اغتيال القائدين الكبيرين شكر وهنيّة: جريمتان موصوفتان في القانون الدولي

في انتهاك صارخ وفاضح، وصلت يد الغدر الصهيونية مرة جديدة إلى عمق الضاحية الجنوبية لبيروت. هذه المرة المستهدف هو القائد الجهادي السيد فؤاد شكر (السيد محسن) الذي نعاه حزب الله اليوم شهيدًا كبيرًا على طريق القدس، إضافة إلى استشهاد وجرح عدد من المدنيين اللبنانيين.

وعلى المقلب الآخر، في العاصمة الإيرانية طهران، طالت يد الغدر والإجرام الصهيونية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ليرتقي شهيدًا كبيرًا في سبيل فلسطين.

اغتيال القائدين شكر وهنية يمثل انتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، كما أنّ هذا العمل الإجرامي يتعارض بشكل مباشر مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني. وهاتان الجريمتان هما بمثابة جريمتي حرب وفقًا للمادة الثامنة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تعرّف القتل العمدي كجريمة حرب، كما إنّ كلا الجريمتين تنتهكان أيضًا المادّة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف التي تحظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية للأشخاص الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال "العدائية".

ووفق ميثاق الأمم المتحدة "يجب على کل دولة يقع عليها عدوان أن تدافع عن نفسها طبقًا لحق الدفاع الشرعي المنصوص عليه في المادّة (51) منه وأن تتصدّى لهذا الهجوم، وتحرم استخدام القوّة أو التهديد بها طبقًا للمادة (2/4) من الميثاق وأيضًا عدم فتح المجال لتداخل واختلاط بعض المفاهيم في إطار السياسات الدولية والاستراتيجيات الحربية مع المبادئ القانونية، وعدم الإقرار بالحرب الوقائية لأن ذلك يؤدي إلى الفوضى الدولية. ليس هذا فحسب بل إنه يعدّ أکبر تهديد للسلم والأمن الدوليين".

لطالما سعى كيان العدوّ لتنفيذ سلسلة من الاغتيالات والهجمات، الأمر الذي شكّل نمطًا متكرّرًا من انتهاكات القانون الدولي، لا سيّما مبدأ التمييز المنصوص عليه في المادّة 48 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، والذي يلزم أطراف النزاع بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين. 

كما أنّ الهجمات العشوائية على المناطق المدنية في غزّة تنتهك المادّة 51 فقرة 4 من البروتوكول الإضافي الأول التي تحظر الهجمات العشوائية التي لا تميّز بين الأهداف العسكرية والمدنية.

عدوان "إسرائيل" في تنفيذ عمليات الاغتيال خارج نطاق القضاء يقوض بشكل خطير النظام القانوني الدولي، لأن هذه الأعمال تنتهك أيضًا الحق في الحياة المكفول بموجب المادّة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما أنّه وفقًا للمادة 25 من نظام روما الأساسي، فإن الأفراد الذين يأمرون أو يخططون أو ينفذون مثل هذه الجرائم يتحملون المسؤولية الجنائية الفردية أمام المحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي يضع الولايات المتحدة الأميركية أيضًا كونها الداعم الأساسي لـ"إسرائيل"، في خانة الشريك معها وعليه فلا بدّ أن تتحمل مسؤولية الجرائم التي تقترفها الأخيرة.

الوزير السابق عدنان منصور يؤكد لموقع العهد الإخباري أنّ كلّ الاعتداءات "الإسرائيلية" على لبنان شكّلت خرقًا للسيادة والقانون الدولي، والعدوان الأخير الذي حصل أمس على الضاحية الجنوبية لبيروت والعاصمة الإيرانية طهران هو خرق للمواثيق والقوانين الدولية، وعدم وجود الرادع الحقيقي يجعل كيان العدوّ العنصري يتمادى كلّ يوم باعتداءاته وتوسيع نطاق عملياته لا سيّما أنّ هذا الكيان نشأ على العنف والقتل والإبادة.

وما يجري اليوم وفق منصور في غزّة، منذ قرابة العشرة أشهر خير دليل على ذلك. والاستهداف في كلا العاصمتين اللبنانية والإيرانية دليل على أنّ "إسرائيل" لن تتوقف عن اعتداءاتها، وهذا الأمر تجلّى عند إلقاء نتنياهو خطابه الأخير في الكونغرس الأميركي حينما أكد أنّهم في الكيان "ذاهبون إلى آخر الطريق للقضاء على المقاومة"، وقد قوبل كلامه بتصفيق حاد في الكونغرس الأمر الذي يعني أنّ الأخير (الكونغرس)، وافق على ما يقوم به من حرب، وهذا يعني أنّ هناك غطاء أميركيًا، وما حصل في كلا العاصمتين بالأمس لن يحبط من عزم وإرادة المقاومين وسيستمر النضال والدفاع عن الأرض حتّى النصر.

وبحسب منصور فإنّ تقديم أي شكوى ضدّ "إسرائيل" لدى مجلس الأمن في الأمم المتحدة حق طبيعي للبنان للتأكيد على حقوقه، لكنّه لن يغيّر من واقع الأمر شيئًا فما هو إلا أمر شكلي، فمن سيردع "إسرائيل" عن عدوانها؟ يقول منصور: لا أحد، لا سيّما أنّ معظم الدول التي تتمتع بحق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن هي إلى جانب "إسرائيل" ولن تقبل بأي قرار يدينها خاصة الولايات المتحدة الأميركية. فكم من القرارات الدولية لم تلتزم "إسرائيل" بها؟ فهي دائمًا تجد من يرعاها ويقف إلى جانبها ويحميها. من هنا يمكن القول إنّه لا يمكن ردع "إسرائيل" ولا حتّى إدانة الولايات المتحدة الأميركية الداعم الأساسي لها كون حليفتيها بريطانيا وفرنسا لن تسمحا بذلك ياستخدامهما "الفيتو".

اليوم، بحسب منصور، سننتظر ما ستؤول إليه الأوضاع في الأيام المقبلة، فالمقاومة الإسلامية بقيادتيها السياسية والعسكرية أدرى بإمكانياتها وبالواقع، كما أنّ إيران كدولة قوية أيضًا هي التي تقرر كيفية الرد حيال جريمة الشهيد هنية الأمر الذي لا يمكن التكهن به، وكلّ  ما حصل لن يوقف زخم المقاومة التي من الطبيعي أن تقدّم التضحيات لكنّها لا بدّ من أن تنتصر والتحرير آت لا محالة.

غزةالضاحية الجنوبيةالشهداءفؤاد شكرالسيد محسن

إقرأ المزيد في: خاص العهد