مقالات مختارة
الـ AUB تستضيف شركات ممولة للاحتـلال
زينة حداد- صحيفة "الأخبار"
معرض التوظيف السنوي (Career Fair 2025) في الجامعة الأميركية في بيروت (بين 7 نيسان الجاري و11 منه)، والذي يُفترض أن يكون منصةً لتعزيز فرص الطلاب في الالتحاق بسوق العمل وممارسة المعرفة التي يتلقونها في الجامعة، تحوّل هذا العام ساحة للنقاش الأخلاقي.
فقد أثارت استضافة شركات متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان، أو داعمة للعدو الإسرائيلي، أو مستفيدة من نظام الكفالة الاستغلالي، غضباً واسعاً بين الطلاب والأكاديميين وحملة المقاطعة في لبنان.
في 7 نيسان، عندما كان طلاب الجامعات في العالم يطالبون بإضراب عالمي تضامناً مع غزة ولوقف الإبادة، افتتحت الجامعة الأميركية في بيروت معرض التوظيف السنوي برعاية السفير الأسترالي (مع كل ما تمثله دولته من إرث استعمار استيطاني وإبادة جماعية منذ عام 1606، ودعم عسكري للكيان الصهيوني، و37 شركة مدرجة في بورصة أستراليا تعمل في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية).
ولا يمكن فصل أزمة معرض التوظيف عن الأزمة البنيوية لهذا الصرح في ظل الرأسمالية الاستعمارية، حيث تتحول الجامعة التي تُعرّف ذاتها بالتزامها بمعايير العدالة الاجتماعية والإنسانية، أداة أيديولوجية لإعادة إنتاج النظام الاستعماري والاستغلالي، وجسراً لتمرير سياسات القمع والاستغلال، عبر استضافة شركات مطبّعة واستغلالية، إلى جانب شركات محلية وأخرى عربية رائدة تستحق الدعم.
«ديلويت»
شاركت في المعرض شركة «ديلويت» (Deloitte)، وهي واحدة من أكبر أربع شركات محاسبة واستشارات في العالم، ولها فرع نشط في إسرائيل، وتقدّم خدمات التدقيق والاستشارات الضريبية والأمن السيبراني لعدد من الشركات الإسرائيلية، بما فيها شركات تعمل في المستوطنات غير الشرعية. ولعل الأخطر هو تعاون «ديلويت» مع شركات الدفاع الإسرائيلية مثل مجموعة NSO المطورة لبرنامج «بيغاسوس» التجسسي الذي استخدم ضد الصحافيين والنشطاء الفلسطينيين.
فيما تروج الجامعة لخطاب العدالة في قاعات التدريس تُخضع فرص الطلاب المستقبلية لشروط أرباب العمل الذين يموّلون الاحتلال وتحولها إدارتها «وكالة توظيف» تعيد إنتاج العنف والعنصرية
كما تقدم خدمات استشارية للجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع الإسرائيلية، بما في ذلك المشتريات الدفاعية والبنية التحتية للاستخبارات. ويجعلها تعاونها مع شركة «إلبيت سيستمز»، أكبر مصنّع أسلحة إسرائيلي، شريكة في توفير الطائرات المسيّرة وأنظمة المراقبة المستخدمة ضد الفلسطينيين. علماً أن أرباح الفرع الإسرائيلي لـ«ديلويت» تدعم بشكل غير مباشر شبكتها العالمية، بما في ذلك فروعها في الشرق الأوسط.
تعمل الشركة مع شركات التكنولوجيا الإسرائيلية المتخصصة في الإعلانات المراقبة، بما في ذلك تتبع نشاط الفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي. كما تتعاون مع شركة «ويكس» الإسرائيلية لبناء المواقع الإلكترونية، و«موبايل آي» (المملوكة لـ«إنتل») التي تسوّق تقنيات المركبات الذاتية القيادة المستخدمة في المستوطنات. الأكثر إثارة للقلق هو دور «غروب أم» في إدارة الحملات الإعلانية على فايسبوك لحظر المحتوى المؤيد لفلسطين. كما تروّج الشركة للسياحة في الأراضي المحتلة عبر التعاون مع الهيئات السياحية الإسرائيلية.
وتشتهر بكونها الموزّع الحصري لمنتجات شركة «بيبسي كو» في لبنان وسوريا والعراق إضافة إلى أسواق أخرى في الشرق الأوسط. تكمن المشكلة في أن «بيبسي كو» نفسها تعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يجعلها طرفاً في دعم الاقتصاد الاستيطاني غير الشرعي.
كذلك توزّع «ترانس ميد» منتجات شركة «نستله» التي تدير مصنعاً في مستوطنة «سديروت» الإسرائيلية، إضافة إلى نشاطات شركة «نستله ووترز» في الضفة الغربية المحتلة.
