فلسطين
"عتصيون" مقبرة الأسرى الفلسطينيين
تتشابه مراكز التوقيف الصهيونية في قهر الأسرى ومحاولة النيل من عزائمهم، ويستخدم الاحتلال فيها كل الوسائل من أجل التضييق على المعتقلين وكسر إرادتهم. لكن مركز توقيف "عتصيون" المقام على أراضي شمال الخليل ضمن تجمع مستوطنات "غوش عتصيون" التي تنهش أراضي المواطنين الفلسطينيين هناك، يُدرَج ضمن أسوأ مراكز التوقيف من حيث ظروف الاعتقال والقهر والإذلال.
ووفقًا لتجارب الأسرى، فإن مركز التوقيف يعد مقبرة لهم، ويزيد من رغبتهم بالحرية في كل دقيقة يمكثون فيها هناك، حيث يتعمّد السجان إذلالهم وقهرهم ويستخدم وسائل متعددة لذلك.
أسوأ مركز
وفي هذا السياق، يقول الأسير المحرر عامر سليمان من مدينة الخليل إنه مكث في هذا السجن ما يقارب الشهر خلال اعتقاله عام 2008، حيث كان ما زال تحت سيطرة قوات الاحتلال قبل أن ينتقل إلى إدارة السجون الصهيونية والمسماة بـ "الشاباص".
ويوضح الأسير أن السجن كان مكونًا من أربع غرف فقط، ولا توجد فيه دورات مياه ولا أسرّة، وكانت توجد فقط فرشات مغمورة بالرطوبة وأغطية قذرة كريهة الرائحة.
أما الجدران فكانت من إسمنت، وهناك ضوء واحد خافت جدا في كل غرفة، والباب الحديدي فيه فتحة صغيرة لإدخال الطعام، وعن ذلك فحدث ولا حرج.
ويضيف الأسير المحرر:الطعام كان رديئا، وهو عبارة عن قطعة خبز صغيرة لكل أسير ويتشارك مع ستة أسرى في علبة من اللبنة، ووجبة الغداء كانت عبارة عن أرز جاف كأنه مطهو منذ أيام ومعكرونة ذات رائحة كريهة، وقطعة من النقانق غير المطهوة.
أما ساحة الفورة فهي صغيرة جدًا بمساحة خمسة أمتار فقط، ودورة المياه قذرة ولا تصلح للاستهلاك البشري، بينما كانت تغلق الأبواب في الساعة السادسة مساء ولا تفتح إلا في الثامنة صباحًا مع العدد اليومي، وبالتالي يمنع الأسرى من دخول دورات المياه بعد السادسة، وإن اضطروا لذلك فهناك عبوات مياه بلاستيكية فارغة وبرميل في زاوية الغرفة لقضاء حاجتهم!
ويؤكد سليمان أن عددًا من الأسرى يصلون في الغرفة الواحدة التي لا تزيد مساحتها على 16 إلى 20 مترًا، وأحيانًا يضطرون للنوم بجانب بعضهم لدرجة أن ترتطم أرجل البعض برؤوس الآخرين.
ويمكث الأسير في مركز "عتصيون" من يوم إلى 60 يومًا في ظروف قاسية، ويتعرض خلال تلك الفترة لاستجواب المخابرات الصهيونية أو النقل للمحاكم، أو الانتظار للتحويل إما للتحقيق أو الاعتقال الإداري.
لا حياة في "عتصيون"
وعن فترة تسلّم إدارة سجون الاحتلال السجن، يصف الصحفي إبراهيم الرنتيسي من قرية رنتيس غرب رام الله الذي خاض تجربة الاعتقال فيه أنه "قذر" ويفتقر لأية شروط للحياة، ويقول إنه مكث فيه أربعة أيام فقط كانت تعادل أربع سنوات لشدة سوء ظروف الاعتقال وتعمد الاحتلال أن ينكل بالأسرى فيه.
ويوضح الرنتيسي أن السجن لا يختلف كثيرًا عن السنوات الماضية من حيث الوصف، فالغرف ما زالت من إسمنت، ضيقة للغاية، ومكدسة بالأسرى، والأسرّة فيه حديدية مع فرشات وأغطية قذرة ودون وجود أي وسائد.
ويقول الرنتيسي إن الطعام هناك سيئ، بينما الفورة محدودة ولا يوجد وقت منظم لها ما يساهم في زيادة الضغط النفسي على الأسير.
ويضيف: "معتقل عتصيون من أسوأ السجون التي رآها الأسرى وكانوا يتمنون دوما النقل منه لأي سجن آخر، وهو عبارة عن مركز توقيف واستدعاء لدى المخابرات، وأحيانًا يتم نقل الأسرى من شمال ووسط الضفة إليه كنوع من العقاب".
ويشير إلى أنه من المفترض ألا يمكث الأسير فيه أكثر من ثمانية أيام، لكن الاحتلال يبقي الأسرى فيه لأكثر من 20 يومًا، موضحًا أن الأسرى يتعرضون فيه للتفتيش المذل الكامل يوميًا كلما خرجوا من الغرف.
أما رحلة النقل للمحكمة أو المخابرات فتكون طويلة جدا ويعاني خلالها الأسير المقيد كثيرًا، ويصفها برحلة الموت من شدة قسوتها.
احتجاجات
قبل عدة أيام، أعرب الأسرى الموقوفون في السجن عن احتجاجهم على ظروف الاعتقال، لكن وسائل الاحتجاج تكاد تكون معدومة في هذا المعتقل.
مكتب إعلام الأسرى قال إن معتقلي "عتصيون" قاموا بالطَّرق على الأبواب وألقوا الأغطية والفرشات خارج المعتقل بسبب إحضار معلبات منتهية الصلاحية لهم.
ونقلت المصادر عن أحد الأسرى قوله إنه عانى من آلام شديدة في معدته بعد تناوله لأحد الأطعمة منتهية الصلاحية، وحين طلب التوجه لطبيب قال له السجانون "حين تموت سنحضر لك طبيبًا"!
الطعام الذي قُدّم للأسرى هناك خلال الأيام الماضية كان رديئًا لدرجة تقديم خضار متعفنة، ما أصاب بعضهم بحالات تسمم دون تقديم أي علاج لهم.
ويقبع في السجن حاليًا 24 أسيرًا ينتظرون مزاج الاحتلال في تقرير مصيرهم، بينما يتعرض الفتية المعتقلون حديثًا فيه للضرب والاعتداء الوحشي في محاولة لترهيبهم في بداية تجربة الاعتقال.