خاص العهد
تركيا تعيد تشكيل ميليشياتها الإرهابية في سورية
دمشق - علي حسن
كشفت مصادر متطابقة في المعارضة السورية أن تركيا التي تسيطر على أجزاء واسعة من الشمال السوري شرعت بخطة لإعاده هيكلة الفصائل الإرهابية المنضوية تحت رايتها هناك ضمن خطة واسعة وكبيرة شملت دمج بعض التشكيلات وتقليص عدد العناصر لإناطة المسؤولية الأمنية لصالح ما تسمّى وزاره الدفاع التابعة لتركيا في الحكومة المؤقتة، كبديل عن بقية الفصائل الإرهابية المتوزعة على طول الشمال السوري. وتقوم إعادة الهيكله على حل ما يسمى المجلس الاستشاري وتعيين مجلس عسكري أعلى كبديل له ورفده بعناصر وضباط من خريجي الكلية العسكرية التي استحدثتها لهم، اضافة إلى خفض عدد الفصائل وتفكيك التشكيلات التي نشأت خلال السنتين الماضيتين في الشمال السوري مثل القوّة المشتركة والقوّة الموحّدة وغيرها.
توقيت التحرك التركي وأسبابه
وفي تعليقه على الخطة التركية، قال المحلل السياسي محمد عودة لموقع "العهد" الإخباري إن هناك العديد من الأسباب والتغيرات التي دفعت تركيا إلى تطبيق خطتها الجديدة في الشمال السوري أبرزها النفقات المالية الهائلة التي باتت تثقل كاهل الميزانية التركية من خلال دفع رواتب لعدد لا يحصى من التنظيمات والمقاتلين المنضوين تحت لوائها خاصة وأنه بات غير ذي جدوى منذ فشل مشروع إسقاط الدولة السورية، فضلًا عن عمليات التسليح والدعم اللوجستي لها وتصاعد الأصوات المعارضة داخل تركيا التي بدأت تتساءل عن سبب الاستمرار في دعم هذه الفصائل على حساب المواطن التركي الذي يعاني من وطأة الضغوط الاقتصادية المتزايد نتيجة ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الليرة التركية. وإلى جانب العامل الاقتصادي باتت هذه الجماعات ذات البعد الأيديولوجي المتطرّف تشكّل خطرًا على تركيا وأمنها القوميّ نتيجة توقف القتال بشكل شبه كامل مع الجيش السوري وإمكانية تنفيذ تلك الجماعات نشاطات أمنية معادية داخل الأراضي التركية.
وأضاف المحلل السياسي إن هناك سببًا آخر للتحرك التركي وهو حالة الفوضى والانفلات الأمني التي تحدثها تلك الفصائل في الأراضي السورية الخاضعة لها وبالتالي صعوبة ضبط الأوضاع ودخول قوى دولية وإقليمية أخرى على خط تلك الفصائل وتسرب نفوذ ما يسمى "هيئه تحرير الشام" - "جبهة النصرة" بقيادة الجولاني الذي بدأ بدعم فصائل ضدّ فصائل أخرى، وأمام كلّ هذه الأسباب لم تجد تركيا بدًّا من حد نشاط هذه الفصائل وتقليص أعدادها عبر دمجها ببعضها البعض وتسريح قسم كبير من المنضوين تحت رايتها والحاقهم بالشرطة العسكرية بحيث باتت مهمتهم الجديدة ضبط الأمن في مناطق سيطرتهم بعد انتهاء مشروع مواجهة الجيش السوري والسيطرة على البلاد.
مصاعب كبيرة في طريق الخطة التركية
وعن إمكانية نجاح الأتراك في تطبيق خطتهم الجديدة، قال المحلل السياسي إسماعيل مطر لموقع "العهد" الإخباري، إنه بالرغم من تبعيّة كلّ تلك الفصائل لتركيا وخضوعها لأوامرها، إلا أن كثرتها والاقتتالات البينية في ما بينها يحولان دون تمكّن أنقرة من الوصول إلى تحقيق مرادها من الخطة فضلًا عن أن زعماء هذه الفصائل يدركون أن تحجيمهم واجبارهم على الاندماج تحت راية ما يسمى "الجيش الوطني" سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى الاستغناء عن خدماتهم، وبالتالي فإن قادة تلك الفصائل وإن أظهروا التعاون مع أنقرة فإنهم يعارضون خطتها في حقيقة الأمر وسيلجأون إلى افتعال الفوضى وخلق المشاكل للحيلولة دون تنفيذ الخطة. وبحسب مطر، فإن هناك عاملًا إضافيًا يحول بين الأتراك وتطبيق خطتهم وهو نفوذ "هيئه تحرير الشام" بين تلك الفصائل وتبعيّة بعضها لها بشكل سرّي، وبالتالي فمن البديهي أن تعمل هذه الجماعات ضمن سياسة الهيئة في إفشال خطة الدمج التركية.
وختم المحلل السياسي كلامه بالتأكيد على أن هذه الجماعات التي استمرأت سفك الدماء والسطو على الممتلكات لن يكون من السهولة بمكان توطينها وتدجينها ضمن مؤسسة عسكرية صورية ليست أكثر من واجهة لقوات الاحتلال التركية الجاثمة على الأراضي السورية.