُظهر الى العلن قضايا لاتزال خافية حول عمل ومهام هؤلاء، ومن بينهم علماء تشير المعلومات الى وجود حوالي 240 منهم في أقبية "آزوف ستال" على عمق 30 متر تحت الأرض يديرون مختبرات بيولوجية، اضافة لعدد من ضباط حلف الأطلسي من اميركا والمانيا وكندا وايطاليا واسبانيا وتركيا والسويد والنمسا وبولندا واليونان وجنود من الفيلق الخامس الفرنسي.
إقرأ المزيد في: روسيا vs أميركا
23/09/2023