مقالات مختارة
عن محوّر الشرّ ووهن حجة الدفاع عن النفس
القاضي محمد وسام المرتضى- صحيفة "الجمهورية"
إنّ أعلى درجات النفاق والكذب وتزوير الحقائق وتشويه القواعد القانونية قائمة عند هؤلاء الذين يُغطّون اسرائيل ويدعمونها ويمنعون فرض وقف إطلاق النار، فيشاركونها من خلال ذلك في المجازر التي ترتكبها ضدّ الأطفال والمدنيين الأبرياء وضدّ المساجد والكنائس والإعلاميين والأطباء في غزّة. إسرائيل وداعموها - ومنهم وزير خارجية الولايات المتحدة الذي يتصرّف بحسب أقواله كـ»يهودي» لا كوزير خارجية دولة كبرى- وسائر من يدعم استمرار إسرائيل في مجازرها، ويحول دون وقفها لحرب الإبادة ضدّ غزّة، ومنهم فرنسا والمانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي و»المتخاذلون» والصهاينة والمتصهينون، - وكلّهم يشكّلون وبكلّ ما للكلمة من معنى من حيث لا يدرون او يدرون «محور شرّ واحتلال ومحرقة وإبادة»- يتذرّعون بأنّ لإسرائيل الحقّ في الدفاع عن النفس، وانّ فرض وقف إطلاق النار من شأنه حرمانها من هذا الحقّ.
انّ حالة الدفاع المشروع عن النفس المبرّرة قانوناً، تستلزم لتحقّقها، من جملة ما تستلزم، الّا يكون الخطر المتحجّج به مستثاراً من قِبل المتذرّع بالدفاع المشروع- اي الاّ تكون اسرائيل هي من خلقت الأوضاع والأحداث التي تشكو من ردّات الفعل عليها- وان يكون الدفاع منصبّاً على الجهة الصادر عنها الخطر لا على غيرها، وان يكون متناسباً مع الفعل الخطر.
هذه الشروط الثلاثة غير متوافرة على الإطلاق. فالشرط الاوّل منعدم لأنّ الإحتلال باحتلاله واغتصابه للأرض وقمعه وممارساته اللاإنسانية واعتدائه على المقدّسات وضربه عرض الحائط كل القيم والمواثيق، هو الذي ولّد الغعل واستثاره، بل وبرّره وفرض على من احتُلّت أرضه وعانى من الاضطهاد ان يقاوم بشتّى الوسائل؛ والشرط الثاني بدوره غير متحقّق، إذ ما علاقة الأطفال والنسوة والمدنيين والمساكن والمشافي ودور العبادة والأطباء والاعلاميين بما قامت به المقاومة الفلسطينية في 7 تشرين الاول، حتى تصبّ إسرائيل حممها وجام حقدها عليهم؛ كما أنّه وعلى فرض انّ فعل المقاومة غير مشروع وغير مبّرر - وهو مشروع ومبرّر - يبقى انّ كل عاقل وصاحب ضمير يرى بأمّ العين انعدام الشرط الثالث، أي التناسب بين الفعل الذي حصل في 7 تشرين الاول وبين المجازر الإسرائيلية التي تتمادى إسرائيل وداعموها في ارتكابها على مدار الساعة بحجّة الدفاع عن النفس،
اسرائيل والصهيونية وسائر «محور الشرّ والاحتلال والمحرقة والإبادة» وحوش داسوا كل ما هو إنساني في هذا العالم، وأدخلونا جميعاً في ظلمات شريعة الغاب. وعلى شعوب الأنظّمة الداعمة لإسرائيل - وهي الشعوب التي نتطلّع الى أحسن العلاقات معها - ان تتمعّن جيّداً في المنحى الذي تتجّه اليه الاوضاع في هذا العالم بفعل سياسات هؤلاء الحكّام ودعمهم المطلق للصهيونية وأطماعها، وللهمجية الاسرائيلية ودوسهم القيم والمواثيق والأخلاق، وان ترفع صوتها في وجههم، وان تفرض عليهم فرضاً وقف اطلاق النار، والاّ فإن هؤلاء سوف يجرّون بأفعالهم وخططهم الجهنمية المنطقة بل الدنيا بأسرها الى ما لا تُحمد عقباه.