خاص العهد
الترسيم البحري.. وأبرز ما دار في لقاء عون ـ ساترفيلد
فاطمة سلامة
لا يمكن النظر إلى "الوساطة" الأميركية في ملف ترسيم الحدود البحرية على أنها منزّهة وتحمل صفات "الوساطة"، أقله لناحية الوقوف على مسافة واحدة من "طرفي" النزاع إن رضينا التوصيف. الخلاصة تلك ليست وليدة عقائد وانطباعات مسبقة ووجهات نظر سياسية. تجربتنا نحن اللبنانيين مع الجانب الأميركي لم تكن يوماً مشجّعة، خصوصاً عندما نتحدّث عن طرف "إسرائيلي" في قضيّة ما. يقف الأميركي في صفّ "الإسرائيلي"، ويتولى دفّة الدفاع عن مصالحه حتى ولو لم يقل ذلك علناً. وحتى ولو قدّم نفسه على أنّه حكم "نزيه"، إلا أنّ "النفَس" الصهيوني حاضر في الحلول التي يُقدّمها الأميركي للجانب اللبناني كوجبات سريعة على قاعدة "take it or leave it". تماماً كما حصل في ملف الحدود البحرية، تلك القضية التي لا تزال عالقة منذ 12 عاماً، ولم يُقدّم فيها الوسيط الأميركي سوى ما يجده مناسباً وصالحاً لصديقه "الاسرائيلي" الذي يغتنم فرصة "هدر الوقت" لنهب وسرقة ثروات لبنان.
إلا أنّ هذه الحقيقة المُرة التي يعلمها لبنان الرسمي دون أن يُعلنها، لم ولن تمنعه من الاستمرار في التعامل مع الوسيط الأميركي كونه الخيار "الوحيد" لاعتبارات عدة. وهو الأمر الذي دفع رئيس الجمهورية ميشال عون الى تسليم السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد أفكارًا تتعلق بآلية عمل يمكن اعتمادها لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، مع كيان العدو. الورقة التي قدّمتها بعبدا هي خلاصة اجتماع رئاسي ثلاثي عقد في السادس من أيار/مايو الحالي في القصر الجمهوري، حيث جرى صياغة موقف رسمي موحّد حيال هذه المسألة العالقة.
وما هي إلا أيام على تسلُّم واشنطن الورقة، حتى أُعلن عن زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد الى بيروت. الأخير جال على الرؤساء الثلاثة، فسمع مجدداً وجهة النظر اللبنانية لناحية ترسيم الحدود. مصادر رفيعة أشارت في حديث لموقع "العهد" الإخباري الى أنّ ما يُميّز التحرك اللبناني هذه المرة هو وحدة الموقف فيما يتعلّق بحقوق لبنان. وأوضحت المصادر ـ التي اطلعت على أجواء اللقاءات ـ أنّ الرئيس عون جدّد الحديث أمام الزائر الأميركي عن حق لبنان في مياهه وثرواته، وتناقش المجتمعون بشكل مفصّل بالأفكار التي تضمنتها الورقة التي أرسلها الرئيس عون مع السفيرة الاميركية، والآلية التي من الممكن اتباعها في هذا المجال. وقد استوضح ساترفيلد من الجانب اللبناني بعض الأمور خصوصاً لجهة الآلية التي سيتم اعتمادها.
وتوجز المصادر حصيلة اللقاء بين الرئيس عون وساترفيلد بالآتي:
ـ لا قرار حتى الآن ولا نتائج ملموسة بانتظار اللقاءات التي سيجريها ساترفيلد اليوم في تل أبيب وتظهير الموقف "الاسرائيلي" من الملف بشكل عام والمقترحات اللبنانية بشكل خاص.
ـ عدة نقاط لا تزال عالقة لناحية طبيعة المفاوضات وزمانها ومكانها وكل ذلك سيتحدّد في ضوء معرفة الرأي "الاسرائيلي".
ـ جدّد لبنان طلبه لناحية أن تتم المفاوضات من خلال اللجنة الثلاثية (لبنان ـ الأمم المتحدة ـ كيان العدو) التي تجتمع دائماً في الناقورة بمتابعة أميركية.
ـ المشكلة لا تزال عالقة لناحية مشاركة الأمم المتحدة بالترسيم البحري، فـ"إسرائيل" سبق وأعلنت عدم موافقتها على هذا الموضوع بذريعة أن لا تكليف من مجلس الأمن للأمم المتحدة، والآن لا يزال الوضع على ما هو عليه، بانتظار استطلاع ساترفيلد للموقف "الاسرائيلي" من الأفكار اللبنانية.
ـ عبّر ساترفيلد عن استعداد أميركا ـ اذا وافق الطرفان (اللبناني والإسرائيلي) ـ أن تكون موجودة بصفة مساعد في المفاوضات ومسهّل لتقريب وجهات النظر.
وتشير المصادر الى أنّ البحث طاول النقاط العالقة بالترسيم البري لا سيما نقطة رأس الناقورة. في المبدأ هناك ارتياح أميركي للموقف اللبناني الموحّد حيال الملف بأكمله بعدما استطاع بلورة ورقة واحدة، وهذا يُسهّل من وجهة نظر ساترفيلد مهمته في التواصل مع الجانب "الإسرائيلي" للاطلاع على وجهة نظره. وقد وعد ساترفيلد الجانب اللبناني بالعودة الى بيروت لوضع المسؤولين بحصيلة النقاشات في تل أبيب.
وكان اللقاء قد استهل بين عون وساترفيلد بإجراء جولة أفق في أوضاع المنطقة خصوصاً في سوريا والعراق، والعلاقات الأميركية ـ الايرانية لجهة التوتر الحاصل بين إيران وأميركا والتطورات التي حصلت مؤخراً. وقد قدّم ساترفيلد عرضاً وشرح وجهة نظر واشنطن في هذه المواضيع.
وتختم المصادر حديثها بالاشارة الى أنّ الأمور تحتاج الى متابعة وخصوصاً لجهة الترسيم البحري الذي لا يزال غير محسوم بانتظار الاجابة "الاسرائيلية" على الورقة اللبنانية، وعليه تُحدّد الخطوات اللاحقة.
عين التينة: نسير في الاتجاه الصحيح
المشهد في بعبدا لم يكن مختلفاً عن عين التينة التي جدّدت موقفها أمام الموفد الأميركي من حق لبنان في مياهه وأرضه. وأشارت معلومات الى أنّ الرئيس نبيه بري متفائل لناحية الأجواء الايجابية التي رشحت والتي ستُتابع. وقد نُقل عنه قوله إننا نسير في الاتجاه الصحيح وهذا مرده الى الموقف اللبناني الموحّد الذي يحفظ حقوقنا في مياهنا وأرضنا وفي ثروتنا النفطية.