نصر من الله

هاشتاغ

السيّد والناس.. عن أمسية
19/03/2021

السيّد والناس.. عن أمسية "بتكبّر القلب"‎

ليلى عماشا
في كلّ مرة خاطب فيها السيد النّاس، حاضرًا بينهم أو عبر الشاشة، اتسعت لحضوره قلوبهم لتصير مدىً مفعمًا بالولاء وبالحبّ. تختلف المناسبات، تختلف نبرة الحديث، تتنوّع فحواه وتتفرّع، لكن يبقى وقع حديثه في القلوب ذا طابع لا يُقارن، لنقل ذا طابع "بيكبّر القلب".

ليل أمس، وبمناسبة يوم الجريح، أطلّ السيّد في خطاب ينتظره الجميع.. والجميع تعني حرفيًا كلّ العالم.. الأصدقاء والأعداء على حدّ سواء، وحتمًا العشّاق الذين يقتفون اثر صوته كي يرتّبوا نبضهم طلقاتٍ تُذخّر في مخازن الولاية والولاء. أطلّ العزيز على أشرف النّاس، ليستحيل المساء حلقات تعبير عن الحب الأنقى، عن الثقة الأعلى، وعن الولاء التام. أمكن لكلّ من مرّ في شوارع الضاحية أثناء الخطاب أن يسمع بوضوح كلمات الأمين آتية من كلّ البيوت، ومعها أمكن سماع نبض المتعبين يهتف "لبّيك" مستقبلًا تحيّة السيّد ومردّدًا "مين أدّك لما تطل"، ويؤكد أن "سنخوض البحر معك" وينحني عند كفّه العقيق متمتمًا "بِعَيْنينا ما حدا أدّك".

من عين عاصفة الوباء المرّ، ومن قلب الأزمة المعيشية التي تطحن صدور المتعفّفين والتي شرّعت أبواب البيوت "المستورة" على الحاجة لأبسط مقوّمات العيش، وفي مرحلة سياسية اختلط فيها حابل الشعارات بنابل الظلم، من خلف كلمات "السياسيين" التي تستثمر في الأزمة كيدها وحقدها وتورّطها في صناعة الأزمة، أصغى المحبّون المتعبون الأوفياء إلى كلّ ما قاله السيّد.. ومَن رأى وجوههم أثناء حديثه ظنّ أن لم يكوِ قلوبهم فقر ولم يوجعهم ظلم "الشركاء" بالوطن على مختلف المستويات. بيقين يلمع، كانوا يتحلقون حول غضبه الجميل، حول شعوره بهم، حول دعوته إلى التكافل كوسيلة مرحلية، حول وضعه كلّ التفاصيل في سياقها بدءًا من أسباب الأزمة الحالية والمتراكمة والمسؤوليات المترتبة للخروج منها بشكل واقعي خالٍ من الوعود السحرية، وصولًا إلى قطاع الطرق الذين يشكّلون خطرًا حقيقيًا على السلم الأهلي. تلك الـ"وصلت لهون" حلّت بردًا على عيون شاهدت كيفية تعاطي هذه العصابات المتسترة بغطاء "التحركات المطلبية" لجرّ البلاد إلى نفق الاقتتال.

كعادته، أعاد تحجيم الأطراف كلًّا بحسب دوره ومسؤوليته وصلاحياته وواجباته، ودعا، برحابة صدر وحكمة، إلى وجوب التصرّف رفعًا للضرّ عن الناس، كلّ الناس، مانحًا فرصة حقيقية لكلّ من يريد فعلًا أن يتحمّل مسؤوليته تجاه البلد بأن يقوم بما يلزم، وإلّا فالإجراءات الاحتياطية التي لم يفصّلها ستكون هي الحل الأخير. هنا، أعطى السيّد مجالًا حقيقيًا ليبذل كلّ صادق جهده في سبيل حلّ الأزمة، مطمئنًا الناس أن بحال لم يجتهد أحد فالبدائل موجودة. وقبل البدائل، توجّه الأب المحبّ إلى أبنائه الحزبيين طالبًا إليهم أن يتكافلوا قدر استطاعتهم مع محيطهم تخفيفًا للضغط المعيشي ولو قليلًا، وهو العارف أنّ أبناءه سبقوا الطلب إليهم بالمبادرة كلّ بحسب دائرته وقدرته. عند هذا التفصيل في الحديث، اتخذ المشهد بعدًا دامعًا لا سيّما حين شرح السيّد من هم الذين "بيقبضوا بالدولار" من داخل منظومة حزب الله، مؤكدًا أنهم يتشاركون وسيتشاركون هذه "الدولارات" مع المحتاجين من حولهم. هذه العبارة التي تحوّلت إلى خنجر من إساءات متكرّرة تُوجّه إلى أهل المقاومة بدت أكثر تجريحًا حين تحدّث عنها السيّد شارحًا الوضع المعيشي لأبناء الحزب، لا سيّما الغالبية التي لا تتقاضى رواتب أو مخصّصات مالية شهرية. ببساطة، تحدّث السيد بلسان الأب العطوف الذي يطلب إلى أبنائه الذين ارتاحوا مؤخرًا على الصعيد المالي أن يتقاسموا أجورهم مع الأبناء الأقل اقتدارًا في هذه المرحلة.

أنهى الأمين كلامه لنشهد على منصات التواصل موجات هائلة من الطمأنينة المرصعة بالعزّ، ومن الولاء المثقل بالعاطفة الثورية التي لن يتخذ أهلها "اللّيل جملًا". لم يلتفت أحدٌ لما صدر عن الحاقدين وعن المتضرّرين من صدق سيّد الوعد الصادق. كان فيض الحبّ يرفع أشرف الناس إلى علوّ شاهق من الطمأنينة والثقة فلا يعيرون انتباهًا لما تقوله الهوامش. بامتياز كانت ليلة أمس ليلة من يقين متجدّد، وكان أهل المقاومة والصبر كعادتهم يردّدون مقتطفات من حديث الغالي محاطة بعبارات ملؤها الحبّ، لتثبت هذه البيئة مرة جديدة، بكل ناسها وبكل تفاصيلها أنّها "بتكبّر القلب".

إقرأ المزيد في: هاشتاغ