فلسطين
بعد 27 عامًا على استشهاده.. فلسطين تستذكر الشقاقي
تأتي الذكرى السابعة والعشرون لاستشهاد المؤسس لحركة "الجهاد" الإسلامي الدكتور فتحي الشقاقي هذا العام حاملة في طياتها الكثير من معاني العز والفخر والقوة التي ما زالت تطارد المحتلين الصهاينة على أرض فلسطين في الضفة الغربية والقدس، محققة انتصارات أشعل فتيلها رجال سرايا القدس من كتيبتي جنين ونابلس، وأذلت العدو مكبدة إياه خسائر في الأرواح، فكانت أسماء الشهداء وعملياتهم النوعية علامات فارقة في سماء فلسطين الحبيبة.
تفاصيل الاغتيال
في 26 تشرين الأول/أكتوبر 1995، وصل الدكتور فتحي الشقاقي إلى ليبيا حاملاً جواز سفر ليبيًّا باسم "إبراهيم الشاويش"، من أجل مناقشة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين عند الحدود الليبية المصرية، مع الرئيس الليبي معمر القذافي.
ومن ليبيا رحل على متن سفينة إلى مالطا، باعتبارها محطة اضطرارية للسفر إلى دمشق (نظراً إلى الحصار الجوي المفروض على ليبيا).
وفي هذه المدينة اغتيل الشقاقي وهو عائد إلى فندقه، بعد أن أطلق عليه أحد عناصر "الموساد" رصاصتين في رأسه من جهة اليمين، لتخترقا الجانب الأيسر منه، وتابع القاتل إطلاق 3 رصاصات أخرى في مؤخرة رأسه.
بعد اتصالات مضنية، وصل جثمان الشقاقي إلى ليبيا، طرابلس، ليعبر الحدود العربية، ويستقر في دمشق، ويدفن جثمانه بعد 6 أيام من اغتياله في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك في دمشق، بحضور أكثر من 3 ملايين مشيّع، بينهم سوريون وحشد كبير من الشعب الفلسطيني والحركات الإسلامية، من كل فصائلها واتجاهاتها، في كل الوطن العربي، وسط الهتافات التي تتوعد بالانتقام، والزغاريد التي تبارك الاستشهاد.
وحينها توعدت حركة الجهاد الإسلامي بالانتقام للأب الروحي الشهيد فتحي الشقاقي، فنفَّذت عمليتين استشهاديتين قام بهما تلاميذ الشقاقي، لا تقل خسائر إحداهما عن 150 مستوطنًا بين قتيل وجريح.
من هو الشقاقي؟
فتحي إبراهيم عبد العزيز الشقاقي، من مواليد مخيم رفح عام 1951؛ أي أنه وُلِدَ بعد ثلاثة أعوام من احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين (عام 1948)، بحيث شردت عائلته من قرية زرنوقة بالقرب من يافا، وهُجّرت إلى قطاع غزة، لتستقر في مدينة رفح.
نشأ الشقاقي وسط عائلة متدينة فقيرة، وفقدَ أمه وهو في الخامسة عشرة من عمره. كان أكبر إخوته، درس في جامعة "بيرزيت" في الضفة الغربية، وتخرج من دائرة الرياضيات، وعمل لاحقًا في سلك التدريس في القدس المحتلة، في المدرسة النظامية، ثم عاد ودرس الطب في جامعة "الزقازيق" في مصر، وعاد إلى الأراضي المحتلة ليعمل طبيبًا في مستشفى المطلع في القدس المحتلة. وعمل، بعد ذلك، طبيبًا في قطاع غزة.
تأسيس حركة "الجهاد" الإسلامي
لم يكن الشقاقي بعيدًا عن السياسة منذ صغره. عام 1966، أي حينما كان في الخامسة عشرة من عمره، كان يميل إلى الفكر الناصري، ورفع شعار المقاومة ضد المحتل، ونادى بالوحدة الوطنية، ليبدأ بعد ذلك مسيرة تجمع بين المقاومة والفكر الإسلامي الجهادي.
فالشقاقي، الذي لم يبخل على فلسطين، أسَّس حركة "الجهاد" الإسلامي، أواخر سبعينيات القرن الماضي، مع عدد من رفاقه من طلبة الطب والهندسة والسياسة والعلوم، في أثناء وجودهم في مصر للدراسة الجامعية، وهم، بالإضافة إليه: رمضان شلح، عبد الله الشامي والدكتور عبد العزيز عودة، واضعين في ذلك اللَّبنة الأولى لتنظيم إسلامي جهادي وطني فلسطيني.
أراد الشقاقي، عبر تأسيسه الحركة، أن يكون حلقة من حلقات الكفاح الوطني الفلسطيني المسلح لعبد القادر الجزائري، والأفغاني، وعمر المختار، وعز الدين القسّام، الذي عشقه الشقاقي، حتى اتخذ من "عز الدين الفارس" اسمًا حركيًا له.
الشقاقي المثقف
اشتهر الشقاقي بثقافته ووفرة علمه وشمولية نظرته وكان عاشقًا للأدب والفلسفة، بل نَظَمَ الشعر أيضًا، ومن قصائده قصيدة "الاستشهاد. حكاية من باب العامود" المنشورة بالعدد الأول من مجلة المختار الإسلامي في تموز/يوليو 1979م.