معركة أولي البأس

ترجمات

واشنطن لا ترى ضرورة ملحّة لتغيير سياساتها تجاه "إسرائيل" 
02/01/2024

واشنطن لا ترى ضرورة ملحّة لتغيير سياساتها تجاه "إسرائيل" 

استبعد الكاتب الأميركي ديفيد سيلان وجود فجوة عميقة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، على خلفية الحرب التي يشنّها الأخير على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مشيرًا إلى الرئيس الأميركي جو بايدن لا يرى أن: "الوضع الإنساني" في غزة يستوجب تغيرًا كبيرًا في السياسة الأميركية المتبعة حاليًا.

وكتب سيلان، في مقالة نشرت على موقع "ريسبونسبل ستيت كرافت، أنّه": "لا توجد فجوة كبيرة عمليًا بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" على خلفية الأحداث الراهنة (في غزة) ذلك يتجلى في المؤتمرات الصحفية التي عقدت، خلال الأيام الأخيرة في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والسفارة الأميركية في القدس، سيما حول صياغة مشروع قانون في مجلس الأمن من أجل تجنب فيتو أميركي جديد". 

أضاف: "من يديرون السياسة الخارجية الأميركية لا يبدون أي ميول في أنّ التحول في السياسة الإسرائيلية مسألة مصالح أمن قومي للولايات المتحدة... المسؤولون الأميركيون عندما يرون أن المصالح القومية هي على المحك، عندها يصبحون على استعداد كامل لتغيير السياسات المتبعة، بما في ذلك تجاوز الحلفاء المقربين".

كذلك أردف الكاتب بأنّ المثال الأكبر على ذلك هو أزمة قناة السويس، في العام ١٩٥٦، عندما هدد الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور وقتها المملكة المتحدة ماليًا وقام بتهديد رئيس الوزراء البريطاني حينها أنطوني إيدين. وبناءً عليه استبعد الكاتب أن يكون غياب المؤشرات على تهديد الولايات المتحدة لـ"إسرائيل" حيال موضوع غزة مرتبطًا بهواجس البيت الأبيض من الدخول بمواجهة مع نتنياهو وفريقه، فبرأيه أن المسألة تعود إلى كون إدارة بايدن لا ترى ثمنًا كبيرًا بالتمهل نحو إجراء تغييرات سياسية طفيفة.

أضاف الكاتب أن "الوضع الإنساني" في غزة لا يراه بايدن ومستشاروه في مستوى يستوجب من الولايات المتحدة تغيرًا كبيرًا في السياسة المتبعة. وأن واشنطن لا ترى أن القتل الجماعي وغيره من العوامل يخلق ضغوطًا كافية لتغيير السياسة الأميركية، ذلك يعود جزئيًا إلى كونها في موقع متميز، إذ إن أغلب خصومها يعانون الضعف الاقتصادي؛ حيث لا يستطيعون تهديدها. أما الدول ذات الثقل الاقتصادي الوازن؛ فقد صنّفهم الكاتب إنهم، في الغالب، حلفاء أو وكلاء أميركا.

وتحدث الكاتب عن سبب آخر مرتبط بسمة أساسية في السياسة الخارجية الأميركية، موضحًا أن صنّاع السياسة يتجاهلون التداعيات السلبية على الأمد الطويل عندما يختارون مسارًا سياسيًا معينًا، وضرب مثلًا في هذا الإطار قرار إرسال ٢٠٠،٠٠٠ جندي من القوات البرية إلى ما كان يعرف بـ "فيتنام الجنوبية"، ف العام ١٩٦٥.

ولفت الكاتب إلى أن الولايات المتحدة عندما كانت تضغط على حلفائها في الماضي كانت تتصرف انطلاقًا من رد الفعل على أحداث آنية، وليس انطلاقًا من حسابات طويلة الأمد. وعليه؛ قال إنّ السياسة الأميركية في موضوع السويس كانت نتاج التصور بأنّ هناك معركة حياة أو موت مع الاتحاد السوفياتي السابق، وأن الانحياز لصالح قوى الاستعمار و"إسرائيل" التي احتلت القناة كان يشكل تهديدًا فوريًا للمصالح الأميركية، بينما كانت تسعى واشنطن إلى كسب دول في أفريقيا وآسيا.

أما في ما يخص السياسة الأميركية الداخلية؛ فقد قال الكاتب إن الحجج المقدمة جميعها تؤدى إلى النتيجة نفسها، وهي أنه لا أسباب سياسية جوهرية تستدعي من الولايات المتحدة تغيير سياساتها حيال الحرب في غزة. ورجح بهذا السياق أن تكون هناك ممانعة قوية لإثارة موضوع السياسة الداخلية، إذ ينظر إلى بايدن على أنه قادر على التوصل إلى الأحكام بهذا الشأن وحده. مضيفًا بأن هذه الأحكام على الأرجح ترى أن السياسة الراهنة مصممة بالشكل الصحيح بين "الصقور" و"الحمائم"، وأن الفئة الأخيرة ستصوت لصالح الديمقراطيين إذا ما كان الخيار بين ترامب وبايدن، وذلك إلى جانب كون الانتخابات نادرًا ما تحسم بقضايا السياسة الخارجية.

لكنّ الكاتب حذّر من أن مقاطعة عدد صغير من الناخبين الديمقراطيين للانتخابات قد تكلف ثمنًا باهظًا في العديد من الولايات المتأرجحة. وعليه؛ فهو يرى أن عدم استخدام الفيتو في مجلس الأمن والتشديد المتواصل على العمليات المركزة والقضايا الإنسانية وحلّ الدولتين والانتقادات العلنية لنتنياهو إنما هي محاولات من أجل إعادة هيكلة السياسة الأميركية كي تبدو أقل عداءً للفلسطينيين.

كما رأى الكاتب أن البيت الأبيض قد يوافق على وضع شروط صغيرة على طريقة استخدام "إسرائيل" للمساعدات العسكرية، ولو مع إعفاءات. وخلص إلى أن مثل هذه الخطوات تبيّن، بشكل واضح، بأن صنّاع السياسة الأميركيين لا يشعرون بضغوط كبيرة، سواء من الداخل أم الخارج من أجل تغيير السياسة المتبعة حيال الحرب في غزة.

إقرأ المزيد في: ترجمات