فلسطين
مجزرة عائلة أبو ملحوس.. هل تحيي ضمير المجتمع الدولي؟
غزة - العهد
تحاول سلطات الاحتلال الاسرائيلي تحسين صورتها المشوهة من خلال الإعلان عن فتح تحقيق في استشهاد ثمانية فلسطينيين من عائلة واحدة في العدوان الأخير على قطاع غزة.
وكانت طائرات حربية إسرائيلية شنت فجر الخميس الماضي غارة جوية على منزل يعود لعائلة أبو ملحوس في دير البلح وسط القطاع خلفت ثمانية شهداء و12 مصابا من نفس العائلة.
وشهداء هذه المجزرة هم: رسمي سالم أبو ملحوس (45 عاما)، يسرى محمد أبو ملحوس (39 عاما)، مريم سالم أبو ملحوس (35 عاما)، وسيم محمد سالم أبو ملحوس (12 عامًا)، مهند رسمي سالم أبو ملحوس (13 عامًا)، معاذ محمد سالم أبو ملحوس (7 أعوام)، فارس محمد سالم أبو ملحوس وسالم محمد سالم أبو ملحوس (4 أعوام) كما سقط 12 جريحا غالبيتهم من أطفال.
وقال حقوقيون ومحامون فلسطينيون إن قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية متكاملة الاركان خلال عدوانها الأخير على غزة.
وقال عبدالرحمن أبو كويك، مسؤول منتدي المحامي الفلسطيني في الاتحاد الإسلامي للنقابات، إن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يرتكب جرائمه ضد الشعب الفلسطيني الأعزل ويستخدم جميع أنواع الأسلحة المحرمة دوليًا ضد المدنيين في غزة دون أن يكون له أي رادع دولي أو أخلاقي.
واعتبر أبو كويك أن العدوان الصهيوني على القطاع والانتهاكات الجسيمة التي يقترفها قادة الاحتلال للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان جميعها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأضاف "منذ اللحظات الأولى لهذا التصعيد الصهيوني العنصري الغاشم باستهدافه القائد بهاء ابو العطا وزوجته أسماء ابو العطا، وقادة الاحتلال في الكيان الصهيوني مستمرون باستهداف المواطنين المدنيين الأبرياء ومنازلهم وسيارات الإسعاف وقتل الأطفال الأبرياء والنساء والشيوخ، هذا كله يؤكد للجميع بأن كيان الاحتلال الإسرائيلي كيانٌ مارق وخارج عن القانون يرى نفسه فوق الجميع وفوق القانون الدولي".
استخدام الاحتلال للقوة المفرطة والأسلحة المحظورة والمحرمة دوليًا مخالف للقانون والاتفاقيات الدولية
وتابع أن "العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وخاصة جرائمه المستمرة على المدنيين في المسيرات السلمية بمسيرات العودة على الحدود الشرقية لقطاع غزة يعتبر أنه انتهاك لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة التي حظرت على سلطات الاحتلال مواجهة المدنيين في وقت السلم، وإن تدمير المباني السكنية على رؤوس ساكنيها خاصة الآمنين في بيوتهم كعائلة ابو ملحوس وعائلة عبد العال وعائلة عياد ستلاحقهم".
واعتبر أبو كويك أن استخدام الاحتلال للقوة المفرطة والأسلحة المحظورة والأسلحة المحرمة دوليًا جريمة حرب ضد المدنيين الفلسطينيين، مخالفًا القانون الدولي والاتفاقيات الدولية.
وحمّل قادة الاحتلال المسؤولية القانونية عن الجرائم التي اقترفها في قطاع غزة بحق المدنيين وممتلكاتهم، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن الصمت الرهيب والصمت العربي المريب عما يرتكبه قادة العدو من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وطالب المجتمع الدولي والعربي والعالم الإسلامي بالتحرك العاجل لمنع تكرار هذه الانتهاكات وحماية المدنيين الفلسطينيين كجزء أصيل من واجبه القانوني والإنساني بموجب القانون الدولي، داعيا شعوب العالم الحر والمتضامنين والمحبين للعدالة والسلام بتكثيف حراكهم الشعبي للتضامن ودعم الشعب الفلسطيني والضغط على حكوماتهم للتحرك بإلزام الكيان الغاصب لأرض فلسطين بعدم تكرار اعتداءاته بحق الشعب الفلسطيني.
وطالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لحماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعدم تكرار هذا العدوان واتخاذ الخطوات الكفيلة بضمان إلزام كيان الاحتلال باحترام التزاماته القانونية بموجب القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
كما طالب جامعة الدول العربية بالتحرك العاجل بما يضمن لجم العدوان الإسرائيلي، ومنعه من قتل المدنيين الفلسطينيين، وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها.. وطالب اتحاد المحامين العرب القيام بدوره وبأخذ زمام المبادرة في فضح انتهاكات الاحتلال وملاحقته قضائياً ودولياً.
وطالب القيادة الفلسطينية وعلى رأسهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بتسليط الضوء على هذه الجريمة النكراء والدعوة لتشكيل لجنة تحقيق للتحقيق في هذه الجرائم المُثبتة بكل الانتهاكات والدلائل الدامغة على إجرام قادة الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وطالب مؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان العربية والدولية بالخروج عن صمتها وعدم الكيل بمكيالين أمام انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني نتيجة العدوان.
كما طالب وزارة العدل ومؤسسات حقوق الإنسان والخبراء في القانون الدولي وجميع الحقوقيين برصد وتوثيق الانتهاكات والجرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني وتحضير الملفات الكاملة بالأدلة المتمثلة بالشهادات والصور والتقارير الطبية وكافة أدلة الإثبات، لملاحقة مقترفي هذه الجرائم ومحاكمتهم أمام المحاكم الجنائية الدولية لعدم إفلات قادة الاحتلال من العقاب.
ودعا الأطراف السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة للوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية، والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال، كذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 من الاتفاقية بملاحقة المتهمين باقتراف المخالفات الجسيمة للاتفاقية.
وطالب أبو كويك برفع الحصار الظالم عن الشعب الفلسطيني وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه مؤخراً، كما طالب القيادة المصرية بالضغط على قيادة الاحتلال لاحترام القانون الدولي الإنساني، مطالبا الدول العربية بالوقف الفوري لكافة أشكال التطبيع مع الاحتلال وتكثيف الجهود بدعم القضية الفلسطينية وإعطائها الأولوية كما كانت في السابق.
حقوقيون وشخصيات فلسطينية وقعوا عريضة لفضح جرائم الاحتلال
ووقع حقوقيون وشخصيات فلسطينية على عريضة لفضح جرائم الاحتلال، وقال الموقعون "إنه لا يمكن لقوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي تبرير المس الجسدي للأطفال الفلسطينيين وقتلهم بشكل مباشر ومتعمد ومخطط له، تحت أي ادعاء كان؛ خاصة إن قوات الاحتلال تملك ترسانة عسكرية متطورة تكنولوجياً قادرة على التمييز الدقيق بين المدنيين والمقاتلين والاعيان المدنية والأهداف العسكرية".
وأضاف الموقعون أنه مازال لديهم شكوكا عالية تجاه حالة عدم التحرك الفلسطيني الرسمي لضمان فضح الجرائم الإسرائيلية وضمان مساءلة قوات الاحتلال أمام العدالة الدولية، وفي الوقت الذي يدينون التقاعس الرسمي الفلسطيني عن القيام بالواجب الأخلاقي والقانوني لحماية المدنيين وتوظيف كافة الأدوات القانونية لمحاسبة الاحتلال.
