معركة أولي البأس

مقالات مختارة

ما هي الأسس الأربعة للردع الإسرائيلي التي تنهار تباعا؟ 
03/08/2023

ما هي الأسس الأربعة للردع الإسرائيلي التي تنهار تباعا؟ 

عبد الباري عطوان - صحيفة رأي اليوم الالكترونية 

جاء الرد عمليا وسريعا، ومن كتائب المقاومة في الداخل على اجتماع العلمين الفاشل للامناء العامين للفصائل الذي انعقد بدعوة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتغطية تواطؤ السلطة مع دولة الاحتلال بعد مجزرة جنين، وقيام قوات أمنها بإقتحام المخيم، واعتقال العديد من مقاتليه في إطار صفقة مع حكومة نتنياهو العنصرية وأجهزتها الأمنية بما يجعل منها القوة البديلة لنظيرتها الإسرائيلية لتجنيب الأخيرة تكرار هزائمها وفشلها في السيطرة وتقليص خسائرها البشرية والمعنوية في حربها مع المقاومة.

الرد الذي نتحدث عنه جاء في تنفيذ عمليتين عسكريتين، الأولى كانت يوم امس عندما اقتحم الشاب الشهيد محمد سليمان المزارعة (20 عاما) مستوطنة معاليه ادوميم شرق القدس المحتلة، واطلق النار من بندقيته الرشاشة “ام 15” على مستوطنيها، فأصاب 6 منهم إصابة اثنين خطيرة جدا.

اما العملية الثانية فوقعت اليوم الأربعاء عندما أطلقت خلية فدائية النار على حافلة للمستوطنين اليهود في منطقة الاغوار، وأصابت أحدهم حسب البيان الرسمي الإسرائيلي، ولكن من غير المستبعد حصول خسائر أخرى بالنظر الى كثافة النيران، وأعلنت حركة “حماس” بشكل غير مباشر مسؤوليتها عنن تنفيذ العمليتين، ووصفها منفذيها بـ”الابطال”، وهناك مؤشرات شبه مؤكدة بأن عمليات عسكرية مماثلة في الطريق.

إجتماع الأمناء العامين في مصيف العلمين، الذي قاطعته ثلاثة فصائل أبرزها حركة الجهاد الإسلامي جاء من اجل التهدئة، والبحث عن هدنة دائمة مع الاحتلال مقابل إعادة تشغيل حقل “مارين” للغاز في مياه بحر غزة، وتوزيع عوائده بين السلطة ودولة الاحتلال وحركة “حماس” وبضمانات مصرية وتركية، اما تصعيد العمليات الفدائية في الضفة الغربية فجاء من قبل كتائب مقاومة من الشباب لا يرتبط معظمها بأي من التنظيمات المشاركة في الاجتماع السياحي المذكور.

استخدام بنادق رشاشة في هذه الهجمات الجريئة، والمدروسة بعناية ضد المستوطنين، أكثر ما يقلق المؤسستين الأمنية والعسكرية في دولة الاحتلال، بسبب حالتي القلق والرعب الناجمتين عن هذا الاستخدام، وانعكاساتها على المجتمع الإسرائيلي في ظل ازماته والانقسامات الداخلية التي يعيشها حاليا، وإعلان آلاف الأطباء، والكبار منهم خاصة، الرغبة بالمغادرة الى اماكن آمنة في الخارج، وعلى رأسها أمريكا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، واستعدادهم للقبول برواتب متدنية سعيا للأمان لهم ولأطفالهم، ايمانا بأن نهاية “إسرائيل باتت وشيكة.

الردع الإسرائيلي يقوم على أربعة أسس رئيسية جميعها تعيش حاليا حالة من الضعف والتآكل:

الأول: قوة الجيش وتفوقه في محيطه، واللافت ان هذه القوة، والجوية المتفوقة خصوصا، باتت متراجعة امام سلاح الصواريخ والمسيّرات التي يملكها الطرف الآخر المواجه، أي محور المقاومة.

الثاني: التحالف مع أمريكا وأوروبا، هذا التحالف يعيش حاليا أسوأ أيامه، فإدارة بايدن في حالة تصادمية مع حكومة اليمين الحاكمة في تل ابيب، وترفض التعاطي مع بنيامين نتنياهو، وفوق هذا وذاك غارقة ومعها أوروبا، في المستنقع الدموي الاوكراني النازف ماليا وعسكريا حتى اذنيها.

الثالث: الاقتصاد القوي الذي جعل من “إسرائيل” “مغناطيس” جذب للمهاجرين، وعنصر بقاء واسترخاء للمستوطنين في فلسطين المحتلة، وهذا الاقتصاد بدأ في الانهيار لانعدام تدريجي للأمن والاستقرار، فالعملة الإسرائيلية “الشيكل” في تراجع سريع، وكذلك الأسواق المالية (البورصة) نتيجة هروب رؤوس الأموال وشركات التكنولوجيا والاستثمارات الخارجية.

الرابع: الوحدة الداخلية، ولعل الانقسام الرأسي الذي تعيشه دولة الاحتلال حاليا، وظهور الفوارق العنصرية الضخمة، وظهور الفوارق العنصرية الضخمة بين اليهود الشرقيين ونظرائهم الغربيين (الذين لعبوا دورا كبيرا في تأسيس الحركة الصهيونية وقيام الدولة العبرية اغتصابا لارض فلسطين)، أحد عوامل ضعف وانهيار هذه الوحدة التي راهن عليها حكماء صهيون.

عندما تقول لجنة الخارجية والأمن في الجيش الإسرائيلي في تقريرها، ان دولة الاحتلال تواجه تهديدين خطيرين، الأول العمليات الفدائية الفلسطينية الداخلية، والتحرشات المتزايدة من قبل مقاتلي المقاومة الاسلامية في لبنان، وبما يذكّر بأوضاع وتوترات مماثلة سادت قبل حرب تموز عام 2006، وتزايد احتمالات خطف جنود إسرائيليين، سواء بإقتحام كتائب “الرضوان” للجليل او بدونه، فإن هذا التقرير يعني ان احتمالات الحرب باتت اكبر بكثير من احتمالات استمرار الهدوء الهش الراهن.

المشكلة الكبرى تكمن في القيادة الفلسطينية الرسمية (السلطة) المتواطئة وفاقدة الشعبية، او “غير الرسمية” وتتمثل في فصائل مقاومة بعضها له حضور على الأرض، والبعض الآخر وهمي، وينطبق عليها المثل الذي يقول “العدد في الليمون”، باعتباره كان الأرخص بين كل المنتوجات الأخرى في فلسطين.

مثلما سرعت بإطاحة “الرصاصة الأولى” والعمل الفدائي بقيادة منظمة التحرير وقيادتها للشعب الفلسطيني في فترة منتصف الستينات، بسبب رهانها على الأنظمة العربية، ستطيح كتائب المقاومة في الضفة، ابتداء من كتائب شهداء الأقصى والقسام، وسرايا القدس، وعرين الأسود بالقيادة السلطوية الحالية، واجتثاثها من جذورها، وانهاء دورها المتواطئ والحامي للاحتلال ومستوطنيه.. والأيام بيننا.

إقرأ المزيد في: مقالات مختارة