خاص العهد
احتضان واسع للنازحين الجنوبيين.. "بيوتنا مفتوحة ومعًا لمقاومة العدوّ"
لا يختلف اثنان على أنّ لبنان بلد العيش المشترك، يتداعى أهله إلى التكاتف كلّما لزم الأمر، وخاصة في الأزمات والحروب والملمات، وهذا ديدنهم، نشأوا عليه بوعي ودراية، ليجدّدوا بذلك عهدهم على حماية لبنان من كلّ المتربصين به شرًا.
اليوم، وفي ظلّ العدوان الصهيوني المتواصل على لبنان منذ عشرة أشهر، وفي ظلّ الحديث عن احتمالات اتساع رقعة الحرب، كان لافتًا اتساع دائرة المبادرات الفردية والجماعية التلقائية لاحتضان النازحين، حيث بادر المواطنون من مختلف المناطق لفتح منازلهم لإيوائهم في إطار التكافل الاجتماعي الذي يبقى عنوانًا لتضامن ونجاح المجتمعات ورقيّها، الأمر الذي شكّل صفعة لكل من يصطاد في الماء العكر محاولًا استغلال الحرب لغايات شخصية وأخرى فتنوية وطائفية.
البقاع
بقاعًا، نشطت جهات مختلفة من أجل احتواء النازحين من مختلف المناطق المعرضة للعدوان، ما يؤكد على الترابط والتلاحم المجتمعي. لم يكن الأمر خجولًا، بل تسابق أهل البقاع لمواكبة هذه المحنة على طريقتهم كي يؤدّوا واجبهم نحو أهلهم الجنوبيين.
عددٌ كبير من أبناء بعلبك وقرى البقاع نشروا أرقام هواتفهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأبدوا استعدادهم وحماستهم لاستقبال أهل الجنوب الصامد والمقاوم، مؤكدين أنّ بيوتهم فداءٌ لكل من قصدهم من النازحين، فهم في خندق واحد ضدّ عدوّ لا يفقه الدين والأخلاق ولا يفهم إلا لغة القوّة والتحدي والمواجهة.
الشيخ محمد كحيل من بلدة رياق البقاعية أحد المبادرين والمواكبين، رأى في حديث لموقع العهد الإخباري أنّه "انطلاقًا من الجانب الديني والإنساني والأخلاقي والتكافل المجتمعي الذي حثّ عليه ديننا الحنيف، ولأنّ أهل الجنوب هم أهلنا وإخواننا، كان لا بدّ من الوقوف إلى جانبهم والسعي لتأمين أماكن سكن بالمجان لاستقبالهم وتكريمهم، كوجه من أوجه مقاومة العدوّ والصمود في وجهه".
وأضاف "بدأ الأمر بمبادرة فردية، ثمّ بدأنا بتلقي الاتّصالات على الأرقام التي وضعناها على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تمّ تأمين عشرات المنازل أغلبها مجهز بالأثاث. واليوم مستمرّون بالعمل على تأمين المزيد في المنطقة والقرى المجاورة (مدينة بعلبك، حارة الفيكاني، علي النهري، الحلانية، سرعين، حور تعلا، اليمونة، طاريا، الخضر، يونين، اللبوة، الفاكهة، وغيرها)".
الجبل
إلى الجبل، لا يختلف المشهد، نجد وفرة في المبادرات أيضًا، فقد أكد رئيس بلدية بيصور نديم ملاعب، أنّ "التكافل بين أبناء الوطن هو حاجة ماسة في ظلّ الظروف الراهنة، فالعدوّ "الإسرائيلي" عدوّ الجميع ولا يميّز بين طائفة وأخرى أو بين حزب وآخر، هو متربص بالجميع، والكل عرضة لأن ينزح من بيته طالما هذا العدوّ موجود، لذا كان لا بدّ لبلدية بيصور من أن تستقبل أهلنا النازحين من الجنوب في بيوت بإيجارات مخفّضة تراعي أوضاع الناس وظروفها الاقتصادية الصعبة".
ويضيف ملاعب، في حديث لموقع العهد، أنّه "وبالتآزر بين البلدية وأهالي بيصور تمّ تجهيز مراكز ومدارس البلدة لاستقبال أهلنا النازحين فيما لو فُرضت علينا الحرب، حيث سنكون في خدمتهم كما كنا في حرب تموز عام 2006".
الشمال
بدوره رئيس المركز الوطني في الشمال كمال الخير، أكد في حديثه لموقع العهد أنّ "العمل جارٍ بشكل جدي وبتنسيق على مستوى كبير في التحضير لأي أمر يطرأ وذلك لاستقبال إخوتنا النازحين من الجنوب"، مشيرًا إلى أنّ "هناك شققًا مجانية مفروشة جاهزة لاستقبال النازحين إضافة إلى المتبرعين الذين وهبوا منازلهم لأهلنا في الجنوب".
ولفت إلى أنّ "هناك أهالي قاموا بإخلاء منازلهم وعادوا إلى منازل عائلاتهم لتقديم منازلهم لأهلنا النازحين".
وشدّد الخير على أنّه "أقل واجب ألّا يشعر هؤلاء الشرفاء من جمهور المقاومة وعوائل الشهداء والمجاهدين الذين يدافعون عن وطننا بأنّهم انتقلوا من مكان إلى آخر"، مضيفًا أنّ "هؤلاء ضحّوا بأغلى ما يملكون ويدافعون عن الأمّة كلّها، فإنّه من أقل الواجب أن نحسن استقبالهم".
الضاحية الجنوبيةبعلبكالبقاعالجنوبطرابلس والشمالجبل لبنان