خاص العهد
14 عامًا في السياسة الباكستانية: "مجلس وحدة المسلمين" يدخل قلوب الشباب
منذ تأسيسه في عام 2009 برئاسة أمينه العام الشيخ رجا ناصر عباس، رسم "مجلس وحدة المسلمين" مسارًا تصاعديًا أثمر أخيرًا بحصوله على نائب في البرلمان المركزي وسيناتور في مجلس الشيوخ. 14 عامًا من العمل السياسي الواضح، وبتحالفات داخلية متينة، نجح المجلس في تكريس نفسه كحزب سياسي ممثل في الحكم.
فالنهج الذي سلكه مجلس وحدة المسلمين منذ عام 2013، بعد اعتراف لجنة الانتخابات الوطنية به رسميًا ومنحه رمز "الخيمة" للمشاركة في الانتخابات، أدخله في تحالفات متينة أبرزها التفاهم السياسي مع حركة الإنصاف بزعامة رئيس الوزراء السابق عمران خان.
شعبية المجلس الجماهيرية الموزعة على 266 دائرة انتخابية، تحرمه من ضمان وصول مرشح دون التحالفات السياسية. إلا أن وقوف المجلس إلى جانب خان بعد الأحداث الأخيرة، وسلسلة الاتهامات الزائفة التي واجهتها حركة إنصاف وأنتجت اعتقال رئيسها ظلمًا، ضمنت للمجلس تأييد جماهير خان، وحصوله على عضو واحد في البرلمان المركزي.
يرى الشعب الباكستاني في الأمين العام للمجلس الشيخ عباس قائدًا وفيًا لخان، إذ لم يتركه رغم كل الضغوطات السياسية. فالعلاقة التي رسمها المجلس مع حركة الإنصاف كانت واضحة من البداية (7 بنود شكلت اتفاقية التحالف)، أبرزها منع التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية ومحاربة الفساد المستشري منذ سنوات.
في انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة، في مطلع شهر نيسان/أبريل الماضي، ترشح الشيخ رجا ناصر عباس باسم المجلس مدعومًا من حركة الإنصاف. وبعد انتخابات صعبة، نتيجة الظروف الداخلية الصعبة والتحريض السياسي والطائفي، وصل الشيخ عباس إلى المجلس وعُيّن رسميًا سيناتوراً.
يعتبر وصول الشيخ عباس إلى مجلس الشيوخ ثاني أهم إنجاز سياسي يحققه المجلس، بعد وصول مرشحه إلى البرلمان المركزي. ورغم أن المجلس يمتلك عضوًا واحدًا في مجلس الشيوخ من أصل 100 سيناتور، إلا أن شخصية الشيخ عباس وحضوره القوي بين الشعب، وجولاته في القرى الباكستانية ولقاءاته بالفعاليات والأهالي، عززت دوره كثيرًا. فعند ملايين الباكستانيين يعتبر الشيخ عباس صوت الوحدة في البلاد، ونصير خان المخلص، والحليف الذي لا يخذل حليفه مهما اشتدت الظروف.
وبعد فوز الأمين العام للمجلس بمنصب السيناتور، يتابع الشيخ عباس الملف الاقتصادي في البلاد. على خطى خان، يبحث عن مخارج اقتصادية للأزمة القائمة، خاصةً بعد إشراكه في اللجان البرلمانية الاقتصادية. هذا وينقل الشيخ عباس مطالب الأهالي بشكل دائم داخل مجلس الشيوخ، ويشكل خطابه الوحدوي الجامع محط أنظار الإعلام والقوى الشعبية والأحزاب السياسية.
فبعد 14 عامًا من العمل السياسي الحكيم، حصد مجلس وحدة المسلمين لنفسه مقعدًا - صعب التجاوز - في اللعبة الداخلية. حتى بقية الأقطاب الشيعية الباكستانية التي عارضت آلية عمل المجلس بدايةً، رحبت بما وصل إليه. فالتجربة الناجحة، القائمة على أساس الشفافية والتحالف القوي، تعتبر اليوم نموذجًا جديدًا في العمل السياسي وتشكل أملًا لملايين الشباب الباكستاني.
خلال عقود، عانى الشعب الباكستاني، وخاصة فئة الشباب، من تلاعب الحكومات المتعاقبة. حتى أن الفساد المتراكم لأعوام، فرض واقعًا جديدًا في "التفاخر" بالانضمام إلى الأحزاب التقليدية الكبرى. فالكثير من النخب الباكستانية تتطلع إلى تشكيل أحزاب شعبوية جديدة، وفق مبدأ مجلس وحدة المسلمين: رفض التدخل الخارجي، محاربة الفساد، توثيق التحالفات بصورة شفافة وواضحة دون "زواريب" ومصالح السياسة الضيقة.
يعرف مجلس وحدة المسلمين جيدًا، كيف يقارب الملفات الداخلية. انطلاقًا من عقيدته الإيمانية والواضحة والتحالفات المتينة، لا يطلب المجلس أي مقاعد أو حصص في تركيبات النظام. هدفه الأساسي تحقيق مطالب ملايين الشباب، وإنتاج حكومة وطنية قوية، لا تأخذها مطبات الضغوطات الأمريكية عند كل قرار اقتصادي للبلاد مصلحة فيه.
هذه الرؤية الوطنية، كانت بدايةً غريبة عند حلفاء المجلس، إذ لم يدركوا بدايةً كيف يشاركهم بدعم قاعدته الشعبية لمرشحيهم دون اشتراط "كوتا" هنا أو مرشح هناك. يُنقل عن الشيخ عباس موقف في علاقته مع خان أن المجلس يشخّص المصلحة العليا للبلاد، ويسعى لتنفيذها بغض النظر عمن يتصدر المشهد. فالعمل السياسي لخدمة الشعب وتحقيق تطلعاته، لا لوصول الشخص إلى مركز القيادة.
اليوم، ومع وصول الشيخ عباس إلى موقع السيناتور، بات لملايين الشباب الباكستاني مرشح يعرفونه جيدًا، ويعرفون مدى شجاعته وصدقه وإخلاصه للبلاد. يلتف حوله آلاف الشباب في جولاته على القرى، وينقلون إليه مطالبهم وشكاواهم. قرى لطالما جيّشت طائفيًا، أرسلت للشيخ عباس طلبًا لزيارتها ولقاء فعالياتها.
14 عامًا من العمل، وضع مجلس وحدة المسلمين في باكستان لمسة جديدة على مسار العمل السياسي، ينظر إليه على أنه تحول كبير في فهم "خدمة الناس" لا تزعمهم.
14 عامًا من العمل، والمجلس يحصد محبة الناس لا أعدادهم. 14 عامًا من العمل، والشيخ عباس ينمو في قلوب الشباب لا بأصواتهم الانتخابية. 14 عامًا من العمل، والمجلس يكبر أملًا بأن يشكل تحولًا جذريًا في بنية الأحزاب الأخرى، ما ينتج مستقبلًا وأفقًا مميزًا بتحولات سياسية واعدة.