معركة أولي البأس

خاص العهد

إقالة غالانت: الأسباب الخفية وراء تآكل النفوذ العسكري الإسرائيلي
07/11/2024

إقالة غالانت: الأسباب الخفية وراء تآكل النفوذ العسكري الإسرائيلي

بعد أيام من الجدل السياسي والتسريبات الإعلامية التي أثارت اهتمام الأوساط السياسية والعسكرية في إسرائيل، جاء قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإقالة وزير الدفاع يوآف غالانت ليشكل نقطة تحول في مسار الحكومة الإسرائيلية الحالية.

 هذا القرار ليس مجرد خطوة إدارية، بل يعكس توترات عميقة في السياسة الداخلية الإسرائيلية ويعكس صراعًا متزايدًا على السلطة والنفوذ داخل الحكومة الإسرائيلية، فضلاً عن انقسامات حادة بين المؤسسة العسكرية والسياسية. في هذا التقرير، نعرض أبرز الأسباب التي أدت إلى إقالة غالانت وتأثيرات القرار على الوضع السياسي والعسكري في الكيان الصهيوني.

 رفض غالانت التسويات ورفض تجنيد الحريديم

الخبير في الشؤون الصهيوني إسماعيل مسلماني أكد أن منذ توليه منصب وزير الدفاع، كان غالانت في مواجهة مع أحزاب الائتلاف الحريدي التي تطالب بتسوية قانونية تتيح لهم مزيدًا من التسهيلات في ما يتعلق بالتجنيد العسكري.

وفي حديث لموقع العهد الإخباري قال مسلماني:" في وقت سابق، رفض غالانت أي تسوية مع الأحزاب الحريدية حول تجنيد الشباب الحريديم في الجيش، مما أثار خلافات بينه وبين قادة هذه الأحزاب".

وأضاف:" بينما كان غالانت يدعو إلى زيادة تجنيد الحريديم في صفوف الجيش، فإن الحريديم كانوا يرفضون ذلك، مطالبين بالحفاظ على استثناءاتهم من الخدمة العسكرية".

وأشار إلى أن هذا الموقف الصارم من غالانت دفع الحكومة إلى اتخاذ قرار بإقالته لإرضاء الحريديم الذين يشكلون جزءًا مهمًا من الائتلاف الحكومي. في هذا السياق، يُعتقد أن إقالة غالانت كانت خطوة ضرورية لتهدئة المعارضة الداخلية وضمان استقرار التحالف الحكومي.

إرضاء ساعر وقانون منع التجنيد

ورأى الخبير بالشؤون الصهيونية أن السبب الثاني وراء إقالة غالانت يتصل بالعلاقات المعقدة بينه وبين وزير القضاء السابق جدعون ساعر الذي كان من بين معارضي التجنيد الإجباري.
 
كما أن ساعر الذي يترأس حزب "أمل جديد" كان قد رفض القانون الأخير الذي يمنع التجنيد، مما جعله في صراع مستمر مع غالانت.

 الآن، وبعد أن تم تعيين ساعر وزيرًا للخارجية في الحكومة الجديدة ، فقد أصبح له نفوذ كبير في تشكيل السياسات الحكومية المتعلقة بالقضايا العسكرية وفق مسلماني.

وبيّن أن تزامن هذا التحول مع إقالة غالانت، هو خطوة لتكريس دعم ساعر في الحكومة وضمان تماسك الائتلاف الحكومي. كما أن تعيين يسرائيل كاتس وزيرًا للدفاع قد يساهم في تعزيز هذا التوازن السياسي.

الصراع مع المؤسسة العسكرية

من بين الأسباب الأخرى التي دفعت نتنياهو لإقالة غالانت بحسب مسلماني، هو ما يراه "عدم ولاء" من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، خاصة في أعقاب التحقيقات والتسريبات الإعلامية التي تطرقت إلى قضايا حساسة تتعلق بمكتب رئيس الحكومة.

كذلك، يشعر نتنياهو بأن بعض القادة العسكريين، وعلى رأسهم القائد العام لهيئة الأركان الجنرال هرتسي هليفي، كانوا وراء التسريبات التي تهدف إلى تقويض سلطته.

بحسب بعض المصادر المقربة من نتنياهو، يعتقد رئيس الوزراء أن هذه التسريبات والتحقيقات الأمنية كانت جزءًا من حملة ابتزاز سياسي موجهة ضده من قبل بعض الأوساط العسكرية.

