عاشوراء2020
انتفاضة القطيف والأحساء 1400هـ: وعي سياسي ممهور "بختم كربلاء"
سناء إبراهيم
لم يكن حدثاً طارئاً ولا سحابة عابرة. انتفاضة المحرم المجيدة من عام 1400هـ /1979م، كانت هبّة شعبية غير مسبوقة، أرّخها التاريخ وجعل منها انطلاقة أساسية لمنطقة عانى أهلها التهميش والتمييز والحرمان الاقتصادي رغم خيراتها وثرواتها التي تجعل منها أغنى منطقة تحوي في أحشائها ذهب الأرض وثرواتها. ثروات جعلت من النظام السعودي القائم على أجساد آلاف الضحايا، وأشلاء القتلى والذي اتخذ من السيف سلاحاً والقمع والسطوة وسفك الدماء عملاً دؤوبًا لحماية ملكه وعرشه من السقوط والتهاوي، فراح يرقص على أنغام التنكيل والاضطهاد والانتقام من أبناء المنطقة الشرقية الذين جعلوا من تاريخهم وثورتهم تاريخ عز ونضال.
يحيي أهالي المنطقة الشرقية اليوم، الذكرى الواحدة والأربعين لانتفاضتهم المجيدة، تحت شعار "بختم كربلاء"، تأكيداً على أن بذور انتفاضتهم انطلقت من عاشوراء الإمام الحسين(ع) بكل ما تحمل من مفاهيم للتضحية والفداء. فقبل 41 ربيعاً، استلهم أبناء القطيف والأحساء من ثورة الإمام الحسين (ع) مفاهيم العزة والكرامة وبذل التضحيات بالأنفس والأرواح وعدم الرضوخ والركون للاستبداد والاضطهاد مهما كانت الأثمان. ولأن المنطقة كانت محرومة من أبسط حقوقها وكان تضييق الخناق على الحريات الدينية وإحياء المراسم العاشورائية يطفو على المشهد العام، لسنوات طوال، قرر أهالي القطيف الأحساء في ليلة السادس من المحرم 1400هـ، الموافق 25 نوفمبر 1979م، كسر حاجز الصمت والحظر المفروض على الشعائر الدينية والممارسات العبادية للطائفة الشيعية، تحت مزاعم التكفير من قبل النهج الوهابي، وأشعلوا فتيل ثورتهم الحسينية، وانطلقوا إلى خارج المآتم والحسينيات لتأدية العزاء، عبر تظاهرات سيّارة جابت شوارع البلدات، عقب الاستماع إلى المجلس العاشورائي في الحسينيات والمساجد، وحينها، لعب الخطباء دوراً بارزاً في التشجيع على الثورة على الظلم وتطبيق مفاهيم عاشوراء الإمام الحسين"ع".
بعد 41 عاماً على انتفاضة المحرم، التي استلهمت مفاهيمها من ثورة كربلاء، وتأثرت في انطلاقتها بالثورة الإسلامية في إيران بقيادة روح الله الخميني (قده)، يجزم إحياء ذكراها بعد عقود، بأنها ثورة ذات هوية وهدف سام، يتطلع أبناؤها لتحقيق العدالة المجتمعية والحرية والمساواة، وإلغاء التمييز الطائفي، ويستمرون من أجل كسب حقوقهم المشروعة، خاصة وأنهم في المنطقة الأغنى من الجزيرة العربية بالنفط والذهب الأسود، وهي تعوم على خيرات الأرض التي نهبها الحكام ولا يزالون، كما يمعنون في التنكيل بأصحاب الأرض ويستمرون بمحاولات تكميم الأفواه والنيل من الأصوات المطلبية والمعارضة لسياساتهم الظالمة. ولعل ما انتجته الانتفاضة المجيدة التي امتدت جذورها إلى انتفاضة الكرامة في القطيف أو ما عرف بالانتفاضة الثانية لهو خير دليل على أثرها الدامغ في نفوس أبناء المنطقة من جهة، وأرق النظام من "القطيف والأحساء" من جهة ثانية.
إذاً،
إقرأ المزيد في: عاشوراء2020
31/08/2020
العراق: "حي على العزاء"
30/08/2020