معركة أولي البأس

مقالات مختارة

إيران والعراق: استمرار الترابط وارتقاؤه
20/12/2022

إيران والعراق: استمرار الترابط وارتقاؤه

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان - صحيفة "الأخبار"


مع استلام "الحكومة المنحازة للشعب" التي شكلها آية الله رئيسي لزمام الأمور، رسمت مرتكزات السياسة الخارجية المتوازنة، الدبلوماسية الخلاقة، التعامل الحكيم وتطوير العلاقات مع المنطقة ودول الجوار... و تصدر جدول اعمالها تعزيز الإنفتاح على كل دول العالم، مع حفظ اولوية "العين على آسيا" و"منطقة الجوار".

استنادا الى الأصول البنيوية لسياستنا الخارجية، لدينا اعتقاد راسخ بأن دول الجوار وآسيا لديها القابلية والقدرة اللازمتان لمواجهة التحديات وحل المشكلات عن طريق الجهود والمبادرات الإقليمية، بعيدا عن تدخلات الآخرين. لا يمكن التوصل الى سلام وأمن اقليميين راسخين الا من خلال الحوار البيني في المنطقة، اشاعة اجواء الثقة المتبادلة، تعزيز التبادل وحسن الجوار والتناغم على مستوى الإقليم. في المقلب الآخر، نرى ان تواجد القوى الخارجية وحضور الكيان الصهيوني العنصري المصطنع في المنطقة، قد اديا الى دوامة من المشكلات والتحديات التي تواجهنا.

لقد كان القضاء على فتنة داعش احد التجليات الباهرة للتعاون بين ايران والعراق. وعلى هذا الدرب امتزجت دماء الشهداء الايرانيين والعراقيين، لا سيما قادة المقاومة، الشهيدان السعيدان الحاج قاسم سليماني وابو مهدي المهندس. لقد ادى هذا التعاون الصادق بين البلدين وسائر دول الجوار، ارادة الحكومة العراقية، دعم المرجعية السامية واتحاد النسيج المجتمعي وكافة الأطياف العراقية، الى افشال هذه المؤامرة المدمرة.

هناك الكثير من القواسم المشتركة بين ايران والعراق على المستويات الدينية، الثقافية والتاريخية. من هنا، فمن البديهي انه في ظل اعتماد سياسة حسن الجوار، ان يكون العراق من الأولويات الهامة للسياسة الخارجية الايرانية. لقد كانت الجمهورية الاسلامية الايرانية من اولى الدول التي اعترفت بالحكم الجديد في العراق، ودافعت بشكل جدي عن استقلاله، استقراره، سلامه، سيادته واعتلاء مكانته الإقليمية والدولية. تعتبر طهران ان امن العراق وسلامه واستقراره هو من امن الجمهورية الاسلامية الايرانية والمنطقة برمتها، وتشدد على ضرورة تطوير التعاون الشامل والمستدام في المجالات السياسية، الأمنية، الإقتصادية والثقافية، من خلال اخذ مصلحة الشعبين والبلدين ودول المنطقة في الإعتبار.

لقد بلغت العلاقات الرسمية بين البلدين مرحلة ممتازة، انطلاقا من الإرادة السياسية الجدية والقواسم المشتركة المتاحة، حيث ان التشاور والتعاون بين الجانبين مستمران على مختلف المستويات بغية تعزيز هذه الروابط وتكريسها. خلال الزيارة التي قام مؤخرا رئيس الوزراء العراقي السيد السوداني الى ايران، تم التباحث بشأن فتح آفاق جديدة امام التعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي، والتأكيد على ضرورة مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات ومواجهة الجريمة المنظمة، حيث تم التوافق بشأن الآليات التي يمكن من خلالها الحيلولة دون تواجد الإرهابيين في المناطق الحدودية بين البلدين. كذلك تم التطرق الى الصورة الإجمالية لصادرات الغاز والكهرباء والطاقة، والتباحث بشأن التعاون الثنائي في الميادين المشتركة للنفط والغاز.

لكل من الجمهورية الاسلامية الايرانية والعراق موقع استراتيجي هام. الموقع الجيوبوليتكي والجيواقتصادي الممتاز لكلا البلدين في مجالي الطاقة والترانزيت ووجود ممرات النقل والمواصلات البرية والبحرية، يساهمان في تحقيق الإزدهار الإقتصادي للدولتين. ان خطة تحفيز التبادل التجاري بين ايران والعراق الرامية الى رفع مستوى التجارة البينية الى ٢٠ مليار دولار خلال السنة المقبلة، تدل على العزم الراسخ للنخب السياسية والإقتصادية للبلدين على شق هذا الطريق. وقد شهدت الصادرات الايرانية الى العراق، مقارنة بالسنوات السابقة، نموا بلغ ٢٠ في المئة.

تؤكد الجمهورية الاسلامية الايرانية ان "مؤتمر بغداد 2 " هو اجتماع اقليمي هام يساهم في ايجاد مناخات مواتية للتعاون والتعاطي بين دول المنطقة في ظل محورية العراق، آملة ان نشهد جميعا من خلال لقاءات كهذه، منطقة مزدهرة، نامية وحرة. الجمهورية الاسلامية الايرانية تدعم بشكل تام دور العراق في ارتقاء التقارب الإقليمي والحوار. نحن ننظر الى العراق كعامل استقرار ومركز لتلاقي المصالح المشتركة لدول المنطقة و مساهم في ايجاد السلام، التطوير والأمن.

ان حكومة سماحة السيد الدكتور رئيسي، مع استلهام ارشادات سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي (مد ظله العالي) اذ تولي عناية خاصة للعلاقات مع الدول المجاورة والمسلمة، تمد يد الصداقة و لأخوة الى بلدان المنطقة وشعوبها. وفي الوقت عينه تشد بحرارة على اي يد للصداقة تمتد نحو طهران. على امل ان نتحرك جميعا في الإتجاه الذي يؤدي الى رسم ملامح مستقبل مشرق ومفعم بالأمل للمنطقة، ونحو بناء علاقات ثنائية متينة وتناغم اقليمي بناء، ان شاء الله.

إقرأ المزيد في: مقالات مختارة

خبر عاجل