وذكر إسماعيل مسلماني في حديثه لـ"العهد" أن التحقيقات الأخيرة قد شملت قضايا تتعلق بمكتب نتنياهو نفسه، وهو ما فسره بعض المراقبين على أنه نوع من الضغط على رئيس الحكومة ليبتعد عن اتخاذ قرارات حاسمة، مثل إقالة غالانت.

إبعاد الصحافة عن التحقيقات: خطوة لتخفيف الضغط الإعلامي

واعتقد مسلماني أن إقالة غالانت قد تكون أيضًا جزءًا من إستراتيجية نتنياهو لتخفيف الضغط الإعلامي الذي يحيط بالتحقيقات المستمرة حول مكتبه، فقرار إقالة غالانت جاء في وقت حساس، حيث كانت الصحافة الإسرائيلية تركز على التحقيقات الجارية والمعلومات التي تُنشر حول القضايا الأمنية.

كما أن إقالة غالانت يمكن أن تكون محاولة لتقليل الاهتمام الإعلامي بهذه التحقيقات وتحويل الأنظار إلى التطورات السياسية الأخرى.

خلافات حول قضية الأسرى وإدارة الحرب

وتطرق مسلماني إلى خلافات جوهرية بين نتنياهو وغالانت بشأن كيفية التعامل مع قضية الأسرى الفلسطينيين وإدارة العمليات العسكرية. غالانت كان يدعو إلى موقف أكثر تشددًا في التعامل مع الفصائل الفلسطينية، بينما كان نتنياهو يتبنى سياسة أقل حدة تهدف إلى تجنب التصعيد العسكري الذي قد يؤثر على الاستقرار الأمني والاقتصادي في إسرائيل.

بالإضافة إلى اختلاف الرؤى بين غالانت ونتنياهو حول كيفية إدارة الحروب المستقبلية في غزة ولبنان،إذ إن غالانت كان يضغط من أجل إستراتيجيات أكثر هجومية لتقوية الردع الإسرائيلي، بينما كان نتنياهو يفضل التركيز على الجوانب السياسية والدبلوماسية لتجنب التورط في صراعات مسلحة طويلة الأمد.

إنجازات غالانت العسكرية: فوز عسكري على غزة ولبنان ولكن...

وشدد مسلماني على أن غالانت قد حقق العديد من الإنجازات العسكرية البارزة في غزة ولبنان، حيث تمكن الجيش الإسرائيلي تحت قيادته من تنفيذ ضربات ناجحة ضد المقاومة على الجبهتين، إلا أن توقيت الإقالة يعكس بشكل كبير حاجة نتنياهو إلى تعزيز دوره السياسي بعد النجاحات العسكرية.

كم أن أداء غالانت العسكري الجيد لم يكن كافيًا ليمنعه من مواجهة التحديات السياسية التي ظهرت داخل الحكومة. إن القرار بإقالته جاء في وقت كان يتعين فيه على نتنياهو التركيز على مصالحه السياسية والبقاء في السلطة.

اختلافات حول إنهاء الحرب: غالانت يطالب بنهاية حاسمة ونتنياهو يفضل الاستمرار

مسلماني رجّح أن خلافاً كبيراً بين غالانت ونتنياهو حول إدارة الحرب المستمرة في غزة. بينما كان غالانت يرى ضرورة إنهاء الأعمال الحربية بشكل حاسم لوضع حد للفوضى العسكرية والسياسية، كان نتنياهو يرى أن البقاء في حالة حرب مستمرة يسمح له بالحفاظ على وضعه السياسي وتجنب ضغوط الرأي العام والمجتمع الدولي.

إقالة غالانت  بحسب رؤية الخبير بالشون الصهيونية كانت خطوة من نتنياهو لضمان  استمرار الحرب تحت إشراف شخص آخر، يفضل نهجًا أكثر توافقًا مع مصلحته السياسية.

وختم إسماعيل مسلماني حديثه مع موقعنا قائلاً:"إن إقالة يوآف غالانت من منصب وزير الدفاع لم تكن مجرد حدث سياسي عابر، بل كانت قرارًا إستراتيجيًا يعكس العديد من التوترات داخل الحكومة الإسرائيلية وعلى الساحة العسكرية.

كما أن تداعيات هذه الإقالة ستتجاوز السياسة المحلية لتؤثر في العلاقات بين الحكومة والمجتمع العسكري، فضلاً عن التأثيرات المحتملة في إدارة السياسة الأمنية والعسكرية في المستقبل.

الكيان الصهيونيبنيامين نتنياهو

إقرأ المزيد في: خاص العهد