كما إن «ترانس ميد» موزع لمنتجات «لوريال» التي تمتلك المصنع الوحيد في الشرق الأوسط في مجدال هعيمق، المقامة فوق أنقاض قرية المجيدل الفلسطينية. بهذه الصلات المتعددة، تصبح «ترانس ميد» جزءاً من شبكة اقتصادية تدعم الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر.
«ألفا سايتس»
«ألفا سايتس» (AlphaSights) منصة عالمية لتبادل المعرفة تقدم خدماتها من مكتبها في تل أبيب، وتقدم الاستشارات لصناديق الاستثمار التي تدعم أعمال المستوطنات في الضفة الغربية. عبر دمج الخبراء الإسرائيليين في الأسواق العالمية، تسهم الشركة في تطبيع الاقتصاد الإسرائيلي رغم الاحتلال.
«مايدز.سي سي» الإماراتية»
تمثل شركة «مايدز.سي سي» (Maids.cc) الإماراتية نموذجاً صارخاً لاستغلال العاملات المهاجرات عبر نظام الكفالة. إذ تتعامل مع العاملات في المنازل كسلع قابلة للاستبدال، فتحتفظ بوثائقهم الرسمية وتضمن «انعدام المسؤولية القانونية» لأصحاب العمل.
وتُعرف الشركة بسياساتها التمييزية، إذ تحدد رواتب العمال بناءً على عرقهم وجنسيتهم (بدل العاملة الإفريقية مختلف عن الفيليبينية كما هو موضح على موقعها الإلكتروني). ومع ذلك، تقدم الشركة نفسها في الجامعات كمشروع ريادي يستحق الاستضافة وتوظيف الطلبة ضمن منطق الاستغلال والعنصرية نفسه.
معرض التوظيف هذا ليس مجرد منصة لتوظيف الطلاب، بل هو آلية لإعادة إنتاج علاقات القوة: تبيع الجامعة نفسها وتفتح أبوابها لشركات تمارس الاستعمار الاستيطاني والإبادة الجماعية أو استغلال العمالة المهاجرة والعنصرية، وتقدم وظائف وسيرة نجاح معمدة بدماء الفلسطينيين والعمال المهاجرين.
هذا التناقض ليس بريئاً، بل يعكس وظيفة الجامعة المزدوجة في الرأسمالية المتوحشة: ففيما تروج لخطاب العدالة في قاعات التدريس، تُخضع فرص الطلاب المستقبلية لشروط أرباب العمل الذين يموّلون الاحتلال ويُحكمون قبضة نظام الكفالة.
في هذا السياق، تصبح مقاطعة هذه الشركات أكثر من موقف أخلاقي، بل مقاومة ضد تحويل الجامعة إلى «وكالة توظيف» تعيد إنتاج العنف والعنصرية.
إذا كانت الجامعات، كما كتب إدوارد سعيد، ينبغي أن تكون «ملاذاً للتفكير النقدي»، كيف تقبل الجامعة الأميركية في بيروت أن تتحول إلى «ورشات لإنتاج المعرفة الاستعمارية» كما يقول فريد موتين، ووسيط لتوظيف طلابها في شركات مدانة؟ السؤال ليس عن «فرص وظيفية» فحسب، بل عن أي نوع من المستقبل تريد الجامعة أن تبنيه: مستقبل يُكرس الاستغلال، أم مستقبل يُحرر المعرفة من أغلال السلطة والربح؟
الجامعة الاميركية في بيروتالكيان المؤقت
إقرأ المزيد في: مقالات مختارة
12/04/2025
الـ AUB تستضيف شركات ممولة للاحتـلال
09/04/2025
«القوات» والسلطة: العلاقة المستحيلة!
التغطية الإخبارية
3 شهداء في قصف صهيوني استهدف منزلًا بمنطقة الضابطة الجمركية شرق مدينة خان يونس
لبنان| ناصر الدين يشجب الاعتداء على صيدليات: أمن المرافق الصحية أولوية قصوى
لبنان| الطيران الحربي الصهيوني يخترق الأجواء فوق صور وبنت جبيل
إعلان حال الطوارئ في كيتو وسبع مقاطعات بسبب أعمال العنف في الإكوادور
لبنان| قبيسي: لن نرضخ لأي ابتزاز وتهويل للتخلي عن ثوابتنا وثقافتنا
مقالات مرتبطة

وزير الثقافة: على الجامعة الأميركية سحب الدكتوراه الفخرية من رئيسة جامعة كولومبيا

بالصور: تظاهرة من داخل حرم الجامعة الأميركية في بيروت نُصرةً لغزة

أساتذة الجامعة الأميركية في بيروت: الدعم الأميركي للعدو مساهمة في إبادة غزّة

فضائح فساد الجامعات الأميركية في بيروت والقاهرة: كيف ينفقون الأموال؟

ماذا يجري في مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت؟

باراك: انهيار وشيك لـ"إسرائيل" بسبب نتنياهو وهو يقودها نحو الهاوية

الكيان فشل في تحقيق أهداف عدوانه على غزة

الأورومتوسطي: وحشية "إسرائيل" تُجسّد بفظاعتها السلوك الإرهابي

الخروقات "الإسرائيلية" مستمرة.. قصف مدفعي وفوسفوري يستهدف عدة بلدات جنوبًا
