معركة أولي البأس

#صيف_الانتصارات

متى تُنصِف الدراما اللبنانية مُقاومتنا؟
13/07/2019

متى تُنصِف الدراما اللبنانية مُقاومتنا؟

لطيفة الحسيني
باستثناء مركز بيروت الدولي والجمعية اللبنانية للفنون- رسالات، تُقاطع شركات الانتاج اللبنانية أيّ عمل درامي يتطرق الى سيرة المقاومة الوطنية والإسلامية وحركات النضال بوجه العدو الاسرائيلي. المسلسلات التي تُعرض على المحطات المحلية في لبنان تتناول حصرًا علاقات الحبّ و"الخيانة" وكلّ ما يرتبط بها، وأحيانًا الفقر. الحكايات نفسها لكن مع وجوه مُختلفة. هذا هو الشأن الاجتماعي الذي تنقله شاشاتنا. كثيرون يسألون الى متى ترفض الدراما اللبنانية نقل صورة حقيقية لإنجاز وطني لم يتكرّر في العالم العربي بوجه "اسرائيل"؟

متى تُنصِف الدراما اللبنانية مُقاومتنا؟
لقطة من مسلسل "الغالبون"

يُجمع المعنيون بالحركة الثقافية في لبنان على أن الدراما المحلة تشهد نشاطًا متزايدًا على صعيد عدد الأعمال التي تقدّم سنويًا، لكنهم يتوقّفون عند مضمون ما يُعرض، إذ إن الموضوع السائد فيها الحبّ والغرام. غير أن بعضهم يُشيد باختراق الأعمال التاريخية للمشهد. هنا تبرز مسلسلات تركّز على مواجهة الاحتلال العثماني والاستعمار الفرنسي، بدءًا بمسلسل "مالح يا بحر" (إنتاج شركة رؤى عام 2008/ فترة الانتداب الفرنسي)، ثمّ "باب ادريس" (إنتاج شركة "مروى غروب" عام 2011/ فترة الاستعمار الفرنسي)، مرورًا بـ "وأشرقت الشمس" (إنتاج شركة رؤى عام 2013/ زمن الحكم العثماني) و"أدهم بيك" (إنتاج شركة مروى غروب عام 2017/ فترة الانتداب الفرنسي)، وصولًا الى "ثورة الفلاحين" (إنتاج إيغل فيلمز عام 2018/ ثورة طانيوس شاهين ضدّ الإقطاع إبّان الحكم العثماني).

متى تُنصِف الدراما اللبنانية مُقاومتنا؟
..ولقطة من "ملح التراب"

وحدها قناة المنار، أولت المقاومة الاسلامية منذ نشأتها اهتمامًا خاصًا، فعرضت "الغالبون" (2011) و"قيامة البنادق" (2013) و"ملح التراب" (2014) و"درب الياسمين" (2015) من إنتاج مركز بيروت الدولي (بطولات المقاومة ضدّ الاحتلال) وصولًا الى "بلاد العز" (2017) الذي وثّق حكاية الثوار في منطقة بعلبك - الهرمل.

"المنار" تُكرّم مقاومة "اسرائيل" دراميًا، فيما تُركزّ المحطات المحلية الأخرى على مُجابهة العثمانيين والفرنسييين
لا لَبس اذًا في أن "المنار" تُكرّم مقاومة "اسرائيل" دراميًا، فيما تُركزّ المحطات المحلية الأخرى على مُجابهة العثمانيين والفرنسييين. هنا يُسأل: الى متى هذا التهميش؟ أليست المقاومة ورفض الذلّ والظلم والهوان لغة الأحرار حول العالم؟ ألم تغزُ أوروبا أفلامٌ تحكي مجابهة النازيين في فرنسا وإيطاليا وعموم القارة العجوز؟ ألم تُخصّص السينما المصرية أفلامًا لسرد سيرة حياة مُقاوَمة الجزائرية جميلة بو حيرد للاحتلال الفرنسي؟ ألم تُخصّص السينما العربية أفلامًا عن تصدّي الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر للعدوان الثلاثي (الاسرائيلي والبريطاني والفرنسي) على بلاده عام 1956؟ اذًا لماذا تغييب المقاومة عن الشاشات اللبنانية؟

برأي الكاتب والناقد والمسرحي اللبناني عبيدو باشا المسألة تعود الى اعتباريْن، الأول الانقسام الشعبي الحاصل في البلد، في ظلّ وجود من لا يؤيّد المقاومة، والثاني مرتبط بالأوضاع في العالم العربي والحاجة الى ظروف وطواقم إنتاجية كبيرة وأموال من الخارج الذي يشترط أن تُستثنى المُقاومة من أيّ عمل فني.

يسأل باشا الذي يتحدّث لموقع "العهد" الإخباري: "هل يُريدون تناول علاقات الحب والخيانة فقط؟ ثمّ يستدرك ويقول "هناك قلّة إدراك ووعي لما حقّقته المقاومة في لبنان من انتصارات وإنجازات ضدّ "اسرائيل".

لم تُقدّم أعمالٌ تليق بالمقاومة خاصة أنها أول حركة نضالية تُجبر "اسرائيل" على الخروج من أرضٍ عربية
ويُشير الى أنه حتى الآن "لم تُقدّم أعمالٌ تليق بالمقاومة خاصة أنها أول حركة نضالية تُجبر "اسرائيل" على الخروج من أرضٍ عربية والتراجع ووقف اعتداءاتها المستمرة"، ويُحمّل الجميع مسؤولية هذا التقصير، غير أنه يرى أنه "من الأفضل ألّا يُبادر المتملّقون والانتهازيون في القطاع الفني والتمثيلي الى التبجّح لتقديم دراما خاصة بالمقاومة فيما حقيقتهم تناقض ذلك".

يقول باشا "هذا الإغفال لا يؤثّر على المقاومة فهي مستمرة وضرورة لنا"، وينصح من يودّ فعلًا إنصاف المقاومة بأن يكون أكثر انفتاحًا، وأن يُوّسّع قاعدة مهامه لتشمل أسماء جديدة على صعيد فريق العمل بدءًا بالممثلين غير المكرّرين، مرورًا بالموسيقى وأدواتها بما يخدم الرسالة، وصولًا الى تنويع القضايا المطروحة تحت عنوان مواجهة المحتلّ، لتتجاوز مسألة مجابهة العثماني والفرنسي.

ولأنّ الإنتاجات الفنية تقوم على قاعدة البيع والشراء والأرباح، يُقرّ باشا بأن أيّ مُنتجٍ فني لن يكون مدعاة ترحيب وسرور على المحطات اللبانية عامة والعربية خاصة، ولهذا يعتبر أننا بحاجة الى قراءة عميقة لكلّ ما أنجزته المقاومة وطنيًا وعسكريًا وتقديم مقاربات فنية وثقافية خاصة بها".

"قليلٌ من الصبر والمواضيع جايي على الطريق"، هكذا "يعزّي" باشا من يعتبون على الدراما اللبنانية لتقاعسها عن تحمّل مسؤوليتها إزاء المقاومة في الثمانينيات وحتى 2006 والى اليوم.

الدراماالفنون

إقرأ المزيد في: #صيف_الانتصارات

خبر عاجل