الموقعون طالبوا الرئاسة الفلسطينية ووزارة الخارجية الفلسطينية بضرورة الشروع الفوري بإجراءات ذات مغزى تضمن حقوق الضحايا الفلسطينيين وعائلاتهم، والعمل على ما يلي:
أولا- تبني إعلان استراتيجية فلسطينية واضحة المعالم ترتكز على تدويل الصراع وتفعيل آليات المحاسبة لقادة الاحتلال، من خلال العمل مع وإلى جوار المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة، لحثها لاتخاذ قرار عادل وسريع بفتح تحقيق جنائي في الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في الحالة الفلسطينية.
ثانيا- العمل على إعداد ملفات قانونية للجرائم الإسرائيلية ومن بينها الجريمة التي راح ضحيتها أفراد من عائلة السواركة، وذلك للسعي لإحالتها للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة بموجب المادة 14 من ميثاق روما، ما من شأنه ضمان عدم افلات المجرمين الإسرائيليين من العقاب.
ثالثا- تطوير عمل اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، المشكلة بموجب مرسوم رئاسي بتاريخ 7 شباط/ فبراير 2015، بجعل مهامها أكثر واقعية وتلامسا للحالة الفلسطينية، وردفها بكفاءات فلسطينية في مجال القانون الدولي، وضمان قيامها بدورها في إحالة جرائم الاحتلال بحق الاسرى والاستيطان الاستعماري والعدوان على قطاع غزة والجرائم الإسرائيلية بحق المتظاهرين سلميا في مسيرات العودة وكسر الحصار الى محكمة الجنايات الدولية.
رابعا- زيادة وتحسين درجات تدخل السلطة الوطنية الفلسطينية في إطار توظيف القانون الدولي وأدواته المختلفة، والتأكيد على عدم رهن المسار الحقوقي والقانوني الدولي بأي شكل من الأشكال بأي مكاسب سياسية وخاصة مسار المفاوضات.
وقال إن تعطيل أو تأخير أعمال مبدأ المساءلة والمحاسبة الدولية، وتقاعس القيادة الفلسطينية عن استخدام آليات المحاسبة للاحتلال يعني باختصار تشجيع قوات الاحتلال على ارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات الجسيمة الموصوفة بنظام المحكمة الأساسي، واتفاقيات جنيف الأربعة وخاصة الاتفاقية الرابعة 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977.
المجزرة الصهيونية لاقت ادانة اممية ودولية واسعة
ولاقت المجزرة الصهيونية ادانة اممية ودولية، فقد قدم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تعازيه لعائلة السواركة (أبو ملحوس) في دير البلح وسط قطاع غزة، التي استشهد ثمانية من أفرادها جلهم من النساء والأطفال، وقال فرحان حق، نائب المتحدث باسم غوتيريش، إن "الأمين العام يعرب عن صادق تعازيه لعائلة السواركه ويتمنى الشفاء العاجل للمصابين، ويدعو "إسرائيل" إلى التحرك بسرعة لإجراء تحقيقات".
وأضاف حق في مؤتمر صحفي دوري "نحن نعارض جميع عمليات قتل المدنيين"، مضيفاً إنه "في حالة عائلة السواركة، من الواضح أنها مأساة".
ونعى الاتحاد الأوروبي المدنيين الـ34 الذين استشهدوا في الغارات الجوية الإسرائيلية خلال الأيام الأخيرة في قطاع غزة، وبينهم 8 أطفال.
وقال الاتحاد الأوروبي في بيان صدر عن مكتبه في القدس، إنه سيتابع عن كثب مع السلطات الإسرائيلية نتائج التحقيق في حادث قتل 8 أفراد من نفس العائلة في غزة يوم 13 تشرين الثاني/نوفمبر، والذي ينبغي أن يكون شفافا، وأن يتماشى مع المعايير الدولية ويضمن المحاسبة.
وأضاف أن يجب على "إسرائيل" ممارسة ضبط النفس وبذل كل ما في وسعها لتجنب وقوع الإصابات في صفوف المدنيين بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي.
واعتبر البيان أن إطلاق الصواريخ على التجمعات المدنية في "إسرائيل" أمر غير مقبول.