مقالات مختارة
التغيير آتٍ... في السعودية
حسام عبد الكريم
قرار الرئيس جو بايدن برفع السرّية وإعلان تقرير خلاصة استنتاجات المخابرات الأميركية بشأن جريمة خاشقجي يعني شيئاً واحداً : قرار أميركي نهائي وعلى أعلى مستوى بالتخلّي عن وليّ العهد محمد بن سلمان. أي أن أميركا تطلب الآن من الملك سلمان والعائلة الحاكمة في السعودية، بشكل علني ويكاد يكون شبه رسمي، استبدال وليّ العهد بشخصية أخرى.
إعلان التقرير بهذا الشكل المدوّي يعني أن خيار «الابتزاز» لم يعُد وارداً. كان هناك بعض التكهّنات بأن براغماتيّة بايدن وتاريخه الطويل في دوائر صنع القرار في واشنطن قد تدفعه إلى خيار الإبقاء على الأمير الشاب، المضروب والجريح، مع ابتزازه لتقديم المزيد من التنازلات ــ سياسياً في الشرق الأوسط واقتصادياً في موضوع النفط ــ لواشنطن باستعمال ملفّ خاشقجي كسيف مصلت فوق رأسه. ولو فعل بايدن ذلك لربما وجد تجاوباً وطاعة بشكل أكبر مما توقع. ولكن بايدن أسقط خيار «الابتزاز» من يده وقرر الحسم: لا مكان لابن سلمان في مستقبل العلاقة الأميركية مع السعودية.
بعد اليوم لا يمكن تصوّر أي نوع من العلاقة أو التواصل ما بين الإدارة الأميركية والأمير بن سلمان. فالإعلان الأميركي للعالم كلّه أن وليّ العهد هو مجرم وغير متحضّر يقضي على أية فرصة للحوار معه. فهل يجوز الكلام مع المجرمين والقتلة؟! الأمر الآن وصل إلى حدّ «كسر العظم» ولا مجال للحلول الوسط. والتغيير المطلوب أميركياً في هرميّة الحكم السعودي لا بدّ أن يكون سريعاً ولا يحتمل التأجيل كثيراً، نظراً لعمر الملك وحالته الصحية. فلو أن مكروهاً حصل للملك سلمان وصعد وليّ العهد للعرش فسيتعقّد الموقف كثيراً، لأن تغيير ملكٍ حاكم أصعب بكثير من وليّ عهد شاب.
ولكن ما الذي يمكن للأمير بن سلمان أن يفعله؟ هل يستسلم بكل بساطة؟ الأرجح أنه سيقاتل ويدافع عن نفسه ومستقبله. والأمل الوحيد المتبقي له هو أوساط الحزب الجمهوري وجماعة ترامب واللوبي الصهيوني في واشنطن الذين من المتوقّع أن يجد منهم الدعم والمساعدة. ولكن المشكلة أمامه كبيرة جداً ولن يتمكّن من تجاوزها لأن الرئيس ذاته طرفٌ بها. وإدارة بايدن في أيامها الأولى وما زال أمامها أربع سنوات كاملة في الحكم ولا يمكن لوليّ العهد أن يصمد في وجهها كل هذه المدة مهما تلقى من عون من أطرافٍ في الكونغرس أو الأيباك. بل ربما يتوصل هؤلاء ذاتهم إلى قناعة بأن بن سلمان مشروع خاسر ولا يستحقّ عناء المواجهة مع الإدارة من أجله، فيتخلّون عنه هم أيضاً.
قُضي الأمر، والتغيير في السعودية قادم لا محالة، وبسرعة.
إقرأ المزيد في: مقالات مختارة
20/11/2024
في بيتنا من يتبنّى فهم العدو للقرار 1701!
19/11/2024
محمد عفيف القامة الشامخة في الساحة الإعلامية
19/11/2024
شهادة رجل شجاع
13/11/2024
في أربعين السيّد هاشم صفي الدين
07/11